محمد عيسى مقاطعة جماعة الإخوان للاستفتاء على الدستور، أمر طبيعى وليس فيه جديد، وتعنى من وراء المقاطعة ليس فقط رفض الدستور، وإنما رفض النظام الحالى والمرحلة الانتقالية بكاملها. لكن قبول الشعب بالاستفتاء والذهاب إلى اللجان الانتخابية للتصويت عليه، ليس معناه قبول الدستور فقط، وإنما تأكيد منه على قبول المرحلة الانتقالية بكل ما فيها، كما يحمل تأييدًا شعبيًا جديدا لخريطة الطريق و«ثورة التصحيح» التى اندلعت يوم 30 يونيو، ومن هنا تأتى عظمة الاستفتاء على الدستور لأنه سيكون بمثابة «ملحمة شعبية كبيرة». وأعتقد أن إعلان جماعة الإخوان مقاطعتهم للاستفتاء على الدستور، فيه من المناورة والتكتيكات السياسية الكثير، فلن تترك الجماعة الاستفتاء يمر مرور الكرام، بل سيحاولون عرقلة العملية التنظيمية للاستفتاء بمظاهرات ومسيرات أمام اللجان وغيرها. فى وجود جماعة الإخوان أمام اللجان فرصة كبيرة لعامة الشعب المصرى أن يسألوهم عن سبب إصرارهم على التظاهر، ليلمس بنفسه التناقض فى إجاباتهم.. ستجد البعض يرد: دفاعًا عن شرعية الرئيس المعزول مرسى.. وسترد عليه، أو ليس الذى أسقط الشرعية هو نفسه الشعب الذى أعطاها له؟ وتجد آخرين منهم يقولون دفاعًا عن الإسلام وإعلاء كلمته. وسترد عليه، وهل معارضو الإخوان ليسوا مسلمين؟ أو ليس حزب النور السلفى - وغيره من الأحزاب الدينية المؤيد لخارطة الطريقة والاستفتاء - حزبا إسلاميا، وأكثر تشددًا فى تمكسه بالدين من جماعة الإخوان؟ حتى لا يصل الشعب إلى موعد الاستفتاء على الدستور، وإنجاز أهم وأخطر خطوة فى خطوات المرحلة الانتقالية الثلاث، وهى إقرار الدستور، ستزيد جماعة الإخوان من نشاطها لتعطيل وإرباك الحياة السياسية، وإثارة التوتر فى الشارع، والقيام بأعمال شغب وعنف. وعمليات إرهابية تقوم بها العناصر والجماعات التكفيرية. عندما تسأل جماعة الإخوان عن علاقتها بهذه العناصرالتكفيرية، فسيردون إنهم بالتأكيد يدينون مثل هذه العمليات، ولا علاقة لهم بمنفذيها. والسؤال: لماذا نشطت هذه الجماعات الإرهابية وكثرت أعمالها الإجرامية بعد عزل محمد مرسى من الحكم؟ لقد شهد مصر صباح الثلاثاء الماضى، تحولا فى نشاط الجماعات الإرهابية، حيث انفجار عبوة ناسفة بدائية الصنع فى الحى السابع بمدينة نصر، دون وقوع ضحايا أو إصابات، وأرى أن الهدف الأكبر من ذلك هو إثارة الذعر والفزع، وهو بالنسبة لهؤلاء الإرهابيين أفضل من وقوع ضحايا. لقد حكم مرسى مصر لمدة سنة فقط، وشهدت مصر من بعدها وحتى اليوم - نحو ستة أشهر- أكبر عدد من العمليات الإرهابية خلال تلك الفترة، وحكم مبارك مصر وتم خلفه بثورة ومطلب شعبى، ولم تشهد مصر بعد فترة خروجه مثل هذه العمليات الإجرامية البشعة، وهو صاحب النظام الذى حكم وتغلل فى البلد نحو 30 عامًا، وليس سنة واحدة. رحل مبارك ونظامه فى هدوء - مقارنة بما نشهده حاليًا - وفضل مصلحة البلد، على مصالحه، لكن مرسى وجماعته بعد أن تم عزلهم من السلطة، لم يفعلوا ما فعل مبارك ونظامه وتركوا البلد يسير نحو مستقبله. وعلاوة على كل هذا فمواقف جماعة الإخوان قبل وبعد السلطة فيها الكثير من التناقض، آخرها موقفها بشأن أحداث مجلس الوزراء، حيث أصدر حزب الحريه والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان، بيانا حول أحداث مجلس الوزراء منذ عامين، التى سقط فيها عشرات الضحايا بين قتيل وجريح ووصفها بأنها محاولة من قوى الغدر على المستوى الداخلى والإقليمى والدولى للتصدى للثورة المصرية. وفى الاحتفال بذكرى مرور عامين عليها الإثنين الماضى، أصدر التحالف الوطنى لدعم الشرعية الذى تقوده جماعة الإخوان بيانًا يحيى صمودهم الأسطورى هم وجميع الثوار. كفاكم استغلالا للأحداث. كفاكم تناقضًا.