لا تستعظم الأمور.. فالتهوين يجعلك تتحرك وتتقدم وتنتصر على كل مشاعر سلبية تجعلك تقف لا تتحرك.. يقول الدكتور: صلاح الراشد فى أحد محاضراته: تعلم كيف تنسى ما مضى من الآلام، لا تقبل أن تكون آلة حزن وتنديد، أنا شخصياً كنت شديد الحساسية، ربما تألمت يومين لحادثة أحرجتنى أمام الناس، كما كنت شديد الحرج كذلك من كل صغيرة وكبيرة، الأمر الذى أوقعنى فى كثير من المشاعر السلبية. التهوين يقضى على مشاعرنا السلبية تجاه الماضى، ما منا من أحد إلا وله ذكريات حادة وحرجة ومؤلمة، لكنها هى التى تصنع الأبطال، تذكر أن الذين ينعمون بالرخاء، ويتربون فى القصور، ويأكلون ما يشتهون، ويلبسون ما يريدون، ويمرحون ويسرحون، هؤلاء لا معنى لحياتهم، ولذلك فإن القادة الذين نشأوا بين المحن، هم الذين يصنعون الرجال، ويحققون الآمال، بل ويفعلون المحال، اليابان، ألمانيا وغيرهما، دول خاضت المعارك العالمية وتحطمت ثم قادت، لأن قادتهم كانوا ممن ذاقوا المحن، وأرادوا صنع الحياة وتحقيق الانتصار، وهذا مثلنا فى الخلفاء الراشدين والأئمة المجددين، بل إن هذا السبب الذى جعل جيل الصحابة فريداً، تعلم أن تُهَوِّنَ كى تعيش، ابدأ من الآن، اغلق باب التنديد والمسكنة، نحن نعيش اليوم وليس الأمس، إن ما مر بك مر بكل إنسان لكن بألوان مختلفة، لقد عاش نابليون فى قمة الجاه والسلطة والشهرة، لكنه قال فى سانت هيلينا: لم أعرف ستة أيام سعيدة فى حياتى، بينما عَبَّرت هيلين كيلر العمياء الصماء البكماء: أجد الحياة جميلة جداً، تعلم كيف تعيش سعيداً بقلب يعرف من أين يأتى بالسعادة. الحبيب يعلمنا التهوين .. لو أننا اتخذنا موقفاً من كل حادثة فسوف يقتلنا القلق، وتتآكل أعصابنا، شد يهودى على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قائلاً: (يا محمد اقض دينى، فإنى أراكم مطل يا بنى هاشم).. انظر إلى هذا المثل جيداً.. أولاً: أساء هذا اليهودى إلى الحبيب وهو رجل محفوف بمحبيه وفاديه. وثانياً: تعدت يده عليه. وثالثاً: ناداه باسمه مجرداً، وليس بينهما سابق صحبة. ورابعاً: طعن فيه، بل وفى جميع أهله. فما زاد النبى صلى الله عليه وسلم على أن ابتسم وأمر بدينه ليدفع له، والقصة مشهورة حيث أسلم اليهودى بعدها، وقد أراد أن يختبر صفة الحلم المذكورة فيه فى التوراة، تذكر أن النقد يأتى على قدر المنتقد، إنه اعتراف بقدرك ومكانتك، قل لنفسك: هذا لأهميتى. سل نفسك: هل أنا أفضل من النبى صلى الله عليه وسلم؟، تعال انظر إلى نفسك وأنت تغضب إذا ذكرك أحد بسوء أو بغلطة، بل ربما كان هذا الأحد زوجك أو صديقك، أو ربما أباك أو أمك، وأنت لا تطيق ذلك! بيت النبوة.. هل فكرت فى السبب الذى يجعل القرآن الكريم يدون حادثة الشجار التى حصلت فى بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين زوجاته؟!، أليست هذه تربية لنا لكى نعرف أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتعرض أحياناً لمثل هذه المواقف، ويصبر بل ويغفر فمن باب أولى أن نفعل نحن ذلك. إذا تعرضت لحادثة خاصة لا تستحق كأن يغمزك أحد أو يشتمك، أو يتهمك أو ما شابه ذلك، فلا تلق له بالاً، لا تعره أهمية، فى كثير من الأحيان يريد الشخص السيئ أن يجذب الانتباه بصياحه، لا تستجب لمطلبه، تعلم كيف تتجاوز صغائر الأمور، فأنت أكبر من ذلك.