لا أمل فى الوصول إلى حل للأزمة السورية قريبًا أو إزاحة الرئيس السورى بشار الأسد عن منصبه طالما بقى الوضع الحالى كما هو. فقد وصلت حدة الاقتتال والمواجهات فى الآونة الأخيرة، بين قطبى المعارضة المسلحة فى سوريا، وهما الجيش السورى الحر والمقاتلين الإسلاميين، بما فيهم جبهة النصرة أو ما يسمى بالدولة الإسلامية فى العراق والشام "داعش"، إلى حد المواجهة العسكرية المباشرة فيما بينهما، بما يطيل عمر نظام الأسد ويخدمه عن أى وقت مضى. للأسف الشديد الكل يبحث عن مصلحته الشخصية ولا يكترث بمصلحة وطن يتمزق وأفراد تموت ودماء تهدر وأرواح تزهق. فبدلاً من اعتبار نظام الأسد هو عدوهما المشترك صار قطبا المعارضة كالإخوة الأعداء الذين يتصارعون من أجل الحصول على أكبر قدر ممكن من الكعكة السورية، وباتت الاختلافات العقائدية والأهداف الاستراتيجية تفرق بينهما ما أسقطهم فى فخ الصراع الداخلى، وزاد من ضعف المعارضة. ولم تعد المعارضة السورية موحدة كما كان الحال فى بداية الأزمة، ودخلت الحرب الأهلية منعطفًا جديدًا بعد اغتيال واختطاف المعارضين الإسلاميين من تنظيم القاعدة الكوادر الكبرى فى الجيش السورى الحر، وكذلك بعد تصريحات قيادة الجيش السورى الحر الأخيرة، حول استعدادهم للتعاون مع نظام الأسد ضد المتشددين وهذا دليل على مدى التشتت والفوضى بين صفوف المعارضة السورية. ومن الواضح أن هناك ما يشير إلى سيطرة تنظيم القاعدة بفروعه المختلفة على أجزاء من سوريا تمهيدًا للعب دور فى سوريا الجديدة "مابعد الأسد" ولتتحول هذه الدولة العظيمة إلى أفغانستان جديدة يسيطر عليها الجماعات الإرهابية والتكفيرية مما ينذر بكارثة على جميع دول الجوار ومن بينها بالطبع مصر. ووفقًا لخبراء ومتخصصين، فإن المجموعات التى تدور فى فلك القاعدة أنشأت فى سوريا تحالفًا يضم نحو 45 ألف مقاتل على الأقل، أى ضعف عدد مقاتلى طالبان فى أفغانستان، بالإضافة إلى تدفق مئات المتطوعين القادمين من أوروبا وبلدان غربية أخرى للمشاركة فى صفوف مقاتلين متطرفين فى سوريا. إن أى تسليح غربى أو عربى للمقاتلين فى سوريا يعنى سيطرة أكبر للجماعات الإرهابية على تلك الدولة، وتمزيق لها وتشريد لمواطنيها وزيادة معاناتهم. وسيوجه هذا السلاح بعد ذلك إلى ضرب الأهداف والمصالح العربية والغربية، والى كل من مد به هؤلاء الإرهابيين وسينقلب السحر على الساحر. وبدلاً من أن يكون الهدف هو إسقاط نظام الأسد –القوى حتى الآن بفضل دعم روسيا له– وبناء سوريا جديدة، سيتغير ليكون كيفية القضاء على هذه الجماعات المتشددة داخل سوريا وعدم توسيع نطاق الحرب السورية لتشمل بلدان أخرى. إن كل وقت يمضى بدون الوصول حل جذرى ليس فى صالح القضية السورية، والمستفيد من بقاء الوضع كما هو عليه من تشتت المعارضة وفتح جبهات عديدة للقتال ضد النظام السورى تحت أكثر من قيادة هو نظام بشار الأسد ذاته، والذى يتخذ من وجود الجماعات الإرهابية على الأراضى السورية ذريعة لبقائه فى سدة الحكم، ومحاولة إطالة أمد المعركة حتى الرمق الأخير حتى يخرج بأقل عدد من الخسائر.