على كرسى متهالك داخل دكانه البعيد عن زحام المشهد الحسينى، يستقر الأسطى "فتحى عبده" وسط قوالب الأحذية الحريمى، منهمكا فى تفصيلها لتجد كل فتاة أو سيدة حذاءها مهما كان مقاس أقدامها بدون عناء. الرجل الستينى يعشق مهنته.. هكذا يحكى دائما عن نفسه ويقول: "أبويا أصلا جزار بس أنا من صغرى بحب الستات وبقدرهم"، ويكمل: "اشتغلت فى صناعة الجزم وعملت دكانتى دى وخليتها كله حريمى بس". "عبده" تخصص فى صناعة الأحذية الحريمى منذ خمسة عقود، وخلال عمله فى المقاسات النادرة مرت عليه مواقف طريفة، يذكر منها حين جاءته فتاة عشرينية تطلب منه حذاءً نعله أبيض ومصنوع من فراء الخروف مقاسه 45 لترتديه فى عُرسها، وموقف آخر لسيدة أربعينية طلبت منه تفصيل كمية كبيرة من الأحذية صغيرة المقاس لتعلقها ديكور على باب منزلها. وعن أسرار مهنته يحكى "عبده": "أهم حاجة قالب الجزمة يتعمل من خشب متين وبعدين بنجيب مكنة اسمها الطلاءة للمقاسات الكبيرة"، ويسكت للحظات يدور بعينيه فى أركان دكانه، ويكمل: "شكل قالب الجزمة بيحدده طلب الزبون نفسه حسب المقاس اللى عايزه"، ويتنهد ليعاود الحديث: "وبعدين يتحط القالب على ماكنية أخرى للصنفرة". يحرص "عبده" أن يكون الحذاء صحيا ليناسب أقدام الفتيات خاصة صغيرات السن منهن فيقول: "لازم رجل البنت تكون فى شكل عمودى علشان كده بحاول أعمل الكعوب مستطيلة مش دائرية لأنه معروف إن راحة الشخص تبدأ من قدميه". الأسطى "عبده" رفض أن يترك مهنته رغم التيار العاصف من المصانع التى تخصصت فى صناعة الأحذية الحريمى ذات المقاسات النادرة، مضيفا: "الشغلانة مالهاش زباين كتير فى مصر ولما الحالة بتضيق أوى بصدر للسودان".