لا شك أن نظام التعليم فى مصر يعانى من الكثير من المشكلات التى تعوق حركة التنمية والتقدم الحضارى وتؤثر سلبا على المجتمع وكل بيت مصرى وكل أسرة تتمنى النجاح والتوفيق والمستقبل المشرق لفلذات أكبادها الذين يمشون على الأرض. تعد ظاهرة الحفظ الصم والتعلم عديم المعنى أو التعلم غير المثمر من أهم المشكلات التى تهدد النظام التعليمى فى الدول النامية؛ فالتعلم المثمر الذى يعتمد على التأمل والتفكر والفهم العميق هو الذى يقود الأجيال القادمة إلى الاستمتاع بالتعلم والتجديد والإبداع وصناعة حضارة إنسانية عظيمة والتاريخ الإنسانى شاهد على هذا بينما يؤدى الاستظهار والحفظ الصم إلى الملل ونفور الدارسين من التعلم وقد قال الله عز جل فى كتابه الكريم فى سورة آل عمران "إن فى خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون فى خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار" فأصحاب العقول- كما تقول الآية الكريمة- الذين يستخدمون عقولهم فى التفكير والتفكر هم فقط الذين يستطيعون فهم الظواهر الكونية ليس أولئك الذين يفعلون كما يفعل الببغاء الذى يردد كلمات يسمعها ولا يدرك معناها. لم تظهر هذه المشكلة من فراغ فهناك عدة عوامل تسببت فى حدوثها مثل؛ اعتماد المعلم كليا على طريقة المحاضرة أو طريقة التلقين المعروفة التى تهمش دور المتعلم فضلا عن ضخامة المناهج الدراسية وطرق التقويم التقليدية التى عفى عليها الزمن. أكدت نظريات التعلم الحديثة ضرورة تشجيع الطلاب على القيام بعمل مشروعات وأنشطة تعليمية شيقة وأداء عدد من المهام task based approach يتعلمون من خلالها بشكل ضمنى غير مباشر. فعلى سبيل المثال فى فصول تعلم اللغات الأجنبية يمكن أن يقوم الطلاب بالتمثيل والغناء وعمل المجلات فيتعلمون المفردات والتراكيب اللغوية ويقومون بتفعيلها عن طريق توظيف ما تعلموه من خلال هذه الأنشطة. كما تساعد هذه الطريقة المتعلم على إدراك العلاقة بين الأشياء المجردة التى يتعلمها وبين تطبيقاتها العملية فى حياته اليومية. وينادى وزير التعليم المصرى يسرى الجمل بضرورة تطبيق نظام التقويم التراكمى المعروف عالميا بنظام ال portfolios حيث يقوم هذا النظام على تقييم الطالب تراكميا خلال العام الدراسى كله- و ليس من خلال اختبارات نهاية الفصل الدراسى فقط- و ذلك على أساس مستوى أدائه فى المهام والأنشطة التعليمية المذكورة سابقا والتى مارسها داخل وخارج الفصل من خلال معايير يستطيع المعلم على أساسها تقييم مستوى هذا الأداء rubric . أخيرا و ليس آخرا يجب أن تتوافق المناهج الدراسية وطرق التدريس وطرق التقويم مع بعضها البعض فى إطار سياسة تعليمية عامة لها فلسفة وأهداف واضحة كما يجب تدريب المعلم جيدا على كل هذه الممارسات الحديثة حتى نستطيع جميعا مواجهة تحديات عصر العولمة.