منذ عدة سنوات بدأت نغمة الاضطهاد الدينى فى الوطن العربى بشكل عام وفى مصر بشكل خاص فى التردد بصوت أعلى. قضايا أقباط المهجر، المسيحيون، البهائيون، الشيعة، الملحدون، المتنصرون والمتأسلمون من أشد الملفات خطورة وسخونة فى مصر على المستويين السياسى والاجتماعى. فالجميع يعانى والكل يشعر بالاضطهاد وكل يغنى على ليلاه، ورغم ذلك هناك ملف لم يفتح بعد ولا أدرى لماذا.. ملف اضطهاد المسلمين فى مصر. نعم: عن اضطهاد المسلمين فى مصر سأتحدث.. فإذا كانت إشكالية المسيحيين فى بناء الكنائس وصعوبة الحصول على تراخيص بناء ومشاكل خاصة بالأحوال المدنية المختصة بديانة أبناء المتأسلمين، فإن الكنيسة مفتوحة فى كل وقت لاستقبالهم. أما الجامع فهو مفتوح فقط فى أوقات الصلاة... حتى أن الاعتكاف فى رمضان على سبيل المثال من الأمور التى لا يسمح بها فى كثير من المساجد، رغم أنها سنة موجودة فى أصل الدين. أذكر قصة كانت قد قصتها على صاحبتها حين فكرت هى وابنتها فى خوض تلك التجربة الروحانية منذ سنتين تقريبا فحدث لهن ما لم تتخيله. حيث طال سؤالها عن مسجد يستقبل النساء اللاتى يردن الاعتكاف، وحين عثرن على أحدها دخلت وصلت العشاء والتراويح وجلست هى وابنتها يتلوان آيات الكتاب الكريم، ففاجأتها تصرفات سيدتين وبدأن فى سؤالها عن هويتها وابنتها بطريقة غريبة، وحتى لا أطيل عليكم فإن خلاصة القصة أن تلك السيدة حرمت هى وابنتها من تلك العبادة لتشكك الموجودين بالمسجد من هويتهما. للأسف حرم عباد الله أمة الله من المكوث فى بيت الله. لقد تم طرد السيدة وابنتها شر الطرد دون مبرر سوى الاضطهاد. القصة الثانية التى ذكرتها لى صاحبتها هى حين تجرأت وفكرت هى وأحد الرجال المحترمين فى إنشاء مسجد يخدم المنطقة وبعد ما أنشئ فكروا فى إنشاء جمعية إسلامية لتحفيظ القرآن الكريم وإقامة أنشطة اجتماعية تنفع أهالى المنطقة. فكان جزاء هؤلاء الناس التردد على أجهزة الأمن، ليس هذا وفقط بل اكتمل الأمر برسالة واضحة "مسموح لكم أن تقوموا بتحفيظ القرآن لكن لا يسمح بتدريس الفقة ولا بتفسير القرآن حتى ولو على أى داعية معترف به فى المؤسسة الدينية. أكبر دليل على الاضطهاد هو تحويل شهر رمضان من شهر عبادة ليس فقط بالصوم والصلاة بل بصلة الرحم ولم شمل الأسرة، لشهر ترفيه وموسم يتبارى فيه صناع الدراما تماماً مثل الموسم الصيفى الذى يتبارى فيه صناع السينما. ورغم اعترافى بأهمية الفن فإن ما يحدث فى شهر رمضان يعد استفزازاً حقيقياً لمشاعر المسلمين. والسؤال هنا هل سمعتم يوماً أن المسيحيين ممنوعون من تفسير الإنجيل وتدريسه لأبناء الطائفة؟، هل سمعتم يوماً أن المسيحيين ممنوعون من إقامة أى من طقوسهم واحتفالاتها وقداساتهم؟ هل سمعتم يوماً أن المسيحيين ممنوعون من استقبال أى من رجال الدين فى المنزل لإقامة جلسات وعظ وإرشاد؟ هل سمعتم يوماً أن قسيساً قد تم ترحيله من بلده لأسباب أمنية؟ حتى أن الدولة لم تتخذ أى إجراء مع شخص مثل القس زكريا بطرس الذى يهاجم الإسلام دون مبرر واضح سوى التهكم على دين آخر وازدراء تابعيه باعتبارها دولة إسلامية رغم دعوى الكثيرين بضرورة تجريد هذا الشخص من جنسيته المصرية كنوع من العقاب؟ فى الحقيقة ربما أكون قد اضطررت إلى عقد مقارنة بين وضع المسلمين والمسيحيين فى مصر كى أضرب عصفورين بحجر واحد. لقد أردت أن أقول لمواطنى مصر من المسيحيين الذين يشعرون بالاضطهاد لأنهم أقلية أنكم لا تعانون بمفردكم، فالكل يعانى حتى الأغلبية.. والسبب الآخر أن ما نحن فيه ليس اضطهادا دينيا بل هى سياسة الدولة التى تريد أن تجرد المصريين من تدينهم الفطرى الجميل البعيد كل البعد عن الطائفية والعنف، لشعب مغيب لا يفقه شيئا سواء على المستوى الدينى أو المستوى السياسى.