من منا فى طفولته لم يقض ساعات طويلة فى الشرفة ينتظر سماع الصفارة الشهيرة لبائع غزل البنات، وبمجرد سماع الصفارة من بعيد نقف سريعاً لنبحث عنه بأعيننا فى كل مكان حتى نجده يأتى من بعيد، يحمل أحلامنا وقتها المتمثلة فى العصا المعلق به أعداد كبيرة من أكياس غزل البنات ذات الألوان المبهجة. ورغم مرور الوقت وفقدان الأشياء لقيمتها مع التقدم لم يفقد بائع غزل البنات قيمته وقدره أبداً بين الأطفال فى مختلف الأجيال، فنفس هذا الشعور يتكرر معنا ومع آبائنا ويتكرر مع أولادنا، فغزل البنات من الحلوى التى ليس لها عمر افتراضى. "أنا بياع الفرحة.. بياع السعادة.. مش بس للأطفال إنما كمان للكبار".. بهذه الكلمات بدأ "محمد السيد"، بائع غزل البنات، حديثه مع "اليوم السابع" قائلاً: "15 سنة ببيع السكر للناس أبقى بياع إيه غير بياع الفرحة، علشان كده عشت طول عمرى سعيد بمهنتى وعارف قيمتها، يكفينى أنها المهنة الوحيدة اللى مش ممكن تيجى يوم وتختفى، لأن لا السكر "غزل البنات" بيخلص ولا الأطفال هتبطل تشتريه". ويتابع، "على الرغم من إنى بفضل طول النهار ألف فى الشوارع إلا إنى بحس إنى مميز، أنا البياع الوحيد اللى الأطفال بتجرى عليه بلهفة أول ما تشوفه والفرحة مالية عيونها، كمان بياع غزل البنات ده مش بياع عادى ده يعتبر فلكلور خاص بالمصريين، لأنها مهنة قديمة أوى ولسه محتفظة بنفس صفاتها من عشرات السنين".