الفريق أول محمد زكى: قادرون على مجابهة أى تحديات تفرض علينا    أحمد مبارك: بعد ظهور السوشيال ميديا حدث تغير في طريقة الوعي الجمعي    معرض زهور الربيع.. جنة على أرض مصر    كيف تحقق دخلا شهريا 7000 جنيه من شراء شهادة البنك الأهلي؟.. اعرف التفاصيل    أيمن الجميل: مشروع الدلتا الجديدة إنجاز تاريخى يعادل 4 محافظات.. ويسد الفجوة فى الإنتاج الزراعى ويزيد الصادرات    البورصات الأوروبية تغلق على ارتفاع.. وأسهم التكنولوجيا تصعد 1%    توقع عقد تشغيل مصنع تدوير ومعالجة المخلفات بالمحلة    عضو «إفريقية النواب»: اعتراف دول أوروبية بفلسطين نتاج لجهود الدبلوماسية المصرية    حرائق خارج السيطرة وطائرات معادية تخترق الأجواء.. ماذا يحدث في إسرائيل؟ | عاجل    أوربان: تسوية الأزمة الأوكرانية يجب أن تكون بمشاركة موسكو وواشنطن وكييف    قديروف: حلمي هو أن أضع زيلينسكي في قبو منزلنا في الشيشان    مسلسل إسرائيلي يثير الجدل والتساؤلات حول مقتل الرئيس الإيراني    «بوتين» يوقّع مرسوما يسمح بمصادرة أصول تابعة للولايات المتحدة في روسيا    عاجل.. هل استحق الزمالك ركلة جزاء أمام فيوتشر؟.. «جريشة» يكشف مفاجأة    وزير الرياضة يجتمع مع «كاف» استعدادا لنهائي إفريقيا بين الأهلي والترجي    تياجو موتا يرحل عن بولونيا.. هل اقترب من تدريب يوفنتوس؟    إيناس الجبالي تحصد ميدالية ذهبية في كأس العالم لرفع الأثقال البارالمبي    خطوات الاستعلام عن نتيجة النقل 2024 بالقاهرة.. اعرف التقديرات بالألوان    3 يوليو.. طرح فيلم «جوازة توكسيك» بدور العرض السينمائية    صور من داخل الحرم المكي تكشف مراحل تغيير كسوة الكعبة استعدادا لموسم الحج    أسماء جلال تثير الجدل بعد صور احتفالها بعيد ميلادها.. والجمهور: جلسة رومانسية    أول تعليق من مصطفى خاطر بعد عرض آخر حلقات مسلسل "البيت بيتي 2"    انفجار مسيرتين مفخختين قرب كريات شمونة فى الجليل الأعلى شمال إسرائيل    جامعة كفر الشيخ تطلق قافلة طبية لقرية الخريجين 5 ضمن «حياة كريمة»    محافظ بورسعيد يشيد بجهد كنترول امتحانات الشهادة الإعدادية    ضبط المتهمين في واقعة ال«تعذيب لكلب» في منطقة عابدين    البيئة: السعودية تستهدف إنتاج 16.2 مليون متر مكعب من المياه المحلاة يوميًا    ما هي شروط الاستطاعة في الحج للرجال    رئيس الوزراء يناقش سبل دعم وتطوير خدمات الصحفيين    متى وكم؟ فضول المصريين يتصاعد لمعرفة موعد إجازة عيد الأضحى 2024 وعدد الأيام    شباب المصريين بالخارج: قضية الهجرة غير الشرعية حظيت باهتمام غير مسبوق من السيسي    في ذكرى رحيله...ومضات في حياة إبسن أبو المسرح الحديث    المنشاوي يستعرض تقريراً حول إنجازات جامعة أسيوط البحثية ونشاطها الدولي    بالفيديو.. خالد الجندي: عقد مؤتمر عن السنة يُفوت الفرصة على المزايدين    خاص.. الأهلي يدعو أسرة علي معلول لحضور نهائي دوري أبطال إفريقيا    بمناسبة أعياد ميلاد مواليد برج الجوزاء.. 6 أفكار لهداياهم المفضلة (تعرف عليها)    وزير الري: نبذل جهودا كبيرة لخدمة ودعم الدول الإفريقية    من الجمعة للثلاثاء | برنامج جديد للإعلامي إبراهيم فايق    قبل قصد بيت الله الحرام| قاعود: الإقلاع عن الذنوب ورد المظالم من أهم المستحبات    أجمل عبارات تهنئة عيد الأضحى 2024 قصيرة وأروع الرسائل للاصدقاء    وزارة الصحة تؤكد: المرأة الحامل أكثر عرضة للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرى    محافظ كفر الشيخ يتفقد السوق الدائم بغرب العاصمة    ما حكم سقوط الشعر خلال تمشيطه أثناء الحج؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    هل هي مراوغة جديدة؟!    رئيس الوزراء يتابع موقف تنفيذ المرحلة الثانية من منظومة التأمين الصحي الشامل    الكشف على 1021 حالة مجانًا في قافلة طبية بنجع حمادي    رئيس وزراء أيرلندا: أوروبا تقف على الجانب الخطأ لاخفاقها فى وقف إراقة الدماء بغزة    تعاون بين الجايكا اليابانية وجهاز تنمية المشروعات في مجال الصناعة    أخبار مصر.. التعليم نافية تسريب امتحان دراسات إعدادية الجيزة: جروبات الغش تبتز الطلاب    ننشر حيثيات تغريم شيرين عبد الوهاب 5 آلاف جنيه بتهمة سب المنتج محمد الشاعر    تاج الدين: مصر لديها مراكز لتجميع البلازما بمواصفات عالمية    الرعاية الصحية تعلن نجاح اعتماد مستشفيي طابا وسانت كاترين بجنوب سيناء    أمين الفتوى يوضح ما يجب فعله يوم عيد الأضحى    المراكز التكنولوجية بالشرقية تستقبل 9215 طلب تصالح على مخالفات البناء    الهلال السعودي يستهدف التعاقد مع نجم برشلونة في الانتقالات الصيفية    سموحة يواصل تدريباته استعدادًا لفاركو في الدوري    تعليم القاهرة تعلن تفاصيل التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الأبتدائي للعام الدراسي المقبل    الداخلية تضبط 484 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1356 رخصة خلال 24 ساعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الوطن» تعيش مع عمال «المحلة» المعتصمين ليلة السحور الأول
جنيه من كل عامل لشراء الفول والفلافل والعيش بالسلف.. وكوبان من الشاى يتشاركهما الجميع قبل الفجر
نشر في الوطن يوم 21 - 07 - 2012

العشرات من عمال الغزل والنسيج المعتصمين بمدينة «المحلة»، باتوا ليلتهم الأولى من الشهر الكريم على الأرض بين المصانع والورش ومساكن المهندسين و«فيلات» رؤساء القطاعات المشيدة داخل المصنع، وكان سحورهم الأول له طابع تعاونى، حيث جاد كل واحد من العمال المعتصمين بما يمكنه دفعه، جنيه واحد، احضروا منه الفول والفلافل، وأخذوا الخبز «سلف ودين» من أحد المحلات.
لقيمات العمال هنا ممزوجة بمطالب، سحورهم مخلوط بحقوق ينادون بها، الكل يتأهب لصيام اليوم الأول، الذى يوافق اليوم ال6 لاعتصامهم، حتى غير المسلمين من العمال، أشرف عبدالشهيد جرجس، ميكانيكى ملابس بمصنع الغزل والنسيج، قال: «هنا إحنا إخوات، بنحاول نبعد عن كل شىء ممكن يخلينا نظهر مش زى بعض، حتى الصيام بنصومه مع بعض، بمجرد ما المدفع يضرب بنفطر سوا فى الاعتصام».
العمال المعتصمون تناولوا سحورهم «الفول والفلافل» فى تمام الثانية والنصف، دفع كل منهم جنيها واحدا فكان كافيا لشراء كيس فول صغير لكل منهم، وقرص «طعمية»، ورغيف خبز لم يكن ضمن المشتريات لكن العمال أخذوه على سبيل السلف من أحد المحلات المجاورة للمصنع، انتهى العمال سريعا من الأكل، تخللت وجبة سحورهم مناقشات حول الأوضاع السياسية، فهم لا ينتهون من حديثهم السياسى.
انتهت وجبة السحور، وليس هناك ثمة مقهى لإعداد الشاى، الجميع فى حاجة إلى كوب أخير منه قبل الصيام، أحد الشباب العمال أحضر كوبى شاى، رشفة «شفطة» وحيدة لكل منهم فقط، هذه هى الاشتراكية فى أبسط معانيها كما تعلمها هؤلاء، الصمت حلّق حول المكان لدقائق، الكل فى انتظار أذان الفجر، حتى إذا رفعه المؤذن صلوا الفجر جماعة ثم عادوا إلى ساعة من النوم ثم البدء فى فعاليات يوم اعتصام احتجاجى، يبدأ بطبل العمال الشباب على «براميل» وكأنهم يصرخون فى وجه أسر المهندسين فى المصنع.
أمام إدارة المصنع يقف تمثال لأبى الاقتصاد المصرى طلعت باشا حرب، لم يعد المصنع الذى أسسه صاحب التمثال مجرد أكوام من الورش والماكينات، فمع وجود عمال من الطبقة أقرب ما تكون إلى الفقر، ومهندسين يمثلون مع أسرهم الطبقة المتوسطة التى تسكن «بلوكات» فى المصنع مخصصة لهم ولأسرهم، ومع وجود «فيلات» لرؤساء القطاعات، صار المصنع مدينة صغيرة تتجسد فيها الطبقية، يقول كمال الفيومى، أحد العمال فى المصنع، «البشر فى المصنع 3 طبقات رؤساء القطاعات اللى بياخدوا الفيلا الواحدة ب 25 جنيه فى الشهر، والمهندسين اللى بياخدوا الشقة ليهم ولأسرهم ب 15 جنيه فى الشهر، والعمال اللى بياخدوا بلوكات صغيرة أوضة وصالة ب 10 جنيه».
عندما يُرفع الأذان ها هنا يصطف المعتصمون الكتف فى الكتف، دلالتان لاصطفافهم هنا «المساواة، والوحدة» يقول مجدى عتمان، أحد العاملين بغزل المحلة، «ما زلنا فى المصنع بنتعامل بنفس الطبقية القديمة، مفيش مساواة بين اللى فى المصنع وبعضهم، العمال درجة، والمهندسين درجة، والبهوات الكبار درجة، إحنا عايزين مفهوم العدالة والحرية، مش لفظها».
يطالب عمال المحلة بأمور ذات طابعين مادى ومعنوى، يقول مجدى عتمان «لينا نوعين من المطالب، معنوية بأنهم يعيدوا النظر فى صلاحيات كل القيادات، ويعيدوا النظر فى أوضاع العمال بالنسبة لباقى اللى بيشتغلوا فى المصنع، وأنهم يعيدوا النظر فى عمل المستشفى اللى بيتعالج فيها العمال اللى حالتها تصعب ع الكافر، والجزء المادى أنهم يصرفوا لينا حوافز وبدلات ويرفعوا من المرتب بإضافة العلاوات اللى المفروض تضاف ليه من سنة 1992، تخيل إن واحد زميلنا هنا بكره رمضان وبيقولى مجبتش فى بيتى كيلو سكر، ومش عارف أعمل إيه! العامل فى غزل المحلة مهان»
يقول أشرف جرجس «مرتبى مش بيكفى إنى أصرف على أسرتى المكونة من 5 أفراد، باضطر أشتغل برة شغل إضافى، قولى أى شرع وأى دين يخلينى أفضل اتمرمط هنا وهنا علشان قرش زيادة، ولو إحنا مش تعبانين فى حياتنا فعلا ليه هنيجى هنا نعتصم، ما كان من الأولى إننا نبقى فى حضن عيالنا فى أول يوم رمضان».
يشتاط العمال المعتصمون غضباً إذا ما ذُكرت أمامهم أسماء المشهورين من عمال المحلة بنضالهم، يقول كمال الفيومى «إحنا هنا قرفنا من اللى بياخد شهرة على قفانا، قرفنا منهم رجالة وستات، كلهم فشنك بيوصلوا للتليفزيون وينسونا، عايزين اللى يتكلم باسمنا يكون مؤمن بمطالبنا ومستعد يموت فدا إنها تتحقق، مش ينشغل عننا فى حلقات التليفزيون وقت ما يشتهر، أو غيره، حتى رجالة النقابة اللى المفروض إنهم سندنا واللى بيطالبوا بحقوقنا عن طريق النقابة العمالية موجودين فى مصيف دلوقتى، هما فى البحر وإحنا فى همومنا».
لا يترك عم محمد عبدالعزيز، 52 سنة، مفردات مرتبه، ورقة المرتب الرسمية التى يحصل عليها كل شهر من غزل المحلة تثبت أن راتبه إجمالاً يصل إلى 1098 جنيها. يقول: «بعد ما دمت فى المصنع ده 33 سنة شغال فيه مكلتش، ولا قلت تعبت مرتبى مش بيزيد أبداً عن 1098 جنيه، معايا أربع ولاد وبنات فى ابتدائى وإعدادى، وثانوى، وجامعة، مصاريفهم بتقطم الوسط وبتحنى الضهر، الواحد طبعاً بيضطر يشتغل برة أكنه مربوط فى ساقية علشان يعرف يصرف على ولاده كويس، بس ده بيخلينى آجى على صحتى، لحد ما من قريب عملت عملية الغضروف».
يناشد أشرف جرجس رئيس الجمهورية التدخل لحل أزمة «المصنع اللى بيتشفط دمه، لدرجة إن أحد المسئولين فى المصنع قام بحل ماكينات ألمانية، وقام مركب مكانها ماكينات صينى، وأخد الماكينات الألمانى وداها مصنع تانى فى الصعيد بتاع ملابس، عرفنا فيما بعد أن المصنع اللى فى الصعيد مملوك لابن الرئيس السابق للمصنع هنا، اللى عملنا اعتصامات ضده».
يضيف الفيومى «إحنا ضد إدارة المصنع بالكامل، لأن الناس دى بتشارك فى إسقاط الصناعة الوطنية للغزل والنسيج، زمان كان اسم غزل المحلة بيرج البلد، طلعت حرب لما عمل مصنعنا ده كان عايز يبنى اقتصاد مصرى قوى فى 1927، وكان من أهم الحاجات اللى بنى عليها الاقتصاد صناعة الغزل والنسيج اللى بيدخل فيها من المزارعين، والحلاجين، والعمال والمهندسين ييجى 5 مليون واحد».
الآن لم تعد الصورة كسابق عهدها أو هكذا يروى عامل المصنع « المصنع دلوقتى بيخسر ملايين، وكان رئيس الشركة القابضة الحالى بيخسّر الشركة ملايين، لأننا مش بنواكب المنتجات اللى برة، دلوقتى شوف المنتجات والمنسوجات اللى الناس بتحب تشتريها وشوف منتجات المحلة بذمتك فيه حد بيفكر يلبس دلوقتى جلابية كستور؟» يتساءل الرجل مستنكراً.
«دلوقتى فيه مصانع كبيرة جداً ابتدت فى الأساس بماكينتين خياطة صغيرين، كانوا فى الأصل بيعتمدوا على عمال المحلة، ولما ربنا فتحها عليهم جابوا عمال أكتر من المصنع هنا علشان يديروا لهم مصانعهم، كتير من المصانع اللى باتكلم عنها دى دلوقتى بيصدر كمان لبلاد برة زى أمريكا وفرنسا وإيطاليا، والعامل اللى بيشتغل فى المصانع دى لأنهم عارفين مدى كفاءته بيحاسبوه بالساعة مش باليومية، لأن صيت عمال المحلة دايما سابقهم».
اعتصامات المحلة لا تنته، لا نبالغ لو أننا قلنا إن مصنع غزل المحلة «هايد بارك» لهؤلاء العمال، بدأ أغلب العمال احتجاجاتهم ضد النظام داخل المصنع، وفى مصر بالكامل منذ 2006، يقول كمال الفيومى «أنا انضميت للاشتراكيين الثوريين من ديسمبر 2006، لما بدأنا احتجاجنا الأول على أحوال العمال فى مصر كلها، وفى غزل المحلة خصوصا، فيه هنا كمان عمال شيوعيين زى عم حمدى حسين، من الحزب الشيوعى المصرى، وفيه من الإخوان المسلمين، بس أغلب الموجودين هنا اشتراكيين عندهم وعى بحقوقهم، ومش بيرضوا إنهم يتخلوا عنها».
محمد على 30 سنة شاب يعمل بالمصنع منذ 9 سنوات يقول «أنا مش عايز أكتر من شقة، اللى استفزنى جدا أنهم لحد دلوقتى مش موفرين سكن للعمال اللى من القرى البعيدة، واللى مش من المحلة أصلا، بنطالب الإدارة إنها تديلنا بدل سكن، بس ما الأفضل إنهم يوفروا لينا السكن المناسب، فيه مساكن تابعة للمصنع اسمها «المستعمرة» دى العمال القدام خدوها، وبعد ما بيطلعوا معاش بيسدوا بابها بالطوب علشان محدش ياخدها غيرهم، واللى بييجى ويروح من بلده علشان الشغل يولع بجاز بقى».
يقول أشرف جرجس «الإضراب هو الوسيلة الوحيدة اللى بتوصلنا لمطالبنا إحنا نفسنا مش عايزين كده، إحنا محتاجين ناس تشوف مصالحنا من غير ما نعتصم أو نضرب، إحنا عايزين حكومة ورئيس بمجرد ما يعرف إننا لينا مطلب يحاول يلبيهولنا، إنما سياسة التجاهل اللى كانت على أيام حسنى مبارك دى هى اللى بتأكد لنا إن الثورة منجحتش ولا حتى 50%، الحال لسه زى ما هو لسه اللى بيدخل المصنع هنا بمؤهل عالى علشان يشتغل شغلانة بعيدة عن مؤهله بسبب حوجته للمال، لسه لحد دلوقتى بيمضوه على إقرار إنه مش هيطالب فى يوم من الأيام بحقوقه اللى بتنص عليها اللوايح لأنه خريج جامعى».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.