عندما تستر إسرائيل عوراتنا هذا ليس درباً من الخيال، بل حقيقة شاهدها الآلاف من متابعى مهرجان فينسيا السينمائى الدولى، حيث تزاحم الجمهور الإيطالى على مدار يومين لمشاهدة الفيلم الإسرائيلى "لبنان"، الذى يشارك ضمن فعاليات المسابقة الرسمية للمهرجان ويتوقع بشكل كبير حصوله على جائزة، خاصة أنه مأخوذ عن قصة حقيقية لأحد المجندين الإسرائيليين الذين لا يهمهم سوى العودة لمنازلهم. الفيلم الذى تروى مشاهده حكاية 4 مجندين إسرائيليين يعيشون داخل دبابة أثناء الاجتياح الإسرائيلى للبنان عام 1982، ومن خلال سرد شديد التأثير لرحلة هذه الفرقة بلبنان نرى ونشاهد هؤلاء الجنود كملائكة أمامنا لدرجة أنهم يرفضون تنفيذ الأوامر العسكرية، التى تقضى بالقتل، وحتى عندما يحدث ذلك فهو يحدث كرد فعل وليس كفعل من خلال عدد من المشاهد التى نرى خلالها سيارة محملة بعدد من "الإرهابيين"، كما يصفهم الفيلم، ومن خلال عيون أحد الجنود الذى من المفترض أن يصوب نحوهم قذيفته تقترب هذه السيارة من المشاة بالفرقة وهنا يتردد الجندى فى الاتجاه بالدبابة إلى العدو، إلى أن يبدأ إطلاق النار ويصاب أحد الجنود وهنا تنطلق القذيفة. أما أكثر ما يقشعر جسدك كمشاهد هو أنك ترى وتسمع على مدار اليوم مذابح إسرائيل على كل شاشات القنوات الإخبارية، فكيف نرى هذا الكم من المغالطات التاريخية فى فيلم "لبنان"، الذى يحاول تجميل صورة إسرائيل، حيث ينتقل بنا الفيلم إلى حى سكنى لبنانى نرى من خلاله مجموعة ملثمة من الفدائيين الفلسطينيين وهى تأخذ عائلة لبنانية مكونة من أب مصاب بالشلل، وأم وطفلة كرهائن لديها، ليبدأ إطلاق النار وهنا يتردد الجندى الذى يقود الدبابة فى إطلاق النار، ومع إصابة عدد من الجنود تنطلق القذيفة ولا يتبقى من هذه الأسرة سوى الأم والتى تهرول إلى الجندى الإسرائيلى باحثة عن طفلتها وهنا يستميت الجندى فى محاولاته السلمية لإبعادها عنه لتشتعل النار بملابسها وهنا ينقذها ذلك الجندى، إلا أنها فجأة تصبح عارية لتهرول يميناً ويساراً إلى أن يسترها الجندى ببعض الملابس!! لم يكتفِ الفيلم بتجميل وجه إسرائيل بذلك الحد فقط، بل وصل إلى إلصاق التهمة بكل ما حدث من مذابح بلبنان إلى الميليشيات وليفتح الفيلم ملف التواجد السورى بلبنان من خلال القبض على مجند سورى أطلق على تلك الفرقة صواريخ ال"أر بى جى" ليدخل كرهينة داخل الدبابة ويعامل معاملة حسنة من قبل الجنود الإسرائيلين الذين يحاولون الإبقاء على حياته بأى شكل للدرجة التى يرفضون خلالها تسليمه لأحد رجال الميليشيات اللبنانية والذى يريد قتل الجندى السورى ويسمعه كيف سيتم تعذيبه والانتقام منه قبل ذبحه وهنا يظل الجندى يصرخ ويصرخ وهم يحاولون أن يقدموا له العون. فيلم "لبنان" استطاع أن يكسب تعاطف معظم الحاضرين بالقاعة، مقدماً محنة إنسانية وصورة كسبت تعاطف الحاضرين لدرجة البكاء، رغم أنه اعتمد على تكنيك وطريقة ليست بجديدة علينا، حيث سبق وقدمت العديد من الأفلام بتلك الطريقة، ومنها فيلم روائى قصير للمخرجة نادين لبكى من خلال منظار لقناص.