رئيس جامعة سوهاج يتحدث عن المبادرة الرئاسية "تمكين" لدعم الطلاب ذوي الهمم    اسعار اللحوم اليوم الأحد 7 ديسمبر 2025 فى أسواق ومجازر المنيا    كام جرام الذهب.... اسعار الذهب اليوم الأحد 7 ديسمبر 2025 فى محلات الصاغه بالمنيا    هيئة الاستثمار: إطلاق الدليل الإرشادي للحافز الاستثماري النقدي لدعم المشروعات الصناعية    استقرار سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الأحد 7 ديسمبر 2025    الاحتلال الإسرائيلي يواصل خروقاته في غزة ويكثّف نسف المباني شرق خان يونس    وزير الخارجية يؤكد التزام مصر الاستراتيجي الراسخ بدعم الصومال وتعزيز الاستقرار في البحر الأحمر    مصادر أمنية إسرائيلية: الجيش اللبناني نجح تقريبا في إخلاء الجنوب من حزب الله    القوات الروسية تسقط 77 طائرة مسيرة أوكرانية الليلة الماضية    سلوت يكشف سبب عدم مشاركة صلاح في مباراة ليفربول وليدز    وزير الرياضة يهنئ محمد السيد بعد تتويجه بذهبية كأس العالم للسلاح    فيديو.. الأرصاد تحذر من منخفض جوي متعمق يضرب البلاد: ذروته الثلاثاء والأربعاء    ظهور تماسيح في الشرقية.. 4 حالات تلزم حائزي الحيوانات الخطرة بإخطار السلطات فورًا    برنامج متنوع في عروض قصر السينما خلال ديسمبر    روجينا تبدأ تصوير مسلسل "حد أقصى" وتحتفل بأولى تجارب ابنتها في الإخراج    انطلاق جولة الإعادة للانتخابات البرلمانية للمصريين في اليونان    منافس بيراميدز المحتمل - رغم عدم الخسارة.. كروز أزول يودع من نصف نهائي الدوري المكسيكي    محمد صلاح .. عندما تقسو الكرة على الأساطير    اجتماع طارئ فى ليفربول بعد تصريحات محمد صلاح وترشيح جيرارد لخلافة سلوت    نظر الطعون على نتيجة المرحلة الثانية لانتخابات النواب    حضر التلاميذ وغاب المدرسون، استياء بين أولياء الأمور بسبب غلق أبواب مدرسة بمطروح    المتهم بقتل زوجته فى المنوفية: ما كنش قصدى أقتلها والسبب مشاده كلامية    23 ديسمبر، انطلاق المؤتمر الدولي الأول لتجارة عين شمس "الابتكار والتكنولوجيا المالية"    ارتفاع التضخم السنوي في الكويت إلى 2.39% خلال شهر أغسطس    الخشت: تجديد الخطاب الديني ضرورة لحماية المجتمعات من التطرف والإلحاد    نعوم تشومسكي، المفكر الذي واجه إمبراطوريات السياسة ورفض النازية والليبرالية المتوحشة    رئيس جامعة سوهاج: مبادرة تمكين نقلة نوعية لدعم ذوى الهمم وإعفاء من المصروفات    وزير الصحة: وضع تصور شامل للمبادرات الرئاسية والبرامج الاستثمار فى البشر    طريقة عمل طاجن الفراخ بالبرتقال، وصفة سهلة التحضير ومغذية    رئيس جامعة حلوان: منتدى اتحاد رؤساء الجامعات الروسية والعربية منصة لتبادل الخبرات    نظر محاكمة 9 متهمين بقضية خلية داعش عين شمس اليوم    أسعار الدولار اليوم في البنوك اليوم الثلاثاء 7ديسمبر 2025    كان معاه 20900 جنيه.. "اهل مصر" تنشر اعترافات أحد سماسرة الأصوات بقنا    مصرع 25 شخصا فى حريق اندلع بملهى ليلي بولاية جوا الهندية    محمد صلاح يقود جبهة الإطاحة بسلوت في ليفربول    حصيلة أهداف كأس العرب 2025 بعد الجولة الثانية    محمد عشوب: نتمنى تنفيذ توجيهات الرئيس نحو دراما تُعبّر عن المواطن المصري    مقتل 9 وإصابة 7 في حوادث على طريق سريع في شينجيانج الصينية    وسط حالة التوتر العالمي .. الجيشان الصينى والروسى يجريان ثالث تدريب مشترك لاعتراض الصواريخ    آداب عين شمس تنظم دورات تدريبية للشباب الجامعي المقبل على الزواج    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأحد 7 ديسمبر    إنقاذ شخص من الغرق في نهر النيل بالجيزة    حبس المتهمين بسرقة مشغولات فضية من مخزن في القاهرة    دعاء الفجر| اللهم ارزقنا نجاحًا في كل أمر    ضائقة مالية تجبر مخرج "العراب والقيامة الآن" على بيع ثاني ساعاته النادرة ب 10 ملايين دولار    "ولنا في الخيال حب" يفاجئ شباك التذاكر... ويُحوِّل الرومانسية الهادئة إلى ظاهرة جماهيرية ب23 مليون جنيه    رانيا علواني: ما حدث في واقعة الطفل يوسف تقصير.. والسيفتي أولى من أي شيء    تحذيرهام: «علاج الأنيميا قبل الحمل ضرورة لحماية طفلك»    «الصحة» توضح: لماذا يزداد جفاف العين بالشتاء؟.. ونصائح بسيطة لحماية عينيك    مصدر أمني ينفي إضراب نزلاء مركز إصلاح وتأهيل عن الطعام لتعرضهم للانتهاكاتً    المشدد 3 سنوات لشاب لإتجاره في الحشيش وحيازة سلاح أبيض بالخصوص    وزير الاتصالات: رواتب العمل الحر في التكنولوجيا قد تصل ل100 ألف دولار.. والمستقبل لمن يطوّر مهاراته    نشرة الرياضة ½ الليل| رد صلاح.. رسالة شيكابالا.. مصير مصر.. مستحقات بنتايج.. وتعطل بيراميدز    نقيب المسعفين: السيارة وصلت السباح يوسف خلال 4 دقائق للمستشفى    خالد الجندي: الفتوحات الإسلامية كانت دفاعا عن الحرية الإنسانية    الأزهري يتفقد فعاليات اللجنة الثانية في اليوم الأول من المسابقة العالمية للقرآن الكريم    مفتي الجمهورية: التفاف الأُسر حول «دولة التلاوة» يؤكد عدم انعزال القرآن عن حياة المصريين    مواقيت الصلاه اليوم السبت 6ديسمبر 2025 فى المنيا..... اعرف صلاتك بدقه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بيت العدة للأرملة «2»
نشر في اليوم السابع يوم 11 - 11 - 2013

سبق أن ذكرنا اختلاف الفقهاء فى تحديد البيت الذى تقيم فيه الأرملة - التى مات عنها زوجها - مدة عدتها، وذلك على ثلاثة مذاهب. وبينا المذهب الأول الذى قال به جمهور الفقهاء، وهو أنه يجب على الأرملة أن تقضى عدتها فى بيت الزوجية حصريًا.. ونكمل فيما يلى مذاهب الفقهاء واختيار المصريين.
المذهب الثانى: يرى أنه يجب على الأرملة أن تقضى عدتها فى البيت الذى أتاها فيه نعى زوجها، فلا تبرح من مكانها الذى أتاها فيه خبر موت زوجها، سواء كان هو بيت الزوجية أو غيره من البيوت التى تصلح للمبيت. فإذا كانت فى طريق عام فعليها أن تعتد فى أقرب بيت يمكن أن تبقى فيه مدة عدتها. وهو قول إبراهيم النخعى وسعيد بن المسيب واختاره ابن حبان.. وحجتهم:
1 - ظاهر النص الآمر بالعدة فور وفاة الزوج فى قوله تعالى: «والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا» «البقرة: 234».. ووجه الدلالة: أن الله تعالى أمر من مات عنها زوجها أن تبدأ العدة بمجرد وفاة الزوج، وهذه البداية تنسحب على الزمان والمكان معًا، فإذا كان الزمان هو من لحظة الوفاة الأولى فإن المكان هو الذى جاء فيه خبر النعى؛ لأن الواجب يكون من ساعة العلم.
2 - ما أخرجه ابن حبان بإسناد صحيح من حديث الفريعة بنت مالك وترجم له بقوله: ذكر الأمر بالاعتداد للمتوفى عنها زوجها فى البيت الذى جاء فيه نعيه، أن زوج الفريعة كان فى قرية من قرى المدينة وأنه تبع أعلاجا «أعداء من غير المسلمين» فقتلوه، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت الوحشة، وذكرت أنها فى منزل ليس لها، وأنها استأذنته أن تأتى إخوتها بالمدينة. فأذن لها ثم أعادها ثم قال لها: «امكثى فى بيتك الذى جاء فيه نعيه حتى يبلغ الكتاب أجله».
المذهب الثالث: يرى أنه ليس للأرملة بيت معين تقضى فيه عدتها وجوبًا، بل عليها أن تقضى عدتها حيث شاءت من البيوت، فلها أن تختار بيت الزوجية إن رأت مصلحتها فيه، فهو حقها لتحصينها من الطرد فى حدث مفاجئ لم تتحسب له، وليس واجبًا عليها.. ولها أن تعتد فى أى بيت ترى فيه راحتها، ولها أن تنتقل وأن تسافر حيث شاءت ما لم يكن إثمًا فى ذاته كسفر المعصية. وهو مذهب الظاهرية قال به ابن حزم وحكاه عن إمام مذهبه أبى سليمان داود بن على وجميع أصحابه الظاهريين، وقد سبقهم إلى هذا المذهب من الصحابة على وابن عباس وجابر بن عبدالله وعائشة.. ومن التابعين جابر بن زيد والحسن البصرى وعطاء وطاووس وروى عن عمر بن عبدالعزيز.. وحجتهم:
1 - أن النهى القرآنى عن إخراج المرأة أو خروجها فى مدة العدة من بيتها خاص بالمطلقة رجعياً، كما هو ظاهر من سياق النص القرآنى فى قوله تعالى: «يا أيها النبى إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة» إلى قوله تعالى: «فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف».. «الطلاق:1-2».. ويؤكد اختصاص هذا النص بالمطلقة رجعيًا ما أخرجه عبدالرزاق بسنده عن فاطمة بنت قيس أنها فسرت قوله تعالى: «لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن».. «الطلاق:1»، بالمطلقة رجعيًا.. أما المطلقة طلاقاً بائناً وفى حكمها المتوفى عنها زوجها فليس لها حق فى السكنى ولا فى النفقة؛ لما أخرجه مسلم عن فاطمة بنت قيس، أن زوجها طلقها ثلاثًا فلم يجعل لها رسول الله صلى الله عليه وسلم سكنى ولا نفقة. وفى رواية عنها، أن النبى صلى الله عليه وسلم قال فى المطلقة ثلاثًا: «ليس لها سكنى ولا نفقة».
2 - أن الله تعالى نفى الجناح عن خروج الأرملة فى عدتها من بيت الزوجية، وجعل إقامتها فيه حقًا لها وليس واجبًا عليها، وذلك فى قوله سبحانه: «والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً وصية لأزواجهم متاعاً إلى الحول غير إخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم فيما فعلن فى أنفسهن من معروف والله عزيز حكيم».. «البقرة:240».. قالوا: فهذه الآية محكمة وليست منسوخة؛ لأنها لم تتعرض لمدة عدة الأرملة وإنما هى داعية إلى الوصاة بالزوجات أن يمكنّ من السكنى فى بيوت أزواجهن بعد وفاتهم حولاً كاملاً إن اخترن ذلك، ولهذا قال: «وصية لأزواجهم»، أى يوصيكم الله بهن وصية. وأما على قول الجمهور الذى يرى نسخ هذه الآية بقوله سبحانه: «والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً.. فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن فى أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير».. «البقرة:234».. فهذا النسخ خاص بمدة العدة وليس فى سائر أحكامها، فمن أحكام العدة التى لم تنسخ اختيار المرأة بيت العدة لظاهر قوله تعالى: «متاعاً إلى الحول غير إخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم فى ما فعلن فى أنفسهن من معروف».. «البقرة:240».. فقد أخرج البخارى عن ابن عباس قال: نسخت هذه الآية عدتها عند أهلها فتعتد حيث شاءت وهو قول الله تعالى: «غير إخراج».. قال عطاء: إن شاءت اعتدت عند أهله وسكنت فى وصيتها، وإن شاءت خرجت لقوله تعالى: «فلا جناح عليكم فيما فعلن فى أنفسهن من معروف».. قال عطاء: ثم جاء الميراث فنسخ السكنى فتعتد حيث شاءت ولا سكنى لها.
3 - أن الآية المحكمة بتقدير عدة الأرملة بأربعة أشهر وعشرة أيام لم تحدد مكان العدة، فلا يجوز التحديد بغير دليل.. فقد أخرج عبدالرزاق فى مصنفه عن ابن عباس قال: إنما قال الله تعتد أربعة أشهر وعشرًا، ولم يقل تعتد فى بيتها.. تعتد حيث شاءت.
4 - أن كثيرا من السلف الصالح قال بحق الأرملة فى قضاء العدة حيث شاءت، وحقها فى التنقل أثناء العدة، وهم لا يقولون ذلك إلا عند توقيف لحسن الظن بهم، فكان قولهم حجة. ومن ذلك ما أخرجه ابن أبى شيبة وعبدالرزاق عن ابن عباس وجابر قالا: تعتد المتوفى عنها زوجها حيث شاءت. وأخرج عبدالرزاق عن عطاء قال: لا يضر المتوفى عنها أين اعتدت. وأخرج عبدالرزاق عن عروة قال: خرجت عائشة بأختها أم كلثوم حين قتل عنها زوجها طلحة بن عبيد الله إلى مكة فى عمرة. قال عروة: كانت عائشة تفتى المتوفى عنها زوجها بالخروج فى عدتها. وأخرج عبدالرزاق عن طاووس وعطاء قالا: المتوفى عنها والمبتوتة تحجان وتعتمران وتنتقلان وتبيتان.
5 - أن الزوج إذا مات صارت أمواله تركة تقسم ميراثا ولم يصح فى وجوب السكنى للمتوفى عنها زوجها أثر أصلا، فلو كان الواجب على الأرملة أن تعتد فى بيت الزوجية لكان هذا مانعاً من قسمة الميراث فى تلك العدة وذلك إذا كان بيت الزوجية مملوكا للزوج، ولم يقل بذلك أحد. ثم إن منزل الزوجية لا يخلو أن يكون ملكاً للميت أو ملكاً لغيره. فإن كان ملكاً لغيره كالمستأجر فلا يحل لأحد سكناه إلا بإذن صاحبه، وإن كان ملكاً للميت فقد صار للغرماء أو للورثة أو للوصية، فلم يكن للأرملة إلا مقدار ميراثها إن كانت وارثة، وما عدا هذا فظلم، وأكل لمال الغير بالباطل.
وقد بدأ المصريون فى اختيار مذهب بعض السلف منهم على وابن عباس وجابر وعائشة والحسن البصرى وعطاء وطاووس، وهو ما عليه الظاهرية الذين قالوا بأن الأرملة تعتد حيث شاءت، وذلك بعد تعقد طرق المعايش بما يحول دون تمكن الأرامل من العيش وحدهن، خاصة بعد تفرق الأبناء البالغين فى البلاد بحثاً عن سعة الرزق وتقاسمهم استضافة أمهاتهم، وغير ذلك من أعذار اجتماعية تحرج الأرملة إن قضت عدتها فى بيت الزوجية. وكان المصريون قد بدأوا فى ترك مذهب الجمهور الذى يرى وجوب تربص الأرملة فى بيت الزوجية حصرياً مدة العدة بعد تعقد الحياة الاقتصادية والاجتماعية بما يسبب حرجًا للأسر إن تركوا أراملهم يتربصن فى بيت الزوجية، الذى لم يعد فيه أحد، والدين لا يعرف الحرج.
وقد فقه المصريون أن مذهب الجمهور ليس دينًا قاطعًا يتوقف عنده، وإنما هو فقه يحتمل الخطأ، ولأن مذهب المخالفين للجمهور من الظاهرية وبعض السلف مقطوع بفقهه الذى يحتمل الصواب، فكان من حق عموم المسلمين الاختيار من بين تلك الأوجه الفقهية دون غضاضة؛ عملاً بسعة الإسلام ويسره فيما أخرجه أحمد بإسناد حسن عن وابصة بن معبد أن النبى صلى الله عليه وسلم قال له: «استفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.