أنت يا صديقى تعرف مالك من حقوق، أنت تبحث وتمحص كل قانون لتجد فيه الثغرة أو المادة التى تمنحك الحقوق، أنت تطالب بكل ما تحس أنك صاحب حق فيه ولو بدرجة بسيطة ولكنك يا صديقى لم يتفتق ذهنك ولو لمرة واحدة فى مجرد التفكير، فيما عليك من واجبات وما عليك من التزامات التى تقابل كل تلك الحقوق التى تبحث عنها، هكذا فوجئت بنفسى أفقد بعض من أعصابى فى وجه صديقى الذى يرافقنى فى رحلتى، فقد أذهلنى بمعلوماته الحاضرة عن حقوقه فى الدستور وحقوقه فى المواطنة وعدد الكثير من الحقوق التى أعرفها والتى لا أعرفها، وانتظرت من صديقى أن يكمل حديثه القانونى النادر وأن يطعم هذا العقد الذى يحوى كل ما هو من حقه ببعض الواجبات التى يجب أن يفعلها ليحصل على كل تلك الحقوق، ولكنه عند حقوقه وتوقف قلت له يا صديقى ( عامل الناس بمثل ما تحب ان يعاملوك به ) فليس من المعقول يا عزيزى أن تنال كل تلك الحقوق دون أن يقابلها ولو الجزء اليسير من الواجبات. فلا يصح أن تطالب بطريق نظيف وأنت أول من يتبارى فى القاء المخلفات فيه وليس من الطبيعى أن تطالب بزيادة المرتب وأنت لا تنتج بل وتقوم على تعطيل الإنتاج، لقد تحولت يا صديقى كما هو السواد الأعظم من الناس إلى خبير حقوقى وتركت كما ترك غيرك ما على الجميع من واجبات مترتبة على تلك الحقوق رد على صديقى بقوله ( يا أخى من حقى أبحث عن حقوقى) بل وأكد لى على أن هذا التوقيت هو المناسب للضغط لأحصل كما حصل غيرى على حقوقه الضائعة، فقد ظلمنا كثيرًا وآن الآوان أن نحصل على تلك الحقوق المهضومة من الدولة، فبادرت صديقى بسؤال هام فقلت له ( لو أن هناك شخصًا عنده ( حالة وفاة ) وهو واقف يتلقى العزاء وبالتأكيد يعم الحزن والأسى الجميع، ثم يفاجأ الحضور بأحد الأشخاص يمسك بتلابيب هذا الرجل أمام الناس ليقول له ( أنا لى عندك مبلغ من المال ولابد أن تحضره الآن)، ففى رأيك يا صديقى ماذا سيقول من فى السرادق عن هذا الرجل الذى يطالب بحقه عند هذا الرجل، ولكنه لم يتخير التوقيت المناسب ؟) قال صديقى ( هذا تصرف غبى ولا يقدم عليه إلا إنسان حقير) فبادرت صديقى بقولى (إذا عليك يا صديقى أن تتخير الوقت المناسب لكى تطالب بحقك). فمصر الآن يا عزيزى تمر بأحرج الأوقات الاقتصادية وهى تتعرض للمؤامرات الداخلية والخارجية، فهى وطنك الذى أقلتك أرضه وأظلتك سماؤه وأحياك هواؤه، وهو الآن كالجريح الذى يحتاج منك أن تساعده ثم عندما يتعافى ويعود لسابق عهده ساعتها يكون من حقك أن تطالب بكل ما تتخيل من حقوق .