حصلت الباحثة والشاعرة نجاة على درجة الدكتوراه من كلية الآداب جامعة القاهرة، بسبب ما تناولته حول روايات أديب نوبل العالمى نجيب محفوظ الذى وصفته بأنه كاتب استثنائى فى تاريخ الرواية العربية، وصاحب مشروع روائى كبير. كان موضوع الرسالة حول «الراوى فى روايات نجيب محفوظ»، وحاولت الباحثة وضعه فى سياقه التاريخى الذى امتزج مع عدد كبير من التساؤلات مثل «المؤلف الضمنى»، «شعرية الرواية»، «الرؤية»، وغير ذلك من التساؤلات وعلاقات استدعاها مفهوم الراوى كما طرحته الرسالة. واختارت نجاة على أربع روايات لمحفوظ، وقالت إن هذا أتاح لها تأويل بعض التقنيات أو التيمات المتواترة فى روايات محفوظ, بحثًا عن صورة المؤلف الضمنى عنده ورؤيته للعالم. وأوضحت فى الدراسة التطبيقية، أن خطاب محفوظ الروائى لم يكن منعزلاً أو مفصولاً عن السياق السياسى والاجتماعى، بل كان متفاعلاً معه, وأن رواياته كانت أشبه بالتأريخ له, وإن لم يسقط فى فخ التسجيل الفوتوغرافى للواقع. حيث قام بدور المؤرخ لتحولات المجتمع السياسية والاجتماعية, وعبّر بإنسانية عن همومه وتساؤلاته وتشوهاته أيضًا بكل جرأة, والتى تمثلت فى كل مراحله الإبداعية سواء كانت التاريخية أو الواقعية أو الفلسفية, على أنه يصعب الفصل بينها بشكل حدى. وأضافت أنه لا يمكننا فى روايات محفوظ أن نفصل خطاب الراوى عن خطاب الكاتب بشكل قطعى, إذ أحيانًا تتلاشى بينهما الحدود الفاصلة، فخطاب الراوى له مستويان: مستوى سطحى ظاهر, ومستوى آخر عميق. وقد تميز خطاب الراوى بالجرأة فى خرق التابوهات وبالأخص «التابو الجمالى» وإنطاق المسكوت عنه فى الرواية العربية, إذ يبدو راوى محفوظ أشبه بالجرّاح الذى لا يتورع عن التعامل بكل قسوة مع شخصياته, وقد تجلى هذا أيضًا فى طرحه لجماليات جديدة على الرواية العربية, وهو ما أسمته «جماليات القبح» التى قدمها محفوظ ببلاغته الخاصة. وأضافت أن محفوظ كان سباقًا فى طرح التشوهات الإنسانية فى الرواية العربية وتقديمها كنماذج حية من المجتمع المصرى. وقد عكس خطاب الراوى عند محفوظ وعيًا ضديًّا بالعالم قادرًا على رؤية المتناقضات فى كل شيء من حوله. وأوضحت علوَّ صوت المؤلف الضمنى الذى يكمن وراء الشخصيات والمواقف والأحداث فى روايات نجيب محفوظ, وهو ما يتسق وشيوع الضمير السارد الغائب, وعدم وجود مسافة كبيرة فى بعض الأحيان بين الراوى وعالمه. ولخصت ملامح المؤلف الضمنى فى روايات محفوظ فى انحيازه إلى عالم الفقراء والمهمشين، مما جعله يعيد لهم الاعتبار عبر تسليط كاميرا السرد عليهم, مع انتفاء فكرة التعاطف الرومانسى فى التعامل مع الشخصيات التى مثلت هذه الطبقات المهمشة. والتركيز على الأحياء الشعبية فى القاهرة بوصفها أكثر تعبيرًا عن عوالم الفقراء وهم الأغلبية العظمى من الشعب المصري.ولانحياز الواضح لمبدأ العدالة الإنسانية والكراهية لكل أشكال الظلم والقهر فى العالم, وهو ما يجعل الراوى فى مواضع كثيرة مفتقدًا للحياد وغير قادر على اتخاذ مسافة مما يروي, حيث نشهد تحيزات الراوى «الأخلاقية» وخاصة فى تعليقاته وأحكامه وآرائه المضمرة فى السرد. وركزت على كشف العلاقة بين الراوى والزمن الروائى داخل روايات محفوظ عبر التركيز على تحليل المفارقات الزمنية وعلاقتها بوجهة نظر الراوى المنشغل بعنصر الزمن, كما ركزت على دراسة المكان باعتباره القرين الضرورى للزمن. وقالت أن استخدم محفوظ الحارة بشكل يجعلها مزدوجة الدلالة, فقد تكون الحارة لديه حارة حقيقية وقد تكون رمزًا للعالم كله يختزل فيها محفوظ كل أسئلته وهواجسه الوجودية. وأضافت أن راوى محفوظ انتسب إلى ما يمكن أن نسميه بالوعى المدينى نسبة إلى المدينة التى تعكس الخصوبة التاريخية والتنوع التاريخى. هذا وقد تكونت لجنة المناقشة من الدكتور جابر عصفور (مشرفا ورئيسا للجنة)، والدكتور حسين حمودة (مشرفا مشاركا)، ومناقشة كل من الدكتور محمد بدوى، والدكتور خيرى دومة. يذكر أن نجاة على حصلت على الماجستير عام 2007 عن موضوع "المفارقة فى قصص يوسف إدريس القصيرة" ولها ثلاتة دواوين شعرية هى: "كائن خرافى غايته الثرثرة"، "حائط مشقوق"، "مثل شفرة سكين".