حصلت الشاعرة نجاة على، على درجة الدكتوراة في الأدب الحديث بمرتبة الشرف عن موضوع "الراوى فى روايات نجيب محفوظ"، بعد أن تمت مناقشته مساء أمس بكلية الآداب بجامعة القاهرة. وخرجت الرسالة بأهم الملامح المتواترة لصورة المؤلف الضمني في روايات محفوظ، وهي الانحياز إلى عالم الفقراء والمهمشين، التركيز على الأحياء الشعبية في القاهرة بوصفها أكثر تعبيرًا عن عوالم الفقراء وهم الأغلبية العظمى من الشعب المصري. الانحياز الواضح لمبدأ العدالة الإنسانية والكراهية لكل أشكال الظلم والقهر في العالم, وهو ما يجعل الراوي في مواضع كثيرة مفتقدًا للحياد وغير قادر على اتخاذ مسافة مما يروي, حيث نشهد تحيزات الراوي "الأخلاقية" وخاصة في تعليقاته وأحكامه وآرائه المضمرة في السرد. الإيمان بقيمة العلم والرغبة في مبادئه، وهو ما يتضح في مواضع كثيرة من روايات محفوظ، وربما هذا الإيمان هو الذي شكَّل البناء الدرامي لرواية "أولاد حارتنا"، فقد أحسسنا بالمغزى الكامن وراء حركة التاريخ, وهي الحركة التي تعتمد على قوانين النسبية والعلة والنتيجة والقوة والمقاومة والعرض والطلب والكم والكيف، وكلها قوانين نهض عليها العلم الحديث. ولع الراوي باللغة القرآنية وتشبعه بجمالياتها والتناص معها يبدو واضحًا في مواضع كثيرة. وهو ما يظهر في استخدام الراوي صيغًا لغوية تعتمد على بعض الألفاظ أو العبارات القرآنية، والتي يعمل الراوي على إعطائها معنى مختلفًا تكتسبه من خلال السياق النصي. حرص الراوي على استخدم مستوى العامية المصرية البسيطة القاهرية في بعض الحوارات. حضور المدينة (مدينة القاهرة) في روايات محفوظ ربما يرتبط بشكل أو بآخر بدرجة انتماء الراوي/الكاتب إلى عالم المدينة, (مدينة القاهرة), معشوقة محفوظ الأولى, التي لم يكن يفارقها إلا نادرًا, والتي نسج فيها أسطورته الخاصة عبر مشروعه الروائي. فقد انشغل الراوي بتصوير عالم المدينة وتحديدًا مدينة "القاهرة" وعلى وجه الخصوص "الأحياء الشعبية" التي تطرح - بقوة - عالم المهمشين والفقراء, وهم يمثلون غالبية سكان مصر. ولفتت الباحثة أن محفوظ كتب عن تشوهات النفس الإنسانية ورغم أنه لم يكن معجباً بها، لكنه كان سباقاً في الكتابة عن شخصيات مثل "المثليين". تكونت لجنة المناقشة من الدكتور جابر عصفور"مشرفا ورئيسا للجنة"، والدكتور حسين حمودة "مشرفا مشاركا"، ومناقشة كل من الدكتور محمد بدوى، والدكتور خيرى دومة. في مناقشته قال الدكتوروالناقد محمد بدوي، أن العنوان طموح فالراوي في نصوص نجيب محفوظ يحتاج إلى عمل تفصيلي، وأوضح أن الراوي هو من يصل إلينا – نحن القراء – عبره الكلام، فالراوي هو تقريباً الرواية، كما أنه يحيل إلى الكاتب. وجه الدكتور خيري دومة انتقادات عديدة للباحثة، كان أبرزها أنها لم تمسك بتلابيب موضوعها بشكل حقيقي، فتسرب بين يديها، فلم تجيب الأطروحة عن السؤال المتعلق بخصائص راوي نجيب محفوظ، وأن ما فعلته هو مجرد تلخيص للروايات الأربعة المختارة كعينة وهم: "زقاق المدق، أولاد حارتنا، ميرامار، المرايا". ورغم ثناء دكتور جابر عصفور على الجهد المبذول من قبل الباحثة في أطروحتها للدكتوراة، إلا أنه وجه إليها نقد لاذع، قائلاً أنها وقعت في خطأ "القشقشة" ويقصد به أنها أخذت فقرة من مرجع، وأخرى من مرجع ثاني وهكذا، دون ترابط بل أن بعض المراجع التي اعتمدت عليها لا تليق برسالة دكتوراة فبعضها مجرد مراجع تعليمية لطلاب المرحلة الثانوية!. وأوصاها بمراجعة الدراسة من جديد قبل تقديمها للكلية في نسختها النهائية. أثنى المشرف على الرسالة د.حسين حمودة على الباحثة، ووصفها بال"جادة"، مؤكداً أنه رغم اختلافه معها في بعض التفسيرات والتحليلات، لكنه أكد احترامه لأي تحليل مختلف عمّا يذهب إليه. وأكد أن الراوي عند نجيب محفوظ جزء من تجربته التي حاولت استكشاف أرض لم يطأها غيره من قبل في الكتابة. الراوي في رحلة محفوظ له إشكاليات أخرى مختلفة عن الأمثلة الأربعة عينة الرواية، وتجربة الراوي عند محفوظ أكبر مما يحاط بحدودها في دراسة واحدة. وتظل كل قراءة لعالم نجيب محفوظ محض قراءة لا يمكن أن تغلق الباب على قراءات أخرى ممكنة. يذكر أن نجاة على قد حصلت على الماجستير عام 2007 عن موضوع " المفارقة فى قصص يوسف إدريس القصيرة" ولها ثلاتة دواوين شعرية هى: "كائن خرافى غايته الثرثرة"، "حائط مشقوق"، "مثل شفرة سكين".