جلست منكبة فى عملها خلف الباب الزجاجى الذى يطوى سنوات عمر مضت تجاوزت الستين عاما، حاملا خلالها عدد من يفط ودعايات للمحل لم يبقِ الزمن منها إلا عددا من اللوحات الصغيرة تحمل إحداها "هنا تباع ماكينات سنجر"، التى لا يعرف منها المار بالشراع الضيق الذى لا يتعدى اتساعه المتر ونصف المتر أسفل كوبرى زينهم، طبيعة عمل المحل إلا بعد أن ترى عينها ماكينات الخياطة التى تنتشر خلف الزجاج فى كل أرجاء المحل. داخل المحل الصغير جلست الحاجة "حنان محمود" أو أم أحمد كما يفضل أن تنادى منكبة على أحد ماكينات الخياطة الموجودة فى المحل تحيك قطعة قماش وتسترجع زكريات المجد لهذا المحل الذى أصبح بعد كونه مركز لبيع أفضل ماركات ماكينات الخياطة المستوردة إلى ورشة لتصليح ماكينات الخياطة. تتحدث أم أحمد ل"اليوم السابع" عن هذا المحل "المحل ده بقاله 60 سنة مفتوح، جوزى الحاج كمال هو اللى فتحه من زمان، كنا بنبيع فيه الماكينات المستوردة، أيام ما الناس كانت بتشترى ماكينة الخياطة وعارفة قيمتها، لكن دلوقتى محدش بيشترى خالص، يدوب احنا بنصلح باقى مكن الخياطة الموجود عند الترزية، أو اللى عنده واحدة فى البيت وقرر يصلها بدل ما يبعها. على كرسى خشبى صغير جلست تتذكر ذكريات الماضى الجميل وتشكوا ما أصاب المهنة من كساد فى العصر الحديث الحديث" الله يرحم زمان، كانت كل عروسة بتاخد فى الحاجة بتاعتها ماكينة خياطة، لكن دلوقتى خلاص محدش بيشتريها، واللى عنده بيبيعها، لأنه محدش فاضى يستخدمها، الجاهز غرق السوق، دا احنا زمان كانت بتجيلنا زباين من كل حتة لأن وجود ماكينة خياطة فى البيت تعتبر من أساسيات أى بيت فى مصر، دا غير أن ستات كتيرة كانت بتجيبها تشتغل عليها، لكن دلوقتى محدش بيجيبها خالص كله بيعتمد على الجاهز حتى البدل اللى كانت بتتفصل دلوقتى كله يجبيها جاهز"، من أجل هذا تغير نشاط المحل من بيع لماكينات الخياطة إلى "تصليح الماكينات معتمدين على القلة الباقية التى ما زالت تستخدم ماكينات الخياطة. أما عن أنواع الماكينات تقول "أم أحمد": "أحسن ماكينة خياطة هى الماكينة سينجر، وفى كمان جوكى، براذر، بس هنا فى مصر كله كان بيحب السينجر علشان دى المنتشرة أكتر، وكانت ليها طربيزة معينة بيتركب فيها سير وبتدور بالرجلين، ويفضلوا يحركوا الدواسة تروح تخلى الماكنة تشتغل، لكن بعد كده طلعوا الموتور اللى بيدورها بالكهربة".