القائمة الوطنية تقدم أوراق ترشحها في انتخابات مجلس النواب بالجيزة والصعيد    «النواب» يناقش غدًا اعتراض الرئيس على «الإجراءات الجنائية».. ومصادر: عرض استقالة 4 أعضاء    محافظ القليوبية ورئيس جامعة بنها يفتتحان المؤتمر السنوي الرابع للدراسات العليا في العلوم الإنسانية    وظائف خالية اليوم.. 134 فرصة عمل جديدة بالعين السخنة    الكاردينال كورت كوخ: وحدة المسيحيين ليست خيارًا بشريًا.. بل إرادة إلهية لا بديل عنها    بعد انخفاض الكيلو.. أسعار الفراخ اليوم الأربعاء 15 أكتوبر 2025 في بورصة الدواجن    معلومات الوزراء: تضاعف استهلاك الكهرباء بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا 3 مرات خلال الربع الأول من القرن الحالي    مصر تنقل خبراتها الزراعية لدول «الأمن الغذائي الإسلامي» لتعزيز الاستثمار والتنمية    13 قرارا جديدا للحكومة.. تعرف عليها    توقيع اتفاقية خاصة بإنشاء مكتب للبنك الدولي في دولة قطر    اصطفاف عدد كبير من شاحنات الوقود أمام معبر رفح استعدادًا لدخول غزة (صور)    رئيس الوزراء يؤكد التزام الحكومة ببرنامجها لسداد مستحقات الشركاء الأجانب (تفاصيل)    الجيش الإسرائيلي يطلق النار على فلسطينيين يتفقدون منازلهم في غزة    الكرملين: بوتين والشرع سيتطرقان إلى موضوع القواعد الروسية خلال المحادثات    مارك روته: المزيد من حلفاء الناتو سيمولون شحنات الأسلحة الأمريكية لأوكرانيا    «أراكم في نوفمبر».. رونالدو يعلق على رقمه القياسي مع البرتغال    «حالته النفسية صعبة».. إعلامي يوجه طلبًا عاجلًا لإدارة الأهلي بسبب إمام عاشور    رمضان السيد ينتقد أسامة نبيه: «تسرع في الظهور.. وكان لازم يهدى الأول»    «عايز ياخد عقده مرتين».. عبدالواحد السيد يفتح النار على زيزو.. ويكشف مفاجأة «عباس»    بعثة المصري تصل إلى ليبيا استعدادًا لمواجهة الاتحاد في الكونفيدرالية    كشف ملابسات مقتل شخص بطلق خرطوش بالقليوبية وضبط الجناة    سوزي الأردنية أمام المحكمة: «اتحاسبت على غلطتي.. والمرة دي ما عملتش حاجة»    إعدام سجائر مهربة جمركيًا في الوادي الجديد    تطورات الحالة الصحية للأطفال المصابين في حادث سقوط تروسيكل بمصرف في منقباد بأسيوط    القبض على 6 سيدات يروجن لأعمال منافية للآداب عبر تطبيق هاتفي بالجيزة والإسكندرية    الليلة.. فرقة النيل تختتم معرض الزمالك الأول للكتاب بحفل شعبي على مسرح القومي    ستايل خريفي دافئ.. ألوان هتخلي بشرتك تنوّر من غير فاونديشن    افتتاح معرض الصور الفوتوغرافية «التراث الأثري الإيبروأمريكي» بمكتبة الإسكندرية (صور)    تردد قناة Star TV التركية لمشاهدة المسلسلات التركية 2025    هيقولوا مخي اتلحس.. باسم يوسف: خايف من الحلقة الجاية من برنامج "كلمة أخيرة"    بعد إغلاق «الكبير».. إقبال ملحوظ من السائحين على زيارة المتحف المصري بالتحرير (صور)    ياسمين علي تتصدر تريند مواقع التواصل الاجتماعي.. لهذا السبب    الصحة: إطلاق حملة توعية مدرسية لتعزيز ثقافة غسل اليدين للوقاية من الأمراض المعدية    نرعاك تسمع.. حملة لتوفير السماعات الطبية بالمجان لمنتفعي التأمين الصحي الشامل    وزير الصحة يبحث مع شركتي «تكنوويف وميدبوت» الصينيتين تطوير الجراحة الروبوتية في مصر (تفاصيل)    تدشين وحدة الكلى الصناعي الجديدة في مستشفى كوم أمبو بأسوان    من هو معلق مباراة المغرب ضد فرنسا تحت 20 سنة في كأس العالم للشباب؟    حملات الدائري الإقليمي.. ضبط 103 سائقين لتعاطيهم المخدرات أثناء القيادة    السرعة الزائدة تودي بحياة سائقين في حادث تصادم بصحراوي المنيا    قبل ما تدفع غرامة.. شوف إزاي تستعلم عن مخالفات المرور برقم العربية وانت قاعد في البيت    «الوزراء»: 58% من العارضين في «تراثنا» سيدات    اشتركات جنونية ..اتوبيس المدرسة مأساة أولياء الأمور فى العام الجديد    بمشاركة مصرية.. انطلاق المؤتمر الدولي الثالث للحديد والصلب في الرياض    إنجاز دولي في الرعاية الصحية.. «الإسكوا» تمنح «جهار» جائزة النجمات الذهبية    نادية مصطفى تروج لحفلتها الغنائية بمهرجان الموسيقى العربية    التعليم: 158 جنيها رسوم دخول امتحانات الشهادة الإعدادية للعام الدراسي 2025-2026    «التضامن»: توزيع 2000 جهاز لاب توب ناطق مجهز لدعم الطلاب المكفوفين في استكمال دراستهم الجامعية    مدرب اليابان: الفوز التاريخي على البرازيل ثمرة عمل عشرات السنوات    وزير الإسكان يعلن الانتهاء من مشروعات الكهرباء والإنارة ب«شمس الحكمة»    الإفتاء توضح حكم شراء الشقة عن طريق البنك بفائدة ثابتة    «الأمم المتحدة» تحذر من خطر مخلفات الحرب الإسرائيلية على غزة    تعرف على مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء في سوهاج    وليد صلاح عبداللطيف يكشف عن "فضيحة" في قطاع ناشئي الزمالك    خبير مغربي: إعادة إعمار غزة تتطلب دعما عربيا وإسلاميا كبيرا    متى يكون سجود السهو فى الصلاة قبل السلام؟.. أمين الفتوى يوضح    الإفتاء: السير المخالف في الطرق العامة محرم شرعًا ويُحمّل صاحبه المسؤولية القانونية    تجمع القبائل والعشائر الفلسطينية في غزة يدعم الجهود الأمنية    هل شراء شقة عبر البنك يُعد ربا؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خليل الرز: حمل كتاب وقراءته فى سوريا الآن ترفاً لا معقولاً ولا يُطاق
نشر في اليوم السابع يوم 09 - 10 - 2013

قال الروائى والمترجم السورى خليل الرز، فى تصريحات خاصة ل"اليوم السابع"، إنه من الطبيعى أن تؤثر الأحداث الجارية فى سوريا على إنتاج الكتاب وإصداره واستهلاكه، وإذا كانت دار نشر رسمية كالهيئة العامة السورية للكتاب مازالت تنشر الكتب بقوة الاستمرار، فإن دور النشر الخاصة تعانى من مصاعب جدّية فى تسويق الكتاب، ومن ثم الحذر من نشره أصلاً.
وعن الأسباب المباشرة لتراجع القراءة ونشر الكتب فى سوريا، يقول: الأمر يتعلّق أولاً بسعر صرف الليرة السورية الذى جعل ثمن كتاب دور النشر الخاصة أسطورياً بالمقارنة مع الدخل الذى تدنّى أربعة أضعاف على الأقل. وثانياً أثر الأحداث الصاعق فى الناس جذبهم، قراء وغير قراء، إلى الاهتمام أولاً وأخيراً بما يجرى حولهم لفترة طويلة من السنوات الثلاث الأخيرة. وثالثاً النزوح الجماعى الذى لم يسبق له مثيل، والذى طال أكثر من ثلث سكان البلاد، بمن فيهم القراء الأعزاء.
وكذلك بقاء قسم كبير من سكان هذه المناطق الساخنة، التى تشغل الجزء الأكبر من مساحة البلاد، فى أماكنهم، تحت رحمة القصف والتدمير والعوز والفوضى، لافتقارهم لأى خيار آخر إذ لا حيلة بأيديهم ولا وسيلة. كل ذلك جعل، ويجعل، حمل كتاب وقراءته فى طابور الحصول على إعانة الأمم المتحدة أو فى انتظار القذيفة التالية على السقف التالى أو فى توقّع رصاص القنّاصين، ترفاً لا معقولاً ولا يُطاق.
وعن كيف يمر الوقت وسط هذه الأجواء الملتهبة يقول: هنالك أماكن متّصلة بصعوبة لم يصل إليها التدمير حتى الآن، وكذلك جزراً، متفرّقة بين المناطق الملتهبة، آمنةً إلى درجة ما، وإن كانت تتعرّض من وقت إلى آخر لانفجار السيارات المفخّخة والقذائف الطائشة من الجوار، فى هذه الأماكن والجزر استطاع الوقت، قوّاد الحياة المجرّب، أن يُعَلّم الناس، بمروره المحايد فوق الجراح، كيف ينظرون حتى إلى الهواء، الذى طالما استنشقوه دون أن ينتبهوا، نظرَهم إلى معجزة. وفى تواطؤ مع الوقت نفسه يبدون لى الآن كما لو أنهم يعودون خلسةً، فى قفزاتٍ خاطفةٍ مذنبةٍ، إلى نفوسهم التى عرفوها طيلة حياتهم، والتى غادروها فجاةً قبل ثلاث سنوات. والقراء، من ناحيتهم، يساهمون كغيرهم، أعتقد الآن، بقدر أقل من الخجل، فى هذا التواطؤ الجماعى شبه المعلن مع الوقت والحياة، ويعودون، بين سيارة مفخخة وأخرى، بين قذيفة طائشة وأخرى، إلى كتبهم المفتوحة المكبوبة على هذه الطاولة، وتلك الديوانة، وذلك الشبّاك.
وعن كيف يتعايش هو مع القصف والدمار المتواصل من ثلاث سنوات يقول: أنا أعيش فى جزيرة، من هذه الجزر الممكنة بمشقّة هنا وهناك، إنما فى غوطة دمشق. أبدو لنفسى كما لو أننى أقلّد نفسى التى تركتها ذات يوم مع النفوس الأخرى القديمة المتروكة هناك..قبل الأحداث- أكتب قدر الإمكان، وأقرأ، هذه الأيام مثلاً، فى مذكرات الرئيس محمد نجيب، وفى مجموعة مقالات باللغة الروسية عن الزرافة، وأكاد أنتهى من قراءة رواية "عطش الحب" ليوكيو ميشيما.
جدير بالذكر ان الناقد والمترجم خليل الرز قدم إلى المكتبة العربية ترجمات لمجموعة قصص لأنطون تشيخوف صدرت فى جزأين عن وزارة الثقافة السورية. وان أغلب تلك القصص لم ينشر من قبل، ولم تشتمل عليه الأعمال المختارة الشهيرة التى قدمها المترجم المصرى الكبير د. أبوبكر يوسف. وله عدة روايات منها: "وسواس الهواء"، "غيمة بيضاء فى شباك الجدة"، "أين تقع صفد يا يوسف" سلمون إرلندى وأعمال أخرى.
وعن أهمية الترجمات التى قدمها خليل الرز إلى المكتبة العربية يقول الكاتب الكبير أحمد الخميسى: تمثل ترجمة خليل الرز إضافة ثقافية وإنسانية وفنية بالغة الأهمية لأنها توسع دائرة معرفتنا ومطالعتنا للقصص المذهلة التى لم تفقد شيئا من حيويتها وعمقها بعد أكثر من قرن على كتابتها. ومن يقرأ قصص تشيخوف فى ترجمة خليل الرز يكتشف أن ذلك الكاتب النادر مازال يتملص من تصنيفه فى دائرة (الأدب الكلاسيكى)، لأنه سواء من ناحية الأسئلة التى تطرحها قصصه أومن ناحية فن الكتابة، معاصر عظيم أكثر من كل المعاصرين. ومعظم القصص التى تضمها ترجمة خليل الرز تعود إلى عشر سنوات قبل رحيل تشيخوف.
وفى القصص المبكرة التى اختارها خليل الرز بعناية فائقة سيصادف القارئ روح المرح الخفيفة المهذبة التى لم تكن قد فارقت تشيخوف بعد، مثلما هى الحال فى قصته (من مفكرة إنسان نزق)، وقصة (مكائد)، وقصة (تهور). من ناحية أخرى فإن تلك المجموعة تكشف لنا عن رؤية تشيخوف المبكرة لما يعتبره السؤال الأول المطروح على كل إنسان: ماذا نفعل بحياتنا؟ كيف يمكن أن نحياها بشكل أفضل وأجمل؟ لماذا تهلك منا أعمارنا؟. هذا الهاجس الرئيسى الذى ينمو فيما بعد ليخلق لنا (الأخوات الثلاث) و(بستان الكرز) و(حكاية مملة)، وهو سؤال تشيخوف فى إبداعه كله، قدمه بأبعاد ومستويات مختلفة، وهوعنده حجر الزاوية فى كل شىء.
وفى الجزء الأول من ترجمة خليل الرز سنجد القصة المسماة (حكاية السيدة.ن.ن) وفيها تحدث الفتاة نفسها: (عشت فى رخاء ومرح دون أن أحاول فهم نفسى ودون أن أعرف ماذا أنتظر وماذا أريد؟ بينما الوقت يمضى ويمضي) ثم تبكى وهى تضغط على صدغها: (يا إلهى.. يا إلهى لقد هلكت الحياة)! وفى قصة (زوجة) تقول ناتاليا: (كان يمكن لهذه الحياة أن تكون رائعة.. يالها من حياة لا يمكن إعادتها الآن)! وفى قصة خوف يقول دميتري: (ما يخيفنى بالدرجة الأولى هوالحياة الخاملة التى لا يجد أى منا فكاكا منها).
وفى قصة (مملكة الحري) تحظى(آن) بكل شيء، فهى شابة وثرية وجميلة، لكنها لا تجرؤ على أن تحيا كما تريد، ولا تستطيع أن تتخطى حواجز اجتماعية، وتستسلم لما حولها، فتهلك حياتها بدون محبة. ثم تدرك فى لحظة متأخرة: (أن الوقت متأخر بالنسبة إليها لأن تحلم بالسعادة، وأن كل شيء قد هلك). وفى قصة كمنجة روتشيلد يتأمل ياكوف حياته ويفكر: (ضاعت الحياة سدى وهدرا ولم يتبق شيء فى المستقبل. لماذا لا يستطيع الإنسان أن يعيش بطريقة لا يكون فيها مثل هذه الخسارات؟). يسأل ياكوف نفسه: (لماذا تنقضى الحياة التى تعطى للإنسان مرة واحدة دون فائدة؟).
هذا هو سؤال تشيخوف الخاص، وهو إلى حد كبير سر عظمته، التى تتجلى حين يطرح تشيخوف السؤال فى كل مرة من زاوية أخرى وبالاشتباك مع عناصر جديدة.
قدم خليل الرز هدية للمكتبة العربية ولقراء الأدب الحقيقى سواء باختيار القصص أو بترجمتها بتلك السلاسة وذلك التمكن، ووضع تحت يدى القارئ بعضا من أهم أعمال أنطون تشيخوف الكاتب النادر حقا وسيد القصة القصيرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.