شركات الصرافة التابعة للبنوك الحكومية تجمع حصيلة من العملات تتجاوز 25.5 مليار جنيه    «القاهرة الإخبارية»: إسرائيل توسع نطاق القصف في رفح الفلسطينية    «الصحة»: نتعاون مع معهد جوستاف روسي الفرنسي لإحداث ثورة في علاج السرطان    مواجهة القمة والقاع| الهلال يلتقي الحزم للتتويج بلقب الدوري السعودي    أسعار الخضروات والفاكهة اليوم السبت 11 مايو 2024.. الطماطم ب5 جنيهات    حزب الله يستهدف موقع راميا ومستعمرة المطلة ويحقيق إصابات مباشرة بهما    بعد قطع العلاقات الدبلوماسية.. رئيس كولومبيا يدعو «الجنائية الدولية» لإصدار مذكرة توقيف بحق نتنياهو    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم السبت    أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 11 مايو 2024.. بشاي 41 ألف جنيه    لعدم الانضباط .. إحالة طاقم النوبتجية بمركز طب الأسرة ب«الروافع» في سوهاج للتحقيق    اليوم.. محاكمة المتهم بإنهاء حياة 3 مصريين بقطر    وسائل إعلام فلسطينية: إطلاق وابل من القنابل الضوئية في أجواء منطقتي خربة العدس وحي النصر شمالي رفح    اليوم.. وزير الشباب والرياضة يحاضر في ندوة بجامعة سوهاج    مصرع سيدة سقطت من شرفة منزلها أثناء نشر الغسيل لجرجا سوهاج    غدا.. "الشيوخ" يناقش خطط التوسع بمراكز التنمية الشبابية ودور السياسات المالية لتحقيق التنمية الاقتصادية    حادثة عصام صاصا على الدائري: تفاصيل الحادث والتطورات القانونية وظهوره الأخير في حفل بدبي    تفاصيل إحالة 10 أطباء ورئيسة تمريض للتحقيق العاجل في أسيوط (صور)    بعد تعاونهما في «البدايات».. هل عاد تامر حسني إلى بسمة بوسيل؟    تعليق صادم من جاياردو بعد خماسية الاتفاق    موعد مباراة توتنهام أمام بيرنلي في الدوري الإنجليزي والقنوات الناقلة    شاروخان يصور فيلمه الجديد في مصر (تفاصيل)    المفتي يحسم الجدل حول حكم الشرع بإيداع الأموال في البنوك    تشكيل تشيلسي المتوقع أمام نوتينجهام فورست    إبراهيم سعيد ل محمد الشناوي:" مش عيب أنك تكون على دكة الاحتياطي"    عمال الجيزة: أنشأنا فندقًا بالاتحاد لتعظيم استثمارات الأصول | خاص    التعليم العالي تعلن فتح برامج المبادرة المصرية اليابانية للتعليم EJEP    مجلس الأمن يدعو إلى إجراء تحقيق مستقل وفوري في المقابر الجماعية المكتشفة بغزة    كرم جبر: أمريكا دولة متخبطة ولم تذرف دمعة واحدة للمذابح التي يقوم بها نتنياهو    حريق ب «جراج» في أبو النمرس والحماية المدنية تمنع كارثة (صور)    الزراعة: زيادة الطاقة الاستيعابية للصوامع لأكثر من 5 ملايين طن    خبير دستوري: اتحاد القبائل من حقه إنشاء فروع في كل ربوع الدولة    رادار المرور يلتقط 1011 سيارة تسير بسرعات جنونية فى 24 ساعة    ننشر درجات الحرارة المتوقعة اليوم السبت فى مصر    الشعبة تكشف تفاصيل تراجع أسعار الدواجن والبيض مؤخرًا    الإمارات تحرج نتنياهو وترفض دعوته بشأن غزة: لا صفة له    السياحة عن قطع الكهرباء عن المعابد الأثرية ضمن خطة تخفيف الأحمال: منتهى السخافة    حظك اليوم وتوقعات الأبراج السبت 11 مايو على الصعيد المهنى والعاطفى والصحى    باليه الجمال النائم ينهى عروضه فى دار الأوبرا المصرية الاثنين    عمرو دياب يحيى حفلا غنائيا فى بيروت 15 يونيو    ثنائي الزمالك قبل نهائي الكونفدرالية: التاريخ يذكر البطل.. وجاهزون لإسعاد الجماهير    أبناء السيدة خديجة.. من هم أولاد أم المؤمنين وكم عددهم؟    اليوم.. الاجتماع الفنى لمباراة الزمالك ونهضة بركان فى ذهاب نهائى الكونفدرالية    الهلال ضد الحزم.. أكثر 5 أندية تتويجا بلقب الدوري السعودي    موازنة النواب عن جدل الحساب الختامي: المستحقات الحكومية عند الأفراد والجهات 570 مليار جنيه    القانون يحمى الحجاج.. بوابة مصرية لشئون الحج تختص بتنظيم شئونه.. كود تعريفى لكل حاج لحمايته.. وبعثه رسمية لتقييم أداء الجهات المنظمة ورفع توصياتها للرئيس.. وغرفه عمليات بالداخل والخارج للأحداث الطارئة    المواطنون في مصر يبحثون عن عطلة عيد الأضحى 2024.. هي فعلًا 9 أيام؟    رسائل تهنئة عيد الأضحى مكتوبة 2024 للحبيب والصديق والمدير    ل أصحاب برج الثور والعذراء والجدي.. من هم أفضل الأصدقاء لمواليد الأبراج الترابية في 2024    مصرع شاب غرقًا في بحيرة وادي الريان بالفيوم    «أنصفه على حساب الأجهزة».. الأنبا بولا يكشف علاقة الرئيس الراحل مبارك ب البابا شنودة    هل يجوز للمرأة وضع المكياج عند خروجها من المنزل؟ أمين الفتوى بجيب    الإفتاء تكشف فضل عظيم لقراءة سورة الملك قبل النوم: أوصى بها النبي    النائب شمس الدين: تجربة واعظات مصر تاريخية وتدرس عالميًّا وإقليميًّا    الحكومة اليابانية تقدم منح دراسية للطلاب الذين يرغبون في استكمال دراستهم    نتائج اليوم الثاني من بطولة «CIB» العالمية للإسكواش المقامة بنادي بالم هيلز    5 علامات تدل على إصابتك بتكيسات المبيض    هل يشترط وقوع لفظ الطلاق في الزواج العرفي؟.. محام يوضح    جلطة المخ.. صعوبات النطق أهم الأعراض وهذه طرق العلاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خليل الرز: حمل كتاب وقراءته فى سوريا الآن ترفاً لا معقولاً ولا يُطاق
نشر في اليوم السابع يوم 09 - 10 - 2013

قال الروائى والمترجم السورى خليل الرز، فى تصريحات خاصة ل"اليوم السابع"، إنه من الطبيعى أن تؤثر الأحداث الجارية فى سوريا على إنتاج الكتاب وإصداره واستهلاكه، وإذا كانت دار نشر رسمية كالهيئة العامة السورية للكتاب مازالت تنشر الكتب بقوة الاستمرار، فإن دور النشر الخاصة تعانى من مصاعب جدّية فى تسويق الكتاب، ومن ثم الحذر من نشره أصلاً.
وعن الأسباب المباشرة لتراجع القراءة ونشر الكتب فى سوريا، يقول: الأمر يتعلّق أولاً بسعر صرف الليرة السورية الذى جعل ثمن كتاب دور النشر الخاصة أسطورياً بالمقارنة مع الدخل الذى تدنّى أربعة أضعاف على الأقل. وثانياً أثر الأحداث الصاعق فى الناس جذبهم، قراء وغير قراء، إلى الاهتمام أولاً وأخيراً بما يجرى حولهم لفترة طويلة من السنوات الثلاث الأخيرة. وثالثاً النزوح الجماعى الذى لم يسبق له مثيل، والذى طال أكثر من ثلث سكان البلاد، بمن فيهم القراء الأعزاء.
وكذلك بقاء قسم كبير من سكان هذه المناطق الساخنة، التى تشغل الجزء الأكبر من مساحة البلاد، فى أماكنهم، تحت رحمة القصف والتدمير والعوز والفوضى، لافتقارهم لأى خيار آخر إذ لا حيلة بأيديهم ولا وسيلة. كل ذلك جعل، ويجعل، حمل كتاب وقراءته فى طابور الحصول على إعانة الأمم المتحدة أو فى انتظار القذيفة التالية على السقف التالى أو فى توقّع رصاص القنّاصين، ترفاً لا معقولاً ولا يُطاق.
وعن كيف يمر الوقت وسط هذه الأجواء الملتهبة يقول: هنالك أماكن متّصلة بصعوبة لم يصل إليها التدمير حتى الآن، وكذلك جزراً، متفرّقة بين المناطق الملتهبة، آمنةً إلى درجة ما، وإن كانت تتعرّض من وقت إلى آخر لانفجار السيارات المفخّخة والقذائف الطائشة من الجوار، فى هذه الأماكن والجزر استطاع الوقت، قوّاد الحياة المجرّب، أن يُعَلّم الناس، بمروره المحايد فوق الجراح، كيف ينظرون حتى إلى الهواء، الذى طالما استنشقوه دون أن ينتبهوا، نظرَهم إلى معجزة. وفى تواطؤ مع الوقت نفسه يبدون لى الآن كما لو أنهم يعودون خلسةً، فى قفزاتٍ خاطفةٍ مذنبةٍ، إلى نفوسهم التى عرفوها طيلة حياتهم، والتى غادروها فجاةً قبل ثلاث سنوات. والقراء، من ناحيتهم، يساهمون كغيرهم، أعتقد الآن، بقدر أقل من الخجل، فى هذا التواطؤ الجماعى شبه المعلن مع الوقت والحياة، ويعودون، بين سيارة مفخخة وأخرى، بين قذيفة طائشة وأخرى، إلى كتبهم المفتوحة المكبوبة على هذه الطاولة، وتلك الديوانة، وذلك الشبّاك.
وعن كيف يتعايش هو مع القصف والدمار المتواصل من ثلاث سنوات يقول: أنا أعيش فى جزيرة، من هذه الجزر الممكنة بمشقّة هنا وهناك، إنما فى غوطة دمشق. أبدو لنفسى كما لو أننى أقلّد نفسى التى تركتها ذات يوم مع النفوس الأخرى القديمة المتروكة هناك..قبل الأحداث- أكتب قدر الإمكان، وأقرأ، هذه الأيام مثلاً، فى مذكرات الرئيس محمد نجيب، وفى مجموعة مقالات باللغة الروسية عن الزرافة، وأكاد أنتهى من قراءة رواية "عطش الحب" ليوكيو ميشيما.
جدير بالذكر ان الناقد والمترجم خليل الرز قدم إلى المكتبة العربية ترجمات لمجموعة قصص لأنطون تشيخوف صدرت فى جزأين عن وزارة الثقافة السورية. وان أغلب تلك القصص لم ينشر من قبل، ولم تشتمل عليه الأعمال المختارة الشهيرة التى قدمها المترجم المصرى الكبير د. أبوبكر يوسف. وله عدة روايات منها: "وسواس الهواء"، "غيمة بيضاء فى شباك الجدة"، "أين تقع صفد يا يوسف" سلمون إرلندى وأعمال أخرى.
وعن أهمية الترجمات التى قدمها خليل الرز إلى المكتبة العربية يقول الكاتب الكبير أحمد الخميسى: تمثل ترجمة خليل الرز إضافة ثقافية وإنسانية وفنية بالغة الأهمية لأنها توسع دائرة معرفتنا ومطالعتنا للقصص المذهلة التى لم تفقد شيئا من حيويتها وعمقها بعد أكثر من قرن على كتابتها. ومن يقرأ قصص تشيخوف فى ترجمة خليل الرز يكتشف أن ذلك الكاتب النادر مازال يتملص من تصنيفه فى دائرة (الأدب الكلاسيكى)، لأنه سواء من ناحية الأسئلة التى تطرحها قصصه أومن ناحية فن الكتابة، معاصر عظيم أكثر من كل المعاصرين. ومعظم القصص التى تضمها ترجمة خليل الرز تعود إلى عشر سنوات قبل رحيل تشيخوف.
وفى القصص المبكرة التى اختارها خليل الرز بعناية فائقة سيصادف القارئ روح المرح الخفيفة المهذبة التى لم تكن قد فارقت تشيخوف بعد، مثلما هى الحال فى قصته (من مفكرة إنسان نزق)، وقصة (مكائد)، وقصة (تهور). من ناحية أخرى فإن تلك المجموعة تكشف لنا عن رؤية تشيخوف المبكرة لما يعتبره السؤال الأول المطروح على كل إنسان: ماذا نفعل بحياتنا؟ كيف يمكن أن نحياها بشكل أفضل وأجمل؟ لماذا تهلك منا أعمارنا؟. هذا الهاجس الرئيسى الذى ينمو فيما بعد ليخلق لنا (الأخوات الثلاث) و(بستان الكرز) و(حكاية مملة)، وهو سؤال تشيخوف فى إبداعه كله، قدمه بأبعاد ومستويات مختلفة، وهوعنده حجر الزاوية فى كل شىء.
وفى الجزء الأول من ترجمة خليل الرز سنجد القصة المسماة (حكاية السيدة.ن.ن) وفيها تحدث الفتاة نفسها: (عشت فى رخاء ومرح دون أن أحاول فهم نفسى ودون أن أعرف ماذا أنتظر وماذا أريد؟ بينما الوقت يمضى ويمضي) ثم تبكى وهى تضغط على صدغها: (يا إلهى.. يا إلهى لقد هلكت الحياة)! وفى قصة (زوجة) تقول ناتاليا: (كان يمكن لهذه الحياة أن تكون رائعة.. يالها من حياة لا يمكن إعادتها الآن)! وفى قصة خوف يقول دميتري: (ما يخيفنى بالدرجة الأولى هوالحياة الخاملة التى لا يجد أى منا فكاكا منها).
وفى قصة (مملكة الحري) تحظى(آن) بكل شيء، فهى شابة وثرية وجميلة، لكنها لا تجرؤ على أن تحيا كما تريد، ولا تستطيع أن تتخطى حواجز اجتماعية، وتستسلم لما حولها، فتهلك حياتها بدون محبة. ثم تدرك فى لحظة متأخرة: (أن الوقت متأخر بالنسبة إليها لأن تحلم بالسعادة، وأن كل شيء قد هلك). وفى قصة كمنجة روتشيلد يتأمل ياكوف حياته ويفكر: (ضاعت الحياة سدى وهدرا ولم يتبق شيء فى المستقبل. لماذا لا يستطيع الإنسان أن يعيش بطريقة لا يكون فيها مثل هذه الخسارات؟). يسأل ياكوف نفسه: (لماذا تنقضى الحياة التى تعطى للإنسان مرة واحدة دون فائدة؟).
هذا هو سؤال تشيخوف الخاص، وهو إلى حد كبير سر عظمته، التى تتجلى حين يطرح تشيخوف السؤال فى كل مرة من زاوية أخرى وبالاشتباك مع عناصر جديدة.
قدم خليل الرز هدية للمكتبة العربية ولقراء الأدب الحقيقى سواء باختيار القصص أو بترجمتها بتلك السلاسة وذلك التمكن، ووضع تحت يدى القارئ بعضا من أهم أعمال أنطون تشيخوف الكاتب النادر حقا وسيد القصة القصيرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.