حاسبوهم قبل أن يحاسبكم التاريخ

عندما كنت أكتب مقالاتى السابقة مثل (الإخوان وزمن الثورة رسالة إلى من يهمه الأمر ذاكرة التاريخ الشارع يغلى والحكومة ديب فريزر مصر وأزمة القيادة) كانوا يقولون إننى لا أعيش الواقع وإننى مازلت غير مؤمن بأمر مسلم به وهو وصول الإخوان إلى سدة الحكم...
ولكنى كنت مؤمنا وواثقا من أن الشعب المصرى الذى ذاق الهوان والفقر والجوع من خلال فترة الحكم السابقة للرئيس المتنحى ولذلك قام عليه بثورة مجيدة هى ثورة يناير لن يصبر كثيرا على خفافيش الظلام التى ظهرت للنور.
لكى تستولى على ثورته ولكن كان يصبر حتى يرى بصيص الأمل منهم فى تغيير الواقع الذى فرض نفسه علينا، كشعب حائر بين حضارته ومدنيته وبين ما يسمى المشروع الإسلامى الذى نادوا به وكانوا يجيدون اللعب على أوتار الدين ويستلهبون مشاعر الناس باسم الإسلام.
ومن هذا المنطلق كان الإخوان يبنون بيوتاً من رمال على شاطئ بحر هائج أمواجه عاتية تحطم كل شىء يقابلها ولم يدركوا أن الشعب لن يصبر عندما يكتشف زيف الكلام المعسول الذى يقال له طيلة عامين من تاريخ الثورة الاولى وانهم سيحاسبوا على كل أفعالهم وأقوالهم..
بل تناسوا أيضا أن لكل بداية نهاية وأنه عندما تزرع سوف تجنى ما زرعت، والجماعة الفاشية زرعت الحقد والغل والفتنه والانقسام بين أبناء الشعب الواحد وعملت جاهدة على تغيير الحقائق طوال فترة العامين الماضيين، وهم الآن يجنون ما زرعوا من كل شىء خبيث، هذا ما جنته أيديهم وما جنى عليهم أحد لأن من راهن على الشعب كسب كل شىء ومن راهن على السلطة والنفوذ والزيت والسكر واستقوى بالخارج على شعبه خسر كل شىء، لأن لا صوت يعلو فوق صوت الشعب، والشعب وحده هو مصدر السلطات والشرعية، وسوف يظل شعب مصر العظيم مقبرة لكل الطغاة والظالمين والخائنين والمحتلين لهذا البلد الأمين على مر العصور والتاريخ.
ومن هنا ومن هذا المنبر يجب أن يحاسب كل من أساء لهذا الشعب العظيم ويجب أن يحاسب كل من أساء إلى جيش هذا الوطن العظيم الذى هو درع الأمان للأمة العربية بإثرها، ويجب أن يحاسب كل من سولت له نفسه أن يفرق بين أبناء هذا الوطن أما بالتكفير وإما باتهامه بالخيانة والعمالة، وبعد وضوح الرؤية نكتشف أنهم هم أصل الداء لكل شقاء وقع فيه الشعب المصرى، لا تصالح مع أحد قبل أن يكفر عن أخطائه، لا تصالح مع أشخاص وضعوا مادة فى الدستور للعزل والإقصاء لكل من كان يمارس السياسة قبل أن يعرفوا هم معنى كلمة سياسة، وعاش شعب مصر العظيم: وعاشت مصر حرة مستقرة.