حقيقة واضحة وضوح الشمس فى رابعة النهار لا سيما فى عالم الثورات وآثارها على الشعوب، ألا وهى أنه لا ثورة بلا تضحيات ولا عيش وحرية وعدالة اجتماعية دون صبر على مشاق الطريق حتى تضع الثورة أوزارها. نعم قضينا أياما عجافا فى ساحات مصر إبان ثورة يناير أشعلنا خلالها وهج الغيرة على كرامتنا المسلوبة وحريتنا المنهوبة وتنامى لهيب الثورة يوما بعد يوم حتى وصل ذروته فى اليوم الثامن عشر وبعدها تفرق الجمع وتفككت الأيادى التى طالما قويت بالتشابك والترابط وولى الجميع إلى مبتغاه وأهدافه فور التنحى منتظرا أناسا آخرين من كوكب ثانى ينزلون من السماء ليواصلوا مسيرة التضحية والصبر حتى يحين موعد حصاد ما أنتجته الثورة من عيش وحرية وعدالة اجتماعية. لقد قمنا جميعا ببدايات ثورة ولم نكملها ولم نتحمل صعابها وعقباتها بدءا من تلكم العقبات التى وضعها فى طريقنا فلول النظام السابق والمتضررين من سقوطه ومرورا بتسليم عقولنا وحواسنا إلى شائعات وأكاذيب إعلامية مغرضة مدبرة بليل كل هدفها هو تشويه ثورتنا وما أنتجته من بذور للحرية والديموقراطية متمثلا فى انتخاب أول رئيس بإرادتنا الحرة المستقلة وفى حرية تعبيرنا عن الرأى مهما كان مخالفا وانتهاء بانضمام البعض ممن كانوا ثوارا مخلصين بالأمس إلى أحزاب وتيارات كل هدفها هو إسقاط الرئيس وإفشال خطواته حتى تحظى هى بالمنصب الرئاسى مهما كانت الأضرار التى ستلحق بأمن واستقرار الوطن. أردناها ثورة دليفرى لا تعب فيها ولا صبر على التحديات.. تنقطع الكهرباء سويعات فينقطع الأمل فى نفوس الكثيرين منا من تحقيق النهضة لمصر تحت الإدارة الحالية وينقطع معها رجائنا فى الرئيس وحكومته. نسمع عن انفلات للأمن هنا أو هناك وعلى الفور نجزع ويُجن جنوننا ونسب ونلعن ثورتنا لأنها لم تحقق لنا الأمن المنشود فى شهور معدودة بعد تولى الرئيس ويفرغ صبرنا على الوقت الذى يحتاجه الأمن كى يعود وللفساد أن يتطهر. هكذا هو ديدننا فى التعامل مع كل أزمة تطرأ علينا منذ انتهاء ثورتنا حتى الآن.. مع كل أزمة يزلزلنا اليأس والإحباط ونشكوا هنا وهناك وتعبس وجوهنا ليل نهار ولسان حالنا يقول ويردد للقاصى والدانى.. أين العيش والحرية والعدالة التى كنا نحلم بها فور انتهاء ثورتنا.. ثورتنا الدليفرى التى تخلو من الصبر والتحمل للمشاق والعقبات ومساندة القائمين على الأمر. وكان طبيعيا أن تتغير صورة مجتمع قد حول ثورته إلى ثورة دليفرى إلى صورة مجتمع ساخط على واقعه ناظر إلى كل شىء عبر نظارة سوداء قاتمة فيقع سريعا فريسة سهلة لكل حزب فاشل أو متآمر على الوطن واستقراره ليستغل ما قلوبهم من يأس وسخط إلى تمرد خبيث على الوطن ونهضته. ما أحوجنا إلى الصبر قليلا على ثورتنا وإلى تهيئة نفوسنا لتحمل مشاق طريق ما بعد الثورة حتى نصل بها إلى بر الأمان ونجنى ثمارها الناضجة فلا أمل فى كرامة وطن وحريته إذا تحولت ثورته الشعبية إلى ثورة دليفرى.