شاهدت لقاء الرئيس مرسى مع بعض القوى الوطنية وحواره معهم ليطلعهم الرئيس مرسى على نتائج تقرير اللجنة الثلاثية حول تبعات بناء سد النهضة فى أثيوبيا، ولقد انتابتنى حالة من الدهشة والاستغراب عما دار من حوار وعلى الهواء مباشرة ومن قصر الاتحادية وبحضور رئيس مصر – وهو أمر ليس بجديد على من يحيط بالرئيس مرسى من حزب الحرية والعدالة ومساعديه ومستشاريه من جماعة الإخوان الذين يفتقرون إلى أدنى درجات الحيطة والحذر فى إذاعة لقاء للرئيس على الهواء مباشرة دون الأخذ فى الاعتبار أن ((الأمن القومى المصرى)) لا يسمح بادارة هذا النوع من الحوارات، والتى تتعرض إلى أمور أمنية وخطيرة قد تضر مصر إذا تم عرضها على الهواء مباشرة وقد يستخدمها الطرف الآخر ضد مصر فى المحافل الدولية، مما يضعف الموقف المصرى فى التفاوض من أجل مياه النيل وسد النهضه المزمع بناؤه فى أثيوبيا. مازال مرسى ومن حوله يكررون نفس الأخطاء بسبب انعدام خبرتهم فى الرئاسة وإصرارهم على ممارسة أسلوب التجربة والخطأ وهم فى الحقيقه لا يخرجون من أى عمل لهم إلا بأخطاء فادحة يدفع فاتورتها فى النهاية الشعب المصرى بسبب عنادهم المستمر وإصرارهم على قيادة السفينة بمفردهم ودون سواهم من الجماعة. لقد أخطأ مرسى كثيرا – أخطأ عندما قام بإصدار الإعلان الدستورى ثم بدأ معركته مع المحكمة الدستورية ورجال القضاء، وبعد ذلك جاء لنا بدستور غير توافقى قسم شعب مصر وشارك فى صناعته جماعته ومستشاروه القانونيون الذين أثبتت الأيام أنهم أوقعوا مرسى فى شباك الأخطاء المتكررة، والتى أفقدته مصداقيته بين جماعته وأنصاره قبل المعارضة – لقد عشت حرب 1956 ونكسة 1967 وحرب الاستنزاف وكان لى شرف الاشتراك فى حرب أكتوبر 1973 فى قيادة قطاع بورسعيد، حيث كانت تغير علينا طائرات الفانتوم الإسرائيلية بصفة يومية وتتصدى لها المضادات الأرضية أو طائراتنا المقاتلة وكنا ننتظر البيانات العسكرية فى الإذاعة المصرية بفارغ الصبر، والتى كان يسبقها مارشات عسكرية تطرب الآذان، وكنا فى ذلك الوقت نعرف هدفنا ونقدر قائدنا فى ذلك الوقت جمال عبد الناصر الذى رغم ما ارتكبه من أخطاء فادحة بالوحدة مع سوريا وحرب اليمن ثم أخيرا نكسة 1967 إلا أن القائد والزعيم جمال عبد الناصر لم يفقد ذرة واحدة من شعبيته ولا حب الجماهير المصرية التى ذرفت الدّموع عليه عندما قرر التنحى عن منصب رئاسة الجمهوريه بعد نكسة 1967 رغم إعلانه صراحة أنه يتحمل المسئوليه كاملة عن الهزيمة وخرجت الجماهير ليلة تنحيه فى الظلام الدامس ورغم الغارات على المدن المصرية لتطالب ببقائه فى منصبه ثم ذرفت الدموع مرة أخرى حتّى جفّت الجفون يوم وفاته فى 28 سبتمبر 1970 وبكت القلوب مرارة على فراقه رغم أخطائه. لقد كنت فى زيارة للملكة المتحدة ولندن بالتحديد عام 1970 وأثناء ركوبى إحدى الحافلات فى شارع أكسفورد سألنى واحد من الشعب الإنجليزى من أين أنا؟ فقلت له Egypt فقال على الفور أوه .. مستر ناصر. نعم إنه ناصر الذى جعل مصر دولة يحترمها العالم رغم أخطائه التى لم تقلل من شعبيته فى الشارع المصرى والعربى – إنه ناصر الذى تحدى أمريكا وقرر تأميم قناة السويس لبناء السد العالى - أنه ناصر الذى أراد المغرضين أن يمحوا تاريخه ولكنهم لم يفطنوا أن تاريخه مسجل فى قلوب المصريين وليس فى شرائط الأفلام التسجيلية الموجودة فى مبنى الإذاعة والتليفزيون – إن الزعيم والقائد جمال عبد الناصر صنع تاريخه بقوة شخصيته والكاريزما التى منحها له الله عز وجل ولم يصنع زعامته حزب أو جماعة- إنه ناصر الذى ساعد العديد من الدول الأفريقية على الحصول على الدعم لنيل استقلالها من المستعمر المحتل. مصر تحتاج إلى زعامة وقيادة تعيد لها مكانتها الأفريقية والعربية والدولية – مصر تحتاج إلى زعامة تعرف كيف تحقق طموحات شعبها دون أن تطلب مشورتها بحجة الشفافية – مصر تحتاج إلى زعامة وقيادة تعرف كيف تتعامل مع الأزمات دون خوف أو أيادى مرتعشة – مصر تحتاج إلى زعامة وقيادة تعيد اللحمة العربية من جديد وخاصة مع دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، فهل تفهم القيادة الحالية أن مصر لم تعد تتحمل أخطاء وأن القياده الحاليه عليها أن تعرف أن مهما مر من الوقت لن يصح إلا الصحيح.