تكلم الرئيس مرسى فى مصنع الحديد والصلب مع العمال فى عيدهم، وعندما ذكر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذى رحل عن عالمنا منذ 43 سنة، ضجت القاعة بتصفيق حاد ومتصل تحية لهذا الزعيم فى العالم الآخر... ذلك حدث رغم علمهم بموقف الرئيس وجماعته من الزعيم الراحل... هكذا يذكر الرجال وهم فى قبورهم بعد أن ذهب عنهم السلطان وزالت عنهم الدنيا وزالوا عنها.. فهل يدشن الرئيس مرسى بذلك موقفاً جديداً تجاه الزعيم عبد الناصر؟. الزعيم الراحل يا فخامة الرئيس عندما قام بالثورة كان يمتلك رؤية وبرنامجا واستراتيجية، ولذا فإن البوصلة لديه كانت محددة الاتجاه، وفى خلال شهور صدر قانون الإصلاح الزراعى. وأثناء ذلك جرت مفاوضات الجلاء، ثم إعلان منظمة دول عدم الانحياز فى مؤتمر باندونج، ودعم حركات التحرر، والتفكير فى السد العالى، ثم إعلان تأميم القناة، وخوض المعركة السياسية ضد العدوان الثلاثى، ودعم المقاومة الشعبية، ومنظمة الوحدة الأفريقية ، ومنظمة المؤتمر الإسلامى، والقاعدة الصناعية، ومجانية التعليم...إلخ. تلك كانت الرؤية والمنهج، وكانت هذه هى الأدوات والوسائل، وتلك كانت مصر.. عملا متناغما على اختلافه، متكاملا على تنوعه. الرجل الزعيم قام بأعمال عظيمة اكتسبت بها مصر مكانة فاعلة وفعالة على المستوى الإقليمى والدولى، ناهيك عن الإنجازات على المستوى المحلى، نعم كانت له أخطاء فادحة وقاتلة، ولكن الفارق بينه وبين غيره أنه كان يخطىء من حيث يريد أن يصيب . قالت الصحف الأجنبية إنه لم يمت سبتمبر 1970 م وإنما مات 1967 م، خطاب التنحى كان قمة الانكسار لزعيم أمة، التحم الشعب معه بآماله وأحلامه وطموحاته فى تلك اللحظة، وأبى أن يستسلم زعيمه أو ينكسر فتنكسر معه الأمة، خاض حرب الاستنزاف بعد شهور من الهزيمة. ووضع اللبنة الأولى فى معركة التحرير التى مهدت لحرب 1973 م. هذا الرجل يا فخامة الرئيس بنجاحاته وإخفاقاته حطم الرقم القياسى فى عدد مشيعيه إلى مثواه الأخير بعد أن جعل مصر رقماً صعباً فى المعادلة الدولية، فهل تسمح لك جماعتك بتدشين موقف منصف من هذا الزعيم ؟ لا أظن !! . أما حديثك عن عبد الناصر والقاعدة الصناعية التى كان يريد أن يبنى مصر على أساسها فهو كلام للاستهلاك المحلى، لأن هذه القاعدة الصناعية تستلزم قيام الدولة.