صدرت حديثا عن دار "أوراق" رواية " رهانات خاسرة" للروائى حسين البدرى، تقع الرواية فى حوالى 100 صفحة من القطع المتوسط، وتتناول الرواية قصة ثلاثة محاميين قرروا العيش خارج المجتمع الملئ بالتناقضات الأخلاقية والطبقية، والذين يعيشون فى مدينة ساحلية، كما يعرفها ويعرف نفسه "عبد الكريم" أحد شخوص الرواية "محام فاشل فى مدينة ساحلية حنونة تمنح الغرباء شاليهات على البحر وتمنح أبنائها البحر ليشربوا منه". تنقلنا الرواية من أول سطر فيها إلى الصحراء والبداوة محمولين على أكف العطش، فوقنا شمس حارقة وحبات الرمال تخرج من بين الحروف تحملها مشاعر حسين البدرى العاصفة والقادرة على وصف الحالة حتى أنك تشعر بها على وجهك بين الحين والحين" صباحات كثيرة مرت علىَّ ولا شى سوى التين والزيتون والرمل، شمس الصحراء قاسية تؤنس وحدتى"تبدأ رواية رهانات خاسرة تاركة للقارئ أن يبنى ماض للشخوص ولكن بشكل ما يحس أن حسين البدرى قد قال له كل شىء عن الماضى. وترصد الرواية واقع المجتمع البدوى الذى هو صورة مصغرة من المجتمع المصرى كله بمختلف بيئاته وطبيعته بعين الراوى " منصور" بطل القصة وصاحب الرهانات الخاسرة التى بدأت بخسارته لرهان الأهل والمجتمع الذى فضل الابتعاد عنه والعيش فى الصحراء، مصاحبا لوحاته وريشته، قانعا بزيارات الصديقين "على وعبد الكريم" بعد أن غادرا المدينة للعمل كل منهم فى اتجاه، حتى خسارته لرهان حبه لزينب بعد أن فقد قدرته على المغفرة ونسيان الماضى كما يقول "البدرى" على لسان الراوى منصور" تلاقينا إنسانيا بصورة أزعجتنى، وعندما أدركت أنها تسللت إلى دمى، ولم أستطع نسيان أنها كانت تعمل كما سميت نفسها، خذلتنى قدرتى على الغفران.. ما عدت أرى إلا زيزى بنقابها المزيف.. طرتها"، حتى نصل إلى رهانه الأكبر رهان الصداقة الذى يخسره بسبب غدر على بعبد الكريم وموت عبد الكريم فى صحارى ليبيا وهو يبحث عن على ليسترده ويعودا لمنصور ويجتمع الشمل. ويقول الدكتور يسرى عبد الله أستاذ النقد الحديث بجامعة حلوان إن "حسين البدرى" لا يكتفى بأن يبث لنا رهانات خاسرة تخصه هو فقط، لكنه تحدث فى روايته عن البيئة التى يختلط بها كل شىء بكل شىء، فالبداوة عند "البدرى" ليست حكرا على مكان بعينه، كما أن رواية "رهانات خاسرة" رواية طليعية من الدرجة الأولى، حيث يعرى فيها "البدرى" زيف المجتمع والتمسح بالدين.