«أبجدية» تحتفل بتوقيع «رهانات خاسرة»

مكتبة «أبجدية» احتفلت مؤخراً بصدور رواية «رهانات خاسرة» للكاتب حسين البدرى، الصادرة عن دار «أوراق» للنشر والتوزيع، وتناول بعض الصراعات الحياتية التى يتعرض لها الإنسان، والضغوط المجتمعية التى تسيطر عليه.
الكاتب خالد إسماعيل قال إن الرواية تكشف محاولات قهر الإنسان، وأن الكاتب نقل خلالها ما عاشه فى البيئة الصحراوية التى ينتمى إليها، إلا أنه لم يتاجر بها، ليصدر رواية مكتملة فنيا، تنقل تجربة ذاتية تعبر عن حق الإنسان فى الحياة الحرة والكرامة الإنسانية، ويؤكد الكاتب من خلال الرواية انشغاله بنقل صورة وفكرة حقيقية، بما يضفى على الرواية واقعية لتصبح رواية واقع لا رواية سرد وقائع.
إسماعيل أضاف أن الرواية تتعرض لعلاقة الأدب بالتطور المجتمعى، وتنقل بعض الصور التى تدلل على انحدار الثقافة المجتمعية فى ظل النظام الإخوانى، وتؤكد أن أحوال المرأة كانت أفضل مما هى عليه الآن فى ظل نظام رجعى يحاول قمعها وإغلاق الأبواب عليها، وهو ما يوازى الكاتب بينه وبين محاولة النظام الحالى تحجيم الإبداع ليجعله «إبداعا بما لا يخالف شرع الله».
من جانبه، قال أستاذ الأدب بجامعة حلوان والناقد الأدبى يسرى عبد الله إن الكاتب رصد الواقع على طريقة «الآن وهنا» من وجهة نظر جديدة، مستخدما ثنائيات متناقضة تُعَد الأساس الذى قامت عليه الرواية، مثل «المدنية والبداوة»، و«التقدم والرجعية»، وإن الكاتب استطاع نقل صورة حية حقيقية للبيئات المهمشة التى يختلط فيها كل شىء بكل شىء، وتتعمق فيها الهوة بين المعانى المختلفة على الرغم من اختلاطها الشديد بعضها ببعض، مضيفا أن الكاتب عمم فكرة البداوة بسهولة وذكاء شديدين، حيث رفض اعتبار البداوة حكرا على مكان بعينه، واكتملت رؤيته للعالم فى النصف الثانى من الرواية، بالتأكيد على أنه عالم يزداد قسوة وشراسة عبر الأيادى العابثة الخفية التى تحرك المجتمع.
وعن أسلوب البدرى فى الكتابة، قال عبد الله إن البدرى لديه تمرُّس بالكتابة ينفى عن كتابته رائحة البدايات ويدل على عمق الكاتب، على الرغم من كون «رهانات خاسرة» هى الرواية الثانية للكاتب بعد «حُسن البلاد»، وهو ما يظهر بقوة فى استخدامه ل«الراوى المعلق» خلال السرد، لإعطاء القارئ انطباعا بعينه أو تمرير فكرة أو التعليق على حدث، مضيفا أن كل ما طرحه «الراوى المعلق» يلتحم مع الخط الرئيسى للرواية بما يؤكد امتلاك الكاتب أدوات الكتابة، إلا أنه عاب على الكاتب استناد كتابته إلى الحمولة العاطفية الزائدة، وهو ما يجب تلافيه كى لا تهيمن اللغة الإنشائية المجازية على السرد.
عبد الله أضاف أن الكاتب له أسلوب مميز يساعده على الوصول لسيكولوجية القارئ، وله بصمة أسلوبية خاصة، حيث نجح فى خلق حالة من التلاحم فى السرد، فلم يستخدم أى أرقام أو علامات ترقيم، وفضَّل استخدام الفواصل العلاماتية التى تساعد على تقسيم الأفكار دون قطع السرد الروائى أو مقاطعته، بما يضمن ترابط الفكرة وتعاقب الأحداث بسلاسة لدى القارئ من بداية الرواية وحتى نهاية القراءة، مشيرا إلى أن ظهور انحيازات الكاتب إلى بعض مواقف الرواية تؤكد طبيعية النص الذى ينتصر لكل ما هو واقعى وتقدمى وثورى ومُغَيِّر.
الناقد الأدبى أضاف أن الكاتب نجح فى تمرير الفكرة الرئيسية للرواية بذكاء، حيث تناول شخصيات تعيش على الحافة فتقرر مواجهة العالم عبر السخرية الدائمة منه، مؤكدا أن الكاتب لديه حس مولع بالسخرية، وسخريته منتجة للدلالة والمعنى وليست من نوع السخرية الفارغة، وأوضح أن إهداء الكاتب روايته إلى من سمَّاهم «أبناء الأرض والوطن والإنسان» مينا دانيال، ورامى الشرقاوى، وهيثم منير، والحسينى أبو ضيف، يعنى اقتناعه بأنهم لا يموتون حقا، وبأن هناك ما هو خالد ويستحق العمل لأجله.