يحدث الانهيار حين ينفصل المبنى عن أساساته، وينهار الجدار إذا انفصلت الحجارة عن بعضها، ويحدث التفكك حين يشعر العضو فى المجتمع بغربة فى وطنه، فلا قيمة لوجوده ولا لما تعلمه، فهل نجد بحث علمى يصل لمصنع ليطور الإنتاج؟ أم سيهتم صاحب المصنع بتسويق منتجه فقط بدون ميزانية للبحث العلمى وتطوير المنتج؟. إننا بذلك نجد الانفصال واضحاً بين العالم والمنتج، وانفصال آخر بين المنتج والمستهلك فلا حرص من المنتج على متابعة آراء مستهلكى منتجه ليصل لعيوبه ليحسنها، ولا توجد قنوات تسهل وصول المستهلك للمنتج. انفصال آخر بين أفعال الإنسان وأفكاره، فبينما نجد القناعات بالمبادئ الصالحة، يقابلها التكيف مع فساد المجتمع بدعوى عدم القدرة على التغيير، ربما كان ذلك ناتج من عدم فهم البعض لطريقة التطبيق، فقد فصلنا العلم عن العمل منذ الصغر، بأن جعلنا مرحلة الطفولة والمراهقة علم بلا تطبيق، وباقى الحياة تطبيق بلا علم، فقد أقحمت المعلومات النظرية برأس الطفل بغير ممارسة أو تجريب أو تخيل، وبعد الحصول على شهادة إتمام التعليم نجد الشاب قد هجر العلم بحثاً عن لقمة العيش، وإن حاول استكمال طريق العلم فوجئ بالفجوة الشاسعة بين ما تعلمه وما يتم العمل به فعلاً فى سوق العمل. انفصال بين الإنسان وأهل بيته، وزملاء عمله، بين ما يجب أن يكون وبين ما هو كائن بالفعل، وبين ما نحاول إقناع أنفسنا بوجوده رغم أننا نفقده، ففى العديد من الأمثلة التى لا حصر لها فى مجتمعاتنا الآن، الفجوة كبيرة جداً بين الأجزاء التى من المفترض أن تكون مترابطة، لكنه رباط شكلى يفقد معناه ومضمونه بشكل تدريجى، فإذا تم الانفصال بشكل كامل انهار البيت والمؤسسة والوطن والإنسان، ولا سبيل لإنقاذهم سوى التواصل الحقيقى بين كل الأطراف، تواصل يتم فيه المصارحة الشجاعة لشرح المشكلة وتواصل بأهل العلم لإيجاد الحل وتواصل بطاقة بشرية يتم تدريبها بدقة على تطبيق هذا الحل، تواصل الإنسان بنفسه، بعلمه، بحلمه، بهدفه، بربه، هو السبيل الوحيد حتى لا يحدث الانهيار.