استقرار أسعار الذهب في مصر بعد تراجع الدولار    عاجل:- السعودية تمنع دخول مكة لحاملي تأشيرات الزيارة خلال موسم الحج    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 23 مايو 2024    أسعار الدواجن واللحوم اليوم 23 مايو    فلسطين.. إصابات جراء استهداف زوارق الاحتلال الصيادين شمال غرب خان يونس    ماذا يعني اعتراف ثلاث دول أوروبية جديدة بفلسطين كدولة؟    باحثة ب«المصري للفكر والدراسات»: قلق دولي بعد وفاة الرئيس الإيراني    العثور على ملفات حساسة في غرفة نوم ترامب بعد تفتيش مكتب التحقيقات الفيدرالي    ليلة التتويج.. موعد مباراة الهلال والطائي اليوم في دوري روشن السعودي والقنوات الناقلة    تعليم الجيزة تكشف حقيقة تسريب امتحان الدراسات الاجتماعية بالجيزة    أخبار مصر: منع دخول الزائرين مكة، قصة مقال مشبوه ل CNN ضد مصر، لبيب يتحدث عن إمام عاشور، أسعار الشقق بعد بيع أراض للأجانب    محمد صلاح يثير الجدل مجددًا بنشر غلاف كتاب "محاط بالحمقى"    اللعب للزمالك.. تريزيجيه يحسم الجدل: لن ألعب في مصر إلا للأهلي (فيديو)    نشرة «المصري اليوم» الصباحية..قلق في الأهلي بسبب إصابة نجم الفريق قبل مواجهة الترجي.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم قبل ساعات من اجتماع البنك المركزي.. الأرصاد تحذر من طقس اليوم الخميس 23 مايو 2024    رحيل نجم الزمالك عن الفريق: يتقاضى 900 ألف دولار سنويا    أول دولة أوروبية تعلن استعدادها لاعتقال نتنياهو.. ما هي؟    ناقد رياضي: الأهلي قادر على تجاوز الترجي لهذا السبب    والد إحدى ضحايا «معدية أبو غالب»: «روان كانت أحن قلب وعمرها ما قالت لي لأ» (فيديو)    سيارة الشعب.. انخفاض أسعار بي واي دي F3 حتى 80 ألف جنيها    سر اللعنة في المقبرة.. أبرز أحداث الحلقة الأخيرة من مسلسل "البيت بيتي 2"    وأذن في الناس بالحج، رفع كسوة الكعبة المشرفة استعدادا للركن الأعظم (صور)    رئيس الزمالك: شيكابالا قائد وأسطورة ونحضر لما بعد اعتزاله    ارتفاع عدد الشهداء في جنين إلى 11 بعد استشهاد طفل فلسطيني    هل يجوز للرجل أداء الحج عن أخته المريضة؟.. «الإفتاء» تجيب    محافظ بورسعيد يعتمد نتيجة الشهادة الإعدادية بنسبة نجاح 85.1%    ضبط دقيق بلدي مدعم "بماكينة طحين" قبل تدويرها في كفر الشيخ    المطرب اللبناني ريان يعلن إصابته بالسرطان (فيديو)    بالأسم فقط.. نتيجة الصف الخامس الابتدائي الترم الثاني 2024 (الرابط والموعد والخطوات)    4 أعمال تعادل ثواب الحج والعمرة.. بينها بر الوالدين وجلسة الضحى    أمين الفتوى: هذا ما يجب فعله يوم عيد الأضحى    تسجيل ثاني حالة إصابة بأنفلونزا الطيور بين البشر في الولايات المتحدة    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23 مايو في محافظات مصر    وزير الرياضة: نتمنى بطولة السوبر الأفريقي بين قطبي الكرة المصرية    البابا تواضروس يستقبل مسؤول دائرة بالڤاتيكان    تشييع جثمان ضحية جديدة في حادث «معدية أبو غالب» وسط انهيار الأهالي    بالأرقام.. ننشر أسماء الفائزين بعضوية اتحاد الغرف السياحية | صور    ماهي مناسك الحج في يوم النحر؟    سي إن إن: تغيير مصر شروط وقف إطلاق النار في غزة فاجأ المفاوضين    محمد الغباري: مصر فرضت إرادتها على إسرائيل في حرب أكتوبر    حظك اليوم وتوقعات برجك 23 مايو 2024.. تحذيرات ل «الثور والجدي»    محلل سياسي فلسطيني: إسرائيل لن تفلح في إضعاف الدور المصري بحملاتها    محمد الغباري ل"الشاهد": اليهود زاحموا العرب في أرضهم    بسبب التجاعيد.. هيفاء وهبي تتصدر التريند بعد صورها في "كان" (صور)    22 فنانًا من 11 دولة يلتقون على ضفاف النيل بالأقصر.. فيديو وصور    مراسم تتويج أتالانتا بلقب الدوري الأوروبي لأول مرة فى تاريخه.. فيديو    ماذا حدث؟.. شوبير يشن هجومًا حادًا على اتحاد الكرة لهذا السبب    مختار مختار : علامة استفهام حول عدم وجود بديل لعلي معلول في الأهلي    بقانون يخصخص مستشفيات ويتجاهل الكادر .. مراقبون: الانقلاب يتجه لتصفية القطاع الصحي الحكومي    احذر التعرض للحرارة الشديدة ليلا.. تهدد صحة قلبك    «الصحة» تكشف عن 7 خطوات تساعدك في الوقاية من الإمساك.. اتبعها    أستاذ طب نفسي: لو عندك اضطراب في النوم لا تشرب حاجة بني    هيئة الدواء: نراعي البعد الاجتماعي والاقتصادي للمواطنين عند رفع أسعار الأدوية    إبراهيم عيسى يعلق على صورة زوجة محمد صلاح: "عامل نفق في عقل التيار الإسلامي"    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن فى مستهل التعاملات الصباحية الاربعاء 23 مايو 2024    طالب يشرع في قتل زميله بالسكين بالقليوبية    عمرو سليمان: الأسرة كان لها تأثير عميق في تكويني الشخصي    البطريرك مار إغناطيوس يوسف الثالث يونان يلتقي الكهنة والراهبات من الكنيسة السريانية    أدعية الحر.. رددها حتى نهاية الموجة الحارة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شجرة البحث العلمي‏..‏ من يرويها ويقطف ثمارها؟
نشر في الأهرام اليومي يوم 03 - 02 - 2012

محمود مراد‏:‏ نرحب بحضراتكم وبالأستاذة الدكتورة نادية اسكندر زخاري وزيرة الدولة للبحث العلمي التي تشرف ندوات الأهرام للمرة الأولي‏.‏ أما عن الموضوع .. فهو ذاته الذي ناقشناه في ندوات عديدة علي مدي الثلاثين عاما الماضية من زوايا مختلفة وتحت عناوين متعددة منها: نحو إستراتيجية مصرية للبحث العلمي والتكنولوجي وهو عنوان ومعني يدفعنا إلي أن نتفحصه ونتفكر فيه إذ رغم كل الجهود المصرية السابقة افتتاح المركز القومي للبحوث في التاسع من مارس سنة1956 بل قبل ذلك..ورغم رصيدنا العلمي في العمق الحضاري لمصر القديمة..فان هذا المجال الحيوي أعني: البحث العلمي والتكنولوجيا يبدو انه بلا أب يرعاه ويجمع بين أطرافه للتنسيق فيما بينها..ويتولي أمره وكل ما يتصل به. ولهذا نري من يقفز علي هذا المجال ويدعي انه لا توجد عندنا قاعدة علمية ولا توجد مراكز وأبحاث..مع انه لدينا من هذه وتلك الكثير والكثير..ولدينا عقول متميزة تصل إلي أن تكون دررا ترصع دائرة العبقرية..ولها إسهاماتها في حل مشكلات هذا المجتمع ومن خلاله تصل إلي مستوي عالمي..لكن العيب ليس في الجماعة العلمية والمشكلة ليست فيها ولكن في البيئة الاجتماعية السياسية والاقتصادية وأعطي لذلك ثلاثة أمثلة فقط:
المثال الأول: هو أن البحث العلمي وتطبيقاته التكنولوجية..يحتاج إلي إمكانات مالية..وللأسف الشديد فان الميزانية المخصصة من الحكومة أقل من نصف في المائة تحديدا نحو أربعة من عشرة في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بما في ذلك الأجور والمرتبات ولقد طالبنا من قبل بتخصيص نسبة واحد في المائة مثلا من صافي أرباح المؤسسات والشركات لحساب البحث العلمي..وعلي أساس إن هذه هي أول من يستفيد من الناتج.. فضلا عن مسئولياتها الاجتماعية والوطنية.
المثال الثاني: إن السياسة التي طبقتها الحكومة المصرية وتحديدا منذ ما سمي بالانفتاح بدءا من عام1975 كانت معادية للبحث العلمي والتكنولوجيا لأنها فتحت الباب للاستيراد دون حماية للصناعة فقتلتها وكان الأجدر أن تعمل علي تطويرها بمساعدة العلماء فتعطي الفرصة للابتكار والاختراع..وأكثر من هذا فان المصانع التي جري استيرادها كانت بنظام تسليم مفتاح أي دون إعطاء فرصة للشراكة بنقل وتوطين التكنولوجيا..وهكذا قضينا علي صناعات كانت واعدة مثل: السيارات والسلع المعمرة وغيرها..إلي أن جاءت الخصخصة فأجهزت علي كل إنتاج وطني..
المثال الثالث: انه لا يوجد هدف استراتيجي أمام البحث العلمي..فإذا تصورنا انه يمكن وضع مليارات الدولارات والجنيهات أمام العلماء..فماذا سيفعلون بها؟.. إن الهدف هنا يضعه السياسيون بالمشاورات مع العلماء وفي ضوء الأوضاع والاحتياجات الوطنية والظروف الإقليمية والدولية ومثلا فإنه في نهاية الخمسينيات كان الهدف الاستراتيجي الذي وضعه جمال عبد الناصر هو مشروع الفضاء..الذي اتجه إلي صناعة الطائرة المقاتلة والصواريخ..ولقد نجح هذا..إلي ان تواري لأسباب وضغوط سياسية دولية والعدوان الإسرائيلي المدعم أمريكيا في يونيو1967.. وهذه قصة طويلة وان كان يمكن القول ان هذا المشروع قد عاد نفعا بما فيه من تكنولوجيا متقدمة علي صناعات ومجالات أخري..
وإذا تساءلنا اليوم: ما هي الأهداف الاستراتيجية للبحث العلمي والتكنولوجيا....ومثلا..إذا كانت مشكلة الغذاء مهمة بالنسبة لنا..وبالتالي فنحن في حاجة إلي استصلاح مساحات إضافية من الأراضي..فإن مياه الري هي أيضا مشكلة لعدم توافرها.. فهل نبحث في كيفية استخدام مياه البحر المالحة؟.. وعندنا الأحمر والمتوسط لإمكانية التحلية بأقل التكاليف..أو..لإمكانية زراعة محاصيل معينة علي المياه المالحة وهل نبحث في كيفية استصلاح الأراضي وفي أي زراعات يمكن ان تكون في الأراضي الرملية أوشبه الرملية في سيناء.. والصحراء الغربية والشرقية
ومثلا..هل حصرنا الأمراض المنتشرة ومنها الكبد الوبائي والسرطان وجعلناها هدفا للبحث العلمي؟
ومثلا..إذا كنا نهتم بتغذية تلاميذ المدارس ورفعت الحكومة الحالية الميزانية المخصصة للفترة المتبقية من العام الدراسي( ربعمائة وسبعين مليون جنيه)..فهل نترك هذه العملية للمتعهدين التقليديين فيحصل التلميذ علي فطيرة إذا قذف بها الجدار ترتد إليه دون ان تنكسر؟
وفي ذات الوقت نترك التلاميذ للوجبات السوقية السريعة وليست كلها صحية ويحدث هذا بينما مراكز البحث العلمي ومعاهد التغذية فيما أعلم توصلت إلي إعداد وجبات صحية من مواد مصرية..وبتكلفة منخفضة..فلماذا لا يستفاد من هذا؟.. لماذا لا يجري الاتفاق مع شركة قائمة بالفعل..أو..تأسيس شركة تقوم بإعداد هذه الوجبات العلمية الشهية وهي بالقطع ستربح لأن زبائنها وهم التلاميذ حاضرون وهم بالملايين..فضلا عن إمكانية افتتاح سلسلة مطاعم لهذا النوع من الغذاء..للمواطنين..
ان الأمثلة عديدة..لذلك نتساءل عن الأهداف الإستراتيجية للبحث العلمي والتكنولوجي وعن اتصاله بالمجتمع لحل مشكلاته وعن دور الدولة ممثلة في الحكومة لكي تلزم الوحدات الإنتاجية سواء في القطاع العام أو الخاص لإيجاد صلة مع المراكز البحثية العلمية..وأيضا لم لا يكون للبحث العلمي أب شرعي؟ فتكون أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا العمود الفقري للوزارة هي البوابة التي يمر عبرها كل عمل علمي..ومظلة تشرف علي أي بحث أو..عمل..أو..مشروع علمي سواء كان نابعا من الداخل أو..واردا من الخارج..لممارسة دور الأب الشرعي..ومسئولية الدولة.
الدكتورة نادية زخاري: أشكرك علي هذه المقدمة وبداية..فانني أتفق معك تماما في ضرورة وجود استراتيجية للبحث العلمي والتكنولوجي..وهذا دورنا في الوزارة لتحديد الأولويات التي تحتاجها الدولة..وفي المقدمة كما قلتم زيادة الرقعة الزراعية وما يتصل بهذا من بحوث في المياه والأراضي والنباتات..ولايد ان نسرع في هذا قبل ان تتفاقم المشكلة! غير ذلك نجد قضية الطاقة الجديدة والمتجددة ومنها الطاقة الشمسية ..وأيضا مشكلة الأمراض المستعصية وأهمية اكتشافها مبكرا..فاذا عالجنا مرض السرطان مثلا وهو في المرحلة الأولي فستصل نسبة الشفاء منه إلي تسعين في المائة..أما اذا لم يكتشف الا في مرحلته الأخيرة فان نسبة الشفاء لن تتجاوز خمسة في المائة..وهذا الاكتشاف المبكر مهم وهو يحتاج إلي جهود كبيرة ومتواصلة ومنها دراسات البيئة اذ ان أحد أسباب المرض قد ينتج عن تلوث البيئة..أيضا فإنه من الأولويات نجد الأمن الغذائي ومنه غذاء التلاميذ كما أشرتم لأننا في حاجة إلي ان يتناول الطفل وجبة غذاء متكاملة..وبالفعل فقد نجح المركز القومي للبحوث ومعهد التغذية في التوصل إلي وجبة مثالية..وللأسف توقف هذا المشروع!!
أيضا فاننا نجد في الأولويات معالجة الأمراض الاجتماعية من منظور علمي مثل رعاية المسنين..وذوي الاحتياجات الخاصة..وكذلك أولاد الشوارع والتدهور الأخلاقي..
محمود مراد: هل يدخل هذا في اختصاصكم أم..البحث الاجتماعي؟
الدكتورة نادية زخاري: انه أساسا مهمة البحث الاجتماعي لكنني مهتمة بأن يكون للبحث العلمي دور مهم..وذلك بتجميع البحوث الاجتماعية ودراستها علميا للتوصل إلي ما يمكن عمله عن طريق الوزارة والمراكز البحثية العلمية وبالتعاون مع الجمعيات الأهلية..
أما عن تطبيق البحوث والاستفادة منها..فهنا يبرز دورنا..اذ ان علينا تبسيط معاني وأهداف البحث العلمي وايصالها إلي المواطنين..للاقتناع به..خاصة عندما يلمس نتائجه التطبيقية فان أهمية البحث العلمي لا تتحقق بالانتهاء منه والحصول علي درجة الدكتوراه مثلا ثم حبسه في الأدراج..وانما بايصاله إلي المواطن وهنا يبرز دور الاعلام..وبتطبيقه فيما يؤدي إلي حل المشكلات أو..اضافة ما يستفيد منه الناس. أما عن ميزانية البحث العلمي..فهي يجييء مما ترصده الدولة ومن التعاون الدوليلكن هناك اهدارا في الميزانية لابد من ايقافه لترشيد ما لدينا وحسن استثماره..
محمود مراد: أعود لأسأل: ما هي مهمتكم..وما هو الهدف الاستراتيجي الكبير الذي تسعون لتحقيقه؟
الدكتورة نادية زخاري: طبعا..أمامنا هدف كبير وهو معرفة المشاكل التي تواجهنا وعلينا ان نحلها بالبحث العلمي..مثل نقص المياه..والأمراض السرطان والالتهاب الكبدي الوبائي وغير ذلك مثل مشكلة المرور ودور البحث العلمي فيها..وهكذا..فانني لا أؤمن بنظرية البحث العلمي لمجرد البحث فهذا ترف فوق امكاناتنا وانما..البحث من أجل التنمية البشرية والاجتماعية.
الدكتور ماجد الشربيني: بالنسبة لاستراتيجية البحث العلمي والتكنولوجي..فان الأكاديمية هي مركز التفكير العلمي للدولة كلها..وهي مؤهلة لذلك وتضم خمسة عشر مجلسا نوعيا تتولي البحث والدراسة لوضع خريطة الطريق التي تحدد المسار العلمي في المرحلة القادمة..
وفي المرحلة السابقة وبعد انشاء المجلس الأعلي للعلوم والتكنولوجيا برئاسة رئيس مجلس الوزراء..عرضنا عليه خريطة الطريق وتحددت سبع أولويات لتنفيذها..وكان ذلك منذ ثلاث سنوات..وكانت هذه الأولويات هي: الطاقة المياه الغذاء والزراعة الصحة علوم وتكنولوجيا الفضاء والاتصالات البايوتكنولوجي العلوم الاجتماعية..وكل من هذه المحاورلها مجموعة تخصصات تعمل فيها والتوصل إلي أهدافها في المجتمع العلمي..ففي الطاقة المتجددة مثلا..نحتاج في الطاقة الشمسية إلي ان يكون انتاج الخلية الضوئية بكفاءة عشرين في المائة..بتكلفة عشرة سنت..وبهذا يكون الانتاج مجديا واقتصاديا..وهكذا..في بقية الأهداف في مجالات مختلفة..
أما عن الربط ما بين المراكز البحثية والوحدات الانتاجية..فان رجال الأعمال عندنا بدأوا تجارا ولذلك فعندما أنشأوا مصانع كان هدفهم الربح..وكان فكر البحث العلمي لديهم ضعيفا!! ونحن في حاجة إلي آلية للربط..ولدينا منظومة استراتيجية لكي تنفذها الأكاديمية ومراكزها الاقليمية..ولكي تقوم بدور في التنمية المحلية..وفي تنمية المشروعات الصغيرة والمختلفة..
الدكتور اشرف شعلان: ان للمركز القومي للبحوث ميزانية للبحث العلمي وهي ليست كبيرة..ولكنها تصرف علي مستلزمات الأبحاث..ومنذ نحو عام ونصف العام بدأنا في تطبيق فكر جديد يتضمن عدم الانفاق الا علي البحوث التي تتضمنها قائمة الأولويات التي يحددها المركز..لتعظيم الاستفادة من الميزانية المخصصة..والتركيز في مجالات محددة مطلوبة وهذا تم فعلا خلال الخطة البحثية الثلاثية وكانت قد سبقتها خطتان كل منهما استغرقت ثلاث سنوات ولا يمكن الخروج عن هذه المنظومة الا اذا كانت فكرة البحث وهدفه غير عادية بدرجة كبيرة. وتبعا لهذا تمضي البحوث طبقا للأولويات التي ذكرتها معالي الوزيرة والدكتور ماجد..وقد أضفنا بعض المجالات التي لنا بها وفيها..اهتمامات وخبرات..ومن ذلك مثلا مرض السكر الذي تفشي عندنا لدرجة إن مصر تجييء في المرتبة التاسعة بين الدول المصابة بنسبة عدد المرضي إلي عدد السكان فان التقديرات تقول إن نحو12 في المائة من المصريين مصابون به..وهذه نسبة مخيفة..وتؤدي إلي أمراض ومشكلات أخري!
أيضا..فإننا ندرس كيفية التعامل مع المخلفات والقمامة..ليس فقط للتخلص منها وإنما أيضا للاستفادة منها. وأيضا قش الأرز ومشكلته..! وتوجد مجموعة متخصصة في قش الأرز وتوصلت إلي كيفية الاستفادة منه واستخراج مخصبات زراعية و مادة تقتل الحشرات الزراعية..إلي جانب استخدامه في صناعة الورق. وأيضا في البناء..ويوجد حاليا في الأرض التابعة لنا بمدينة أكتوبر..مبني من قش الأرز ولنا أيضا اهتمام بالغذاء..وتوصلنا إلي غذاء صحي..أي غذاء مشبع لكن له وظيفة أخري علاجية أو..دعم عضو أو..وظيفة في الجسم وهذا يغطي ما تحدث عنه الأستاذ محمود مراد عن غذاء التلاميذ..
ويمكن القول ان المركز القومي للبحوث ينقسم إلي مجموعات بحثية. وكل منها تختص بمجال أو موضوع ما..وكل منها تضم نقاطا بحثية..ومثلا..فان مجموعة السرطان تضم ثلاثة وثلاثين نقطة بحثية يعمل في كل منها مجموعة باحثين..فهذه تهتم بالاكتشاف المبكر والأخري بالعلاج..والثالثة بالأعشاب التي تدخل في العلاج..والرابعة تهتم بكيفية تخفيف آلام المريض في مرحلة المرض الأخيرة..وهكذا..
واقول لكم..اننا نتوقع خلال الفترة المقبلة اعلان نتائج أبحاث مهمة واكثر ايجابية في التعامل مع متطلبات واحتياجات الشعب المصري..
محمود مراد: وماذا عن أمصال انفلونزا الطيور؟
الدكتور أشرف شعلان: ان الفيروس صار كما هو معروف متوطنا في مصر ولن يغادرها قبل عشر أو خمس عشرة سنة علي الأقل..ولقد نجح المركز في انتاج مصل بخبرة مصرية خالصة والميزة هنا أننا قد امتلكنا الخبرة بحيث ننتج ونطور في حين انه اذا استوردنا الخبرة فإننا سنحتاج اليها كل فترة لتمحور الفيروسوإذا استوردنا كما يحدث الآن أمصالا من الخارج فان نجاحها لا يتجاوز ثلاثين في المائة..أما الأمصال المصرية..فأنها تعتمد علي ما هو موجود محليا. ولذلك لدينا فريق ترصد..يضم مجموعة من الباحثين يطوفون بكل المحافظات للحصول علي عينات من الفيروسات..ويعطيها لفريق آخر لصنع الأمصال التي تحمي ثروتنا الداجنة. وهكذا بلغت نسبة النجاح ثمانية وتسعين في المائة. وقد دخل المصل المصري مرحلة التصنيع وخلال أسابيع ستخرج عبواته إلي الأسواق وعليها عبارة: مصل مصري بخبرة مصرية وصناعة مصرية وهو للعلم مصل يصلح أساسا لمصر..أما في الخارج فاننا مستعدون لكن بعد دراسة وتحليل الفيروسات الموجودة هناك.
وبالنسبة للزراعة فإن للبحث العلمي دوره سواء بالنسبة لاستصلاح الأراضي أو الري بمياه البحر أو التوسع الرأسي بزيادة إنتاجية الفدان وهكذا وصل في القمح إلي أكثر من اثنين وعشرين قنطارا..كما توصل البحث العلمي إلي زراعة نوعية من القمح في الأراضي الصحراوية بمياه البحر وهي ان كانت تنتج أقل فإنها خير من لا شيء! وكذلك توصلنا إلي شتلات جديدة للطماطم بحيث اذا ما قضمتها حشرة الطماطم في أي جزء من النبات فانها تقتلها علي الفور. وهكذا ننقذ نحو أربعة عشر في المائة من المحصول كان يضيع بسبب هذه الحشرة! أو..بمعني آخر نزيد المحصول عما كان عليه بمقدار هذه النسبة!
تلك مجرد أمثلة في إطار الإستراتيجية وأهدافها..ولكي يصبح البحث العلمي وبحق..قاطرة التنمية في مصر..
الدكتور علي حبيش: إن استراتيجية البحث العلمي لابد ان تكون جزءا من الاستراتيجية العليا في الدولة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية..ولابد ان يكون البحث العلمي هو الآلية الأهم في تنمية الاقتصاد..وان تقوم علي رؤية تستهدف الأمن العلمي والتكنولوجي لمصر..لأن هذا الأمن هو الذي يحل كل مشكلات القطاعات الأخري..ولابد ان يكون واضحا ان رسالة البحث العلمي هي: إنتاج المعرفة الجديدة. لأنه هو الأداة الوحيدة لإنتاج هذا النوع الجديد من المعرفة..وبعد الحصول علي هذه المعرفة لابد من وجود آليات لتحويلها إلي قدرة تكنولوجية..ثم إلي إمكانيات صناعية لتعطي سلعا وخدمات منافسة..
والي جانب هذا نجد الاستثمار الفكري..وضرورة حفز وتشجيع الإبداع والاختراع والابتكار واكتشاف الموهوبين..واتصالا بهذا فإنني أطالب بوجود نظام قومي للابتكار..ومعني الابتكار هنا إيجاد منتج جديد بدءا من الفكرة حتي المنتج النهائي..وهذا موجود في الدول المتقدمة ويوجد في الأكاديمية مشروع له وميزته انه يرتبط بصلات مع الأطراف المعنية لتحقيق الهدف. إذ إن ما يحدث حاليا هو ان لدينا بحوثا علمية..ولكن لا توجد آليات لتطبيقها..وكيف والمسئول عن هذا في الحقيقة هو القطاع الاقتصادي الإنتاجي والخدمي الذي يعتمد للأسف الشديد اعتمادا مفرطا علي الخارج باستيراد التكنولوجيا الجاهزة. لذلك لابد أن يتغير هذا..فانه بقدر ما أتيح للبحث العلمي من فرص بقدر ما أنتج..
الدكتور أشرف شعلان: ان البحث العلمي..مفهوم الحق في هذا البلد..
الدكتور علي حبيش: لابد من الارتباط بين البحث العلمي والقطاعات الإنتاجية الصناعية والزراعية والخدمية وغيرها لتطبيق البحوث العلمية..ولدينا من القدرة ما يحل كل المشكلات.
الدكتورة نادية زخاري: إن هذا مطلوب فعلا..وينبغي أن ينزل البحث العلمي وعلماؤه إلي المجتمع للتعرف علي مشكلاته وإيجاد الحلول العلمية لها..ويجب ان يحدث هذا علي مستوي القطاعات والوحدات..وكنا نفعل هذا في معهد الأورام..
محمود مر اد: هذا صحيح..لكن الواقع العملي مختلف لأن الذين ينتجون..يستوردون التكنولوجيا جاهزة..ولذلك فان البحث العلمي ليس مسئولا وحده عن التطبيق ولكن قطاعات أخري في الدولة..ولهذا سبق ان طالبنا بأن تربط الدولة. أعني الحكومة. بين المزايا مثل الاعفاءات الجمركية والضرائبية وغيرهما مما تعطيه للوحدات الانتاجية وبين ارتباط المشروع بالبحث العلمي في مصر..وبعملية توطين التكنولوجيا..وتطبيق البحوث العلمية المصرية..ومن ثم لابد من قدرات حاسمة تصدرها الحكومة في هذا الصدد..
الدكتور ثروت الشربيني: ان الحديث عن البحث العلمي من أحب الموضوعات إلي قلبي بصفتي أحد العاملين في مجال البحث العلمي لأكثر من أربعين عاما في مراكز البحوث والجامعات المصرية. ومما لا شك فيه أن البحث العلمي يساهم في تقدم شعوب كثيرة جعلها أكثر رخاء ورفاهية. لكن هناك شرطين أساسيين يجب أن يتحققا أو يتوافرا حتي يتمكن البحث العلمي من أداء دوره.
الشرط الأول: يجب أن يمد المجتمع البحث العلمي بمستوي راق من التعليم بما يضمن كفاءة الباحثين والإداريين والعمالة الفنية الماهرة بالإضافة إلي توفير الأموال اللازمة له ولضمان استمراره.
وفي الحقيقة فإن البحث العلمي مثل الشجرة المثمرة أو النبات المثمر ولكي يستمر النبات في النمو والإثمار يجب أن نمده دائما بالماء والسماد. وهذا هو دور المجتمع إذ يجب أن يمد المجتمع البحث العلمي باستمرار بمستوي عال من التعليم وعمالة فنية جيدة لضمان استمراره وصيانة الأجهزة العلمية والحفاظ عليها وهذا لن يتم إلا بالارتقاء بالتعليم الجامعي والفني وقبلهما التعليم قبل الجامعي بجميع فروعه.
وعندما تثمر الشجرة فانه لابد من وجود من يقطف الثمار ويستفيد منها. وهذه هي مسئولية المجتمع. وهذا يذهب بنا إلي الشرط الثاني: الذي يقع أيضا علي عاتق المجتمع إذ يجب أن يتمكن من الاستفادة من نتائج البحث العلمي أي أنه ولكي ينهض المجتمع ويتقدم يجب أن يكون هناك تفاعل مستمر بين المجتمع والبحث العلمي. وذلك لن يتم إلا إذا تقارب مستويهما. فالمجتمع القوي يمد البحث العلمي بما يحتاجه, ولكي تستفيد الدولة من البحث العلمي يجب أن تسعي إلي النهوض بالمجتمع ليتقارب مستواه من مستوي البحث العلمي ومن ثم يبدأ التفاعل البناء الذي سيؤدي للنهوض بالمجتمع. كذلك..فانني كنت أتمني لو أن فضيلة المفتي الدكتور علي جمعة قد وجه الزكاة إلي محو الأمية وإلي الارتقاء بالتعليم قبل الجامعي الذي وصل إلي حال لا يرضي أحدا. وإذا أقمنا دوائر للتميز في كل مدرسة تضم كل معلم مخلص لوطنه فسنتمكن بإذن الله من القضاء علي الدروس الخصوصية في ظرف سنتين ومن ثم الارتقاء بالتعليم الأساسي. وهذه هي خلاصة ما يدور في ذهني للبدء في النهوض بالبحث العلمي.
الدكتور ماجد الشربيني: لقد صدرت بالفعل فتوي..ويتعاون فضيلة المفتي معنا وقد أعطي الأكاديمية ستة ملايين ونصف المليون جنيه من جمعية مصر الخير لدعم البحث العلمي وتنفيذ برنامج حلولنا بعقولنا..وهو برنامج يتبني ابتكارات المخترغين ويحولها الي منتج نهائي..وبعد ان كان تمويلنا للمشروع يقف عند عشرة آلاف جنيه أصبحنا نعطي ربع مليون جنيه..
ولكن..لكي نصل الي منظومة حقيقية لتطبيق البحوث العلمية وتحويلها الي منتجات نهائية فانه لابد كما قال الأستاذ محمود مراد من تدخل الدولة..وهذا ما يوفر البيئة الصالحة وعدم سفر علمائنا الي الخارج..وأري ان يصدر قانون يسمح للمراكز البحثية بتأسيس شركات اقتصادية انتاجية. ومثلا فانني عندما زرت الصين وجدت ان أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا المناظرة لأكاديميتنا تتبعها ثلاث جامعات..وست وعشرين شركة تطبق أبحاثها العلمية..ولابد ان نفعل هذا عندنا..ولابد من الزام الشركات الصناعية بأن يكون في كل منها مركز بحثي..ونحن لدينا كوادر بشرية وتحديدا فانه مؤخرا جاءنا تكليف بإعداد مشروع لتعيين أوائل الكليات العلمية خلال السنوات الثماني الماضية ووجدنا ان عددهم ثمانية وأربعين ألف خريج..فطرحنا فكرة علي وزارة الصناعة بحيث نقسم الخريجين الي مجموعات لتوزيعها علي المصانع حسب نوعية كل منها وتوافق دراسة الخريجين..ليشكلوا مراكز أبحاث داخل المصانع والشركات وعلي أساس ان الأكاديمية ستتولي التجهيز بالمعدات اللازمة.. وللأسف..فقد رفضت المصانع! ولذلك لابد من قرار دولة وان تتضمن شروط انشاء المصنع ان يكون به مركز بحثي يتصل بالأكاديمية والمراكز العلمية مما يفيد المصنع. ونعد حاليا مشروع قانون لهذا.. وأيضا نعمل علي نشر الثقافة العلمية وتشجيع الابتكارات..
محمود مراد: ان مشروعات القوانين هذه مهمة لتطبيق البحوث العلمية..وأعتقد انه من السهولة انشاء شركات يمكن ان تساهم فيها البنوك العامة بل القطاع الخاص..ونرجو ان تعرض علي البرلمان هذا العام..
الدكتورة نادية زخاري: انها مهمة بالفعل..لكن تفعيل الأبحاث وتطبيقها سيخضع للعرض والطلب..ولكي نصل الي المجتمع لابد من البدء حاليا بايجاد الصلة بين الباحث والمستهلك وبين البحث العلمي والوحدات الانتاجية..وصولا الي القناعة بجدوي العلم.
محمود مراد: هذا يستلزم الحركة وتنشيط الثقافة العلمية ونشرها..وعقد مزيد من المؤتمرات والندوات.
الدكتورة نادية زخاري: متفقون..ولابد من الارتقاء بالبحث العلمي وتعظيم أهميته ليزداد الطلب عليه..
محمود مراد: ان الأمل معقود عليكم..فلا تقدم بغير العلم.. و شكرا لحضراتكم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.