رئيس جامعة المنيا يشهد حفل ختام الأنشطة الطلابية لكلية التربية الرياضية    غدا.. نقابة الأطباء البيطريين تحتفل بيوم الطبيب بدار الأوبرا المصرية    ماذا قالت إسبانيا بعد قرار إسرائيل تجاه قنصليتها في القدس المحتلة؟    القاهرة الإخبارية: خسائر قطاع غزة تقارب 33 مليار دولار وتهدم 87 ألف وحدة سكنية    وزير الدفاع اللبناني: الدفاع عن الأرض سيبقى خيار الدولة اللبنانية    بوليتيكو: معظم دول الاتحاد الأوروبي لن تقدم على المساس بأصول روسيا المجمدة    الشناوي يثير الجدل قبل نهائي أفريقيا: معندناش مشاكل والصحافة المصرية تصنعها    نجم مانشستر يونايتد يعلن موقفه النهائي من الانتقال إلى السعودية    لاعب ليفربول السابق: صلاح قادر على تكرار إنجاز رونالدو    قرار عاجل من جوميز قبل مواجهة الاتحاد السكندري في الدوري    طلاب الدبلومات الفنية يؤدون امتحاني اللغة العربية والتربية الدينية غدا بدمياط    شقيقة فتاة التجمع: النيابة أحالت القضية لمحكمة الجنايات.. والقرار دليل على إدانة السائق    هل انتهت الموجة الحارة؟.. مفاجآت سارة من الأرصاد للمصريين    الجمعة أم السبت.. متى وقفة عيد الأضحى 2024 وأول أيام العيد الكبير؟    الفيلم المصرى رفعت عيني للسما يحصل على جائزة أفضل فيلم تسجيلي بمهرجان كان بدورته 77    أبرز رسائل التهنئة بعيد الأضحى 2024    متي يحل علينا وقفة عرفات وعيد الأضحى 2024؟    المفتي يرد على مزاعم عدم وجود شواهد أثرية تؤكد وجود الرسل    هيئة الرعاية الصحية تشارك في مبادرة الاتحاد الأوروبي بشأن الأمن الصحي    الأهلى يكشف حقيقة حضور إنفانتينو نهائى أفريقيا أمام الترجى بالقاهرة    مجلس الشيوخ يناقش أموال الوقف ونقص الأئمة والخطباء ومقيمي الشعائر.. الأحد    أبرزها قانون المنشآت الصحية.. تعرف على ما ناقشه «النواب» خلال أسبوع    أوقاف القليوبية تنظم قافلة دعوية كبرى وأخرى للواعظات بالخانكة    التموين تستعد لعيد الأضحى بضخ كميات من اللحوم والضأن بتخفيضات 30%    مصرع وإصابة 3 أشخاص في الشرقية    بوليتيكو: واشنطن تدرس القيام بدور بارز في غزة بعد الحرب    محافظ أسيوط يتابع مستجدات ملف التصالح في مخالفات البناء    وفاة شقيقة الفنانة لبنى عبد العزيز وتشييع جثمانها اليوم    عائشة بن أحمد تكشف سبب هروبها من الزواج    بطولة عمرو يوسف.. فيلم شقو يقفز بإيراداته إلى 72.7 مليون جنيه    هل تراجعت جماهيرية غادة عبدالرازق في شباك تذاكر السينما؟.. شباك التذاكر يجيب    رئيس جامعة المنيا يشهد حفل ختام أنشطة كلية التربية الرياضية    التنمية الصناعية تبحث مطالب مستثمري العاشر من رمضان    قافلة الواعظات بالقليوبية: ديننا الحنيف قائم على التيسير ورفع الحرج    بالفيديو.. متصل: حلفت بالله كذبا للنجاة من مصيبة؟.. وأمين الفتوى يرد    3 وزراء يجتمعون لاستعراض استراتيجيات التوسع في شمول العمالة غير المنتظمة    مدير جمعية الإغاثة الطبية بغزة: لا توجد مستشفيات تعمل فى شمال القطاع    وزير الري: إفريقيا قدمت رؤية مشتركة لتحقيق مستقبل آمن للمياه    الجيش الأمريكي يعتزم إجراء جزء من تدريبات واسعة النطاق في اليابان لأول مرة    الشرطة الإسبانية تعلن جنسيات ضحايا حادث انهيار مبنى في مايوركا    لمدة 4 ساعات.. قطع المياه عن منطقة هضبة الأهرام مساء اليوم    الإفتاء: الترجي والحلف بالنبي وآل البيت والكعبة جائز شرعًا في هذه الحالة    وزارة الداخلية تواصل فعاليات مبادرة "كلنا واحد.. معك في كل مكان" وتوجه قافلة إنسانية وطبية بجنوب سيناء    تعشق البطيخ؟- احذر تناوله في هذا الوقت    أبرزها التشكيك في الأديان.. «الأزهر العالمي للفلك» و«الثقافي القبطي» يناقشان مجموعة من القضايا    الأكاديمية العسكرية المصرية تنظم زيارة لطلبة الكلية البحرية لمستشفى أهل مصر لعلاج الحروق    تعرف على مباريات اليوم في أمم إفريقيا للساق الواحدة بالقاهرة    الإسكان: تشغيل 50 كم من مشروع ازدواج طريق سيوة - مطروح    رئيس الأركان يتفقد أحد الأنشطة التدريبية بالقوات البحرية    انطلاق امتحانات الدبلومات الفنية غدا.. وكيل تعليم الوادى الجديد يوجه بتوفير أجواء مناسبة للطلاب    أخبار الأهلي : دفعة ثلاثية لكولر قبل مواجهة الترجي بالنهائي الأفريقي    "صحة مطروح" تدفع بقافلة طبية مجانية لخدمة أهالي قريتي الظافر وأبو ميلاد    الصحة العالمية: شركات التبغ تستهدف جيلا جديدا بهذه الحيل    «العدل الدولية» تحاصر الاحتلال الإسرائيلي اليوم.. 3 سيناريوهات متوقعة    حظك اليوم برج العقرب 24_5_2024 مهنيا وعاطفيا..تصل لمناصب عليا    مدرب الزمالك السابق.. يكشف نقاط القوة والضعف لدى الأهلي والترجي التونسي قبل نهائي دوري أبطال إفريقيا    مقتل مُدرس على يد زوج إحدى طالباته بالمنوفية    إصابة 5 أشخاص إثر حادث اصطدام سيارة بسور محطة مترو فيصل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الروائى الكويتى سعود السنعوسى الفائز بجائزة "البوكر" العالمية للرواية فى حوار خاص ل"اليوم السابع": والدى طالبنى بتغيير نهاية "ساق البامبو" وبعودة بطلها ل"الإسلام" فرفضت لأننا نشوه الدين بأبشع صورة
نشر في اليوم السابع يوم 13 - 05 - 2013

- لا أريد أن أزعج أحدًا برأيى عن ثورة يناير ولست أرغب بسماع جملة: "خليك فى حالك" وما أخشاه هو مزيد من الخسائر حتى تتحقق إرادة المصريين
- أعول كثيرًا على المثقف المصرى فى أن يلعب دوره لأن استقرار مصر يعنى استقرار المنطقة
- عالمنا ملىء بالمسيئين للإسلام.. وحبى لدينى لا يدفعنى لتمزيق كتب الأديان الأخرى المقدسة والسخرية من طقوسهم
- لم أتجاهل أم كلثوم ولم أذكر اسمها لأن "المعرف لا يعرف" فى حين أنى ذكرت اسم كل من أمير الكويت الراحل والشاعر الكبير فهد العسكر
- احترمت نفسى أكثر بعدما تقمصت شخصية "عيسى الطاروف" فى "ساق البامبو"
- الحكومة الكويتية تخفق فى تعاملها مع "البدون" ولابد من معالجة القضية قبل تفاقمها ومن لا يستحق التجنيس لا مبرر لسلب حقوقه الإنسانية
"ساق البامبو" رواية أثارت العديد من التساؤلات فى قضية رأت جائزة "البوكر" العالمية للرواية العربية أنها الأولى من نوعها فاختارتها من بين 133 رواية عربية تقدمت للمنافسة من مختلف أنحاء العالم العربى فى الدورة السادسة لما ناقشته من قضية الهوية والدين والوجود والاغتراب والصراع الاجتماعى ورؤية الآخر من خلال "عيسى" بطل الرواية ذو الهويتين والديانتين فهو ككويتى مسلم من عائلة ثرية وفلبينى مسيحى من أم خادمة فى مجتمع الخليج وبالأخص الكويتى.."اليوم السابع" حاورت الروائى والصحفى الكويتى سعود السنعوسى عبر البريد الإلكترونى والهاتف وناقشته فى العديد من جوانب الرواية التى حصلت على البوكر كأول رواية كويتية تنال هذه الجائزة، وثانى رواية له بعد "سجين المرايا" والتى فازت بجائزة الكاتبة الكويتية ليلى العثمان العام 2010. وإلى نص الحوار:
قلت فى الرواية "إن صلح الرمز كان خير ممثل لرسالته، وإن فسد أفسدها فى عيون الآخرين".. كيف تنظر للمتحدثين باسم الإسلام فى عالمنا العربى الآن وفى مصر تحديدًا؟
يجب هنا أولاً أن نحدد من هو قائل هذه العبارة إن أردنا صورة أوضح. المتحدث فى هذا الشأن هو "هوزيه" أو "عيسى" متشظى الهوية الباحث عن اسم ودين ووطن بحكم ظروفه الاستثنائية. لا خوف على صورة الإسلام فى عيون أبنائه، ولكننى أخشى بالفعل من تلك الصورة التى يحملها الآخر لهذا الدين. هناك من يتحدث باسم الدين ربما غيرة عليه ولكنه يسىء إليه فى عيون الآخرين، حسن النية هنا غير مبرر على الإطلاق. لا أريد أن أخص مصر فى هذا الأمر، فعالمنا العربى يغص بالنماذج السلبية. أتساءل أحيانا ما بال بعض المسلمين لا يشبهون دينهم؟! من يحب دينه يحبب الآخرين فيه، يكسبهم ويقربهم إليه بالحسنى، ما يحدث اليوم هو أمر غريب، أنا لا أفهم كيف يدافع البعض عن دينه بالهجوم على دين الآخرين. حبى للإسلام وغيرتى عليه لا تدفعنى لتمزيق كتب الأديان الأخرى المقدسة والسخرية من رموزهم وطقوسهم. انظر حولك اليوم، ما الذى نجنيه من وراء حرق الإنجيل غير رد عكسى مطابق يتمثل فى حرق نسخ من القرآن الكريم؟! ليس الأمر حكرًا على المتحدثين باسم الإسلام، فكل دين مُبتلى بمثل أولئك البشر، ولكننى قلق بحق إزاء ما أشاهده اليوم. هناك من يستميت بالدفاع عن دينه حبًا وسلمًا وسماحةً، وهناك من يبنى السدود ويهدم الجسور بيننا وبين الآخرين باسم الدين. أنا لست قلقًا على "هوزيه" بطل رواية "ساق البامبو" فقد خلص إلى أمر بعد تجربة وهو أن "الأديان أعظم من معتنقيها"، ولكن ماذا عن الآخرين الذين لم تتح لهم الفرصة لفهم الآخر كما أتيحت لهوزيه ميندوزا/عيسى الطاروف؟!
إلى أى مدى تقترب شخصية "عيسى" من "سعود السنعوسى"؟
كلانا لا يشترك مع الآخر فى شىء سوى همّه الإنسانى. "عيسى" شخصية بعيدة كل البعد عن "سعود". ولست أبالغ حين أقول أن "سعود"، حتى وقت قريب، كان مدانا بتلك النظرة التى يحملها عيسى لنا، أنا أحد المتهمين والمشمولين بنقده، كنت مستسلمًا لجلده طيلة فترة الكتابة ربما تكفيرًا عن ذنب لم أشعر يوما باقترافه. ما يجمعنى بعيسى هو الإيمان بعدالة قضيته وحسب. ورغم ذلك البعد بين الشخصيتين لا أنكر أننى كنت هو طيلة أثناء الكتابة، ولا أبالغ حين أقول أننى بتُّ أحترمنى أكثر بعدما تقمصت شخصيته بكل أبعادها، جميل أن نكتب لأننا نريد أن نقول شيئا، ولكن الأجمل هو أن نسخر أقلامنا ونكتب لأن الآخر يريد أن يقول. هوزيه/عيسى وربما العشرات غيره لا يملكون ما أملك من أدوات تعبيرية، فهل لك أن تتخيل تقدير الذات الذى تشعر به وأنت تستحيل بكل أدواتك لسانًا لهم؟
هل ترى أن فئة الخدم فى دول الخليج مهدرة الحقوق؟
بعضها مُعذَّب وبعضها الآخر يعيش فى حال أفضل من حالى. أنا لا أبالغ فى حرف مما أقول. البعض ينتقد خوضى فى طرح هذه القضية رغم أنها ليست ظاهرة. نعم هى ليست ظاهرة، ولكننى لست أفهم ما الذى يدعو الكاتب للكتابة عن الظواهر وحسب. أنا مؤمن بأن المبدع الحقيقى مستعد لأن يُرهن قلمه ووقته وجهده للكتابة عن معاناة فرد واحد. أعرف شخصيًا عائلات كويتية تربطها مصاهرات مع أناس من جنسيات مختلفة، والفلبينية من بينها، لا مشكلة لديها فى ذلك، ولكن هذا لا يمنعنى من الكتابة عن الطرف الآخر الرافض لتلك الأمور. البعض أيضًا ينتقد تركيزى فى العمل على سلبيات المجتمع، ومنها الإشارة إلى معاناة العمالة واستبعاد صورة مقابلة تتمثل فى حسن المعاملة الذى يسلكه الكثير مع الخدم فى بيوتهم. أنا أتصور أنه ليست من واجبى تمجيد الإيجابيات، وبدلاً من أن أهدر وقتى وطاقتى فى الكتابة عن كل ما هو إيجابى يفترض أن أستغل هذا الجهد فى الكتابة عن السلبى رغبة فى إصلاحه. تصور أنك فى شارع، مثلاً، تحاذيه المئات من أشجار النخيل ومن بينها نخلة أو أكثر بشعة المنظر ذابلة تعانى الجفاف، ليس منطقيًا أن تمجد جمال الشارع بنخيله من دون التركيز على ما يفسد جمال الصورة ككل. هذا بالضبط ما أؤمن به. دورنا التركيز على الاستثناء لإصلاحه، أما القاعدة فلا خوف عليها.
هل أردت ب"ساق البامبو" أن توثق لفترة مهمة فى تاريخ الكويت؟
نعم، ولكن، بصورة غير مقحمة على الحكاية، بل تساهم فى تحريك عجلة الحدث. فبعض الأحداث التاريخية امتد تأثيرها حتى آخر الرواية بل كانت سببًا فى بعد أحداثها. محاولة تفجير موكب أمير البلاد الراحل فى يوم وصول الخادمة جوزافين كان له تأثير بالغ على نفسية "ماما غنيمة" الجدة المتطيرة التى تشاءمت من وصول خادمتها فى اليوم ذاته. غزو سنة 90 كان أمرًا ضروريًا لا مناص منه حيث استشهد "راشد" والد عيسى بعد أن أوصى صديقه "غسان" بابنه، ومن هنا جاء دور "غسان" المهم فى الرواية والذى كشف جانبًا كبيرًا من مشكلة "البدون". وفى الشق الفلبينى من الرواية أيضًا هناك استعانة ببعض الأحداث التاريخية التى تخص الآخر. لولا حرب فيتنام لما ظهرت شخصية رئيسة مثل شخصية "ميندوزا" الجد مدمن المراهنة على مصارعة الديوك، وهذا ينطبق تمامًا على الإشارة إلى الثورة ضد المستعمر الإسبانى وعلاقتها، رغم بعدها الزمنى، على رسم بعض الشخوص مثل ميرلا وهوزيه.
الاتكاء على ذكر شخصيات كويتية بأسمائها فى الرواية.. هل كنت تقصد منه إعادة الاعتبار لهؤلاء أم ماذا؟
وجود بعض الشخصيات بأسمائها الحقيقية كان ضرورة كما هى الحال مع تضمين العمل ببعض الأحداث التاريخية، استخدمت هذا الأسلوب لأكثر من هدف، أولاً لإضفاء شىء من الواقعية على سيرة هوزيه/عيسى التى كتبها بنفسه، ثانيًا بعض الأسماء يستحق أن يُعرّف إلى جيل اليوم الذى يجهل الكثير منه تاريخه، وأخيرًا كل اسم من هذه الأسماء جاء فى محله تمامًا. فالروائى الكبير إسماعيل فهد إسماعيل كان بالفعل موجودًا فى الفلبين يكتب روايته السباعية "إحداثيات زمن العزلة" فى الوقت نفسه عندما زارته "جوزافين"، مشهد استقبال الشاعر الشهيد فائق عبد الجليل أيضًا جاء فى محله ولم يكن مقحمًا كما يرى البعض، فالرواية تشى بعلاقة تربط "غسان" بالشاعر ومساهمته الكبيرة فى مقاومة المحتل أثناء الغزو. كما أن مشهد استقبال رفاة الشاعر فقد برره "غسان" عندما قال لهوزيه/عيسى: "أريدك أن ترى كيف استُقبِل والدك استقبال الأبطال فى الكويت فى مراسم تشبه مراسم دفن الشاعر الشهيد". كما أن المشهد نفسه يفضى إلى مشهد أهم وهو زيارة قبر الشهيد "راشد" والد عيسى القريب من قبر الشاعر. وهنا أخذ عيسى حفنة من تراب قبر أبيه استمرت معه حتى آخر صفحة فى الرواية. ربما بعض الأسماء ظهرت واختفت بشكل مفاجئ، ولكن تأثير تلك الأسماء امتد ليشمل مساحة الحدث فى الرواية.
من أين جاءتك فكرة "ساق البامبو"؟ هل أنت مهتم بعلم النبات؟
أبدًا، ولكن هذه النبتة باتت منتشرة جدًا فى بيوتنا، لا تحتاج سوى الماء تنمو فيه بسرعة. لى تجربة مع هذا النبات، كلما نما وارتفع بشكل كبير كنت أقتطع جزءًا من ساقه لأغرسه مرة أخرى وسرعان ما تنبت له جذور جديدة، وخلال أسابيع يمتد الساق ارتفاعًا لينافس أصله. وسيقان البامبو منتشرة جدًا فى البلدان الاستوائية وكان له حضور فى المشهد فترة بقائى فى الفلبين، له أنواع كثيرة بعضها تُشَيَّد بواسطته الأكواخ. للبامبو حضور طاغ فى الرواية، من الأكواخ المصنوعة بواسطته، والقصبة التى كان يستعين بها "هوزيه" وقت عمله فى المركب لإبعاده عن الصخور فى المياه الضحلة، وحضور البامبو أيضًا فى المزهريات الفاخرة فى بيت عائلة "الطاروف" بشكل لا يتناسب وطبيعتها مثل هوزيه تمامًا الشاب البسيط فى بيت العائلة الغنية. والأهم من كل ذلك هى الرمزية التى يحملها هذا النبات الذى أراد هوزيه أن يصبح مثله يُغرس فى أى أرض تنمو له جذور جديدة بلا ماض بلا ذاكرة، لا يختلف الناس حول تسميته كاوايان فى الفلبين أو خيزران فى الكويت أو بامبو فى أماكن أخرى. وقد كانت هذه إحدى مشاكل بطل الرواية متعدد الأسماء والألقاب.. هوزيه.. عيسى.. الأرابو.. الفلبينى.
شخصية "راشد" ومعاناة "عيسى" فى اعتراف "الكويت" به هل كانت بمثابة صيحة استيقاظ لأبناء المجتمع للاعتراف بمثل تلك الحالات؟
هى أكبر من ذلك، مشكلة الاعتراف تخص البعض وأنا لا أعممها فى "ساق البامبو". الرواية ليست إنصافا للمهمشين وحسب، بل هى مرآة تواجهنا بأنفسنا، بصورتنا لدى الآخر. علينا قبل اعترافنا بالآخر أن نعترف بعيوبنا وبعض عاداتنا التى تغلبت على كل شىء سواها كالدين وأبسط مفاهيم الإنسانية. الرواية تمرر عشرات الأسئلة بين أحداثها وعلى لسان شخوصها، أريد أن ننشغل بهذه الأسئلة "علنا نتمكن من رؤية الأشياء بوضوح" كما يقول الجد ميندوزا.
فى الرواية محادثة بين عيسى وأخته حول صورة معلقة على الحائط وصفها يدل على أنها "أم كلثوم" فلماذا لم تجعل أخت البطل تجيب عن سؤال أخيها عن صاحبه الصورة؟
خولة لم تتجاهل سؤال أخيها عن صاحبة الصورة، فقد قطع تساؤلها اقتحام "ماما غنيمة" لغرفة المكتب معنفة حفيدتها بسبب خلوتها بأخيها عيسى. لا أخفى عليك أننى استمعت إلى انتقاد مباشر من أحد الأصدقاء المصريين حول عدم ذكرى من تكون صاحبة الصورة، قال لى: "تجاهلت، عامدًا، عدم ذكر أم كلثوم!". يا رجل! كيف عرفت أنها أم كلثوم إذن؟! من يقرأ المشهد فى غرفة المكتب حين كانت خولة مع أخيها هوزيه أمام بضعة صور معلقة على الحائط يدرك أن المعروف لا يُعَرّف، قد لا تروق للبعض هذه الإجابة ويدرجها تحت بند المجاملة، ولكن أمهلنى لأوضح رغم وضوح الأمر. على الجدار ذاته صور عدة ذُكرت بالاسم، أمير الكويت الراحل عبد الله السالم الصباح الذى صدر فى عهده دستور دولة الكويت، ماذا يعرف القارئ العادى عن هذا الأمر خارج الكويت والخليج؟ الشاعر الكبير فهد العسكر كانت له صورة أيضًا، ذكرته بالاسم، نعرفه حق المعرفة فى الكويت ولكن ماذا تعرف أنت عنه؟ وهل تعتقد أن كل القراء سيتعرفون إلى ليو تولستوى من خلال وصفى لملامحه كما جاءت فى صورته فى الرواية؟! وحدها أم كلثوم بنظارتها الشمسية ومنديلها سوف تنطق صورتها باسمها من دون تعريف منى. دعنى أعكس الأدوار وأوجه لك سؤالا: "ماذا لو أننى أخفيت كل الأسماء واعتمدت على وصف ملامحها فى الصور.. هل ستعرف أنت أحدًا غير أم كلثوم؟!". فى روايتى الأولى كان هناك حضورًا لصورة جمال عبد الناصر، تصور أننى لم أتمكن من اللجوء إلى حيلة الوصف وتعمدت ذكر الاسم. لا أريد أن أبرر ما أنا مقتنع به، ولكننى على يقين أن من يقدّر كوكب الشرق سوف يرى تقديرًا ومحبة بحيلتى تلك لكوكب الشرق.
كيف تنظر لوضع المرأة الكويتية ومشاركتها فى الحياة السياسية؟
لا يزال الأمر جديدًا، نحتاج إلى مزيد وقت، ولكننى أتصور أن المرأة باتت فاعلة أكثر فى المجتمع بعد نيلها حقوقها السياسية. لا يشغلنى هذا الأمر فى الحقيقة، ولست أركز على دور عضو البرلمان أو الوزير رجلاً كان أو امرأة، لا أحب هذا التصنيف بأمانة وأراه لا يختلف عن بقية التصنيفات.. شيعى سنى.. بدوى حضرى.. معارض موالى. الكويت بحاجة إلى كويتى يخلص لها، لا أظنها تلتفت إلى شىء آخر. وأنا بالمثل، أريد من ينهض بهذه البلاد وحسب حتى لو كان من يمثلنى فى البرلمان "جنيًا أزرق".
كيف تقيم تعامل الحكومة الكويتية مع البدون؟ وهل ترى أنه يتفق مع قواعد حقوق الإنسان؟
قد أتريث فى مسألة حقوق المواطنة بالنسبة للبعض، ولكن، الحقوق الإنسانية أمر آخر. لا أنكر أن الحكومة على مدار سنوات قد أخفقت فى التعامل مع القضية، ولا تزال فى إخفاقها. عدد البدون فى الكويت حوالى 120 ألفًا، تذكر الحكومة أن 35 ألفًا يستحقون الجنسية وفقًا لقوانين التجنيس، ومع ذلك لم يتم تجنيس ال35 ألفا ولا تم البت فى شأن البقية. هناك قصور كبيرة فى التعامل مع هذا الملف، وأتمنى أن يعالج الأمر قبل تفاقمه. أنا على يقين أن هناك من يستحق الانتماء إلى الكويت وهذا لا نقاش فى أحقيته للمواطنة، أما من لا يستحق التجنيس فلا مبرر أبدًا لسلبه حقوقه الإنسانية. نقرأ فى الصحف عن بادرات إيجابية ولكنها بطيئة.
كيف تنظر للثورة المصرية بعد مرور عامين عليها؟
أنت تورطنى فى سؤالك هذا. لا أريد أن أزعج أحدًا برأيى، ولست أرغب بسماع: "مالك أنت ومال مصر.. هذه شئون داخلية.. خليك فى حالك!". ولكن، جميل أنك تسمى الأشياء بمسمياتها، ثورة، بدلاً من اعتماد الوصف الشائع "الربيع العربى". بأمانة لا تصور لدى على الإطلاق. لا أخفيك أمرًا إن قلت أننا كنا على ثقة بأن مصر تنهض، ولكن يبدو أن الأمر يحتاج إلى المزيد من الوقت. أنا أعوّل على المثقف المصرى كثيرًا، وأتمنى أن يكون له دور فاعل فى مثل هذا الوقت، فاستقرار مصر يعنى استقرار بقية دول المنطقة. لا أريد أن أقحم نفسى فى أمور قد تزعج البعض، ولكن التيار الذى وصل إلى السلطة وصل بصناديق الاقتراع، البعض يشكك فى ذلك، لا أؤيد ولا أعارض، فأنا بشكل أو بآخر بعيد عن مكان الحدث، ولكن وصول هذا التيار أمر لابد منه. سنوات وهو يحاول. إن أصاب فى قراراته وتمكن من النهوض بمصر وشعبها وسار بها نحو دورها الريادى "خير على خير" كما نقول فى الكويت، أما لو أخفق فى ذلك واستغل سلطته بعيدًا عن تحقيق مطالب الشعب، كما يبدو الآن، فالأمر جيد وهى فرصة لسقوط الأقنعة والتعرف إلى هذا النظام بشكل مباشر ومن ثم تتغير قناعة مؤيديهم فى الشارع المصرى لتعود الثورة إلى الوجهة التى يريدها الشعب. كل ما أخشاه هو مزيد من الخسائر لحين تحقيق إرادة الشارع المصرى.
هل اختيار اسم "عيسى" كان مصادفة؟ وهل لذلك رؤية فلسفية بين شخصية الرواية والسيد المسيح عليه السلام؟
يمكننى أن آخذ نفسًا عميقا قبل أن أجيبك إجابة فلسفية أستعرض بها أمورًا لم أكن أعنيها البتة. اخترت اسم عيسى لأنه يعنى الرقم واحد Isa بالفلبينية، وهى مفارقة جعلته يكره اسمه عندما كان فى بلاد أمه لأن الأمر يبدو مضحكًا حين يناديه الناس هناك ب "واحد!". هذا قصدى، وللقارئ حرية التأويل.
لماذا لم يلجأ عيسى على مدار الرواية بعد عودته للكويت لمعرفة تعاليم الإسلام؟
وهل رأى عيسى محفزًا لذلك؟ كان يبحث بطريقته، وخيرًا فعل. دعنى أختم هذا اللقاء بحكاية لم أذكرها للصحافة من قبل. كان والدى من أوائل الذين قرأوا مسودة الرواية قبل الطبع. كانت النهاية بالنسبة له صادمة إذ لم يحدد عيسى انتماءه الدينى. حاول معى أن أغير النهاية: "لا بد للفتى أن يعتنق الإسلام!". لم ينم ليلتها قبل أن يهاتفنى: "لا ترسل المسودة للناشر قبل أن يُسلم الفتى!". هو أمر شبيه بما سمعته مرارًا وتكرارًا فى مجموعات القراءة التى كانت تناقش الرواية. وفى الواقع تعمدت أن أترك عيسى فى تيهه الدينى، ما الذى صنعناه لهذا الفتى خلال سنتين قضاهما بيننا سوى النكران وسوء المعاملة؟ من الغباء أن أدفع عيسى نحو اعتناق الإسلام لأحقق انتصارًا ورقيًا غبيًا يسعد القارئ المضطجع على أريكته بينما هو يصور الإسلام بأبشع صورة للناس من حوله. أردت للقارئ الغيور على دينه أن يزداد غيرة، أن يشعر بالذنب لما فعله بهوزيه. أشرت بسبّابتى إلى أعضاء مجموعة القراءة: "أزعجتكم النهاية من دون اعتناق هوزيه للإسلام؟.. حسنا.. فى بيوتكم الألوف من هوزيه، ادعوهم للإسلام بطيب المعاملة بدلاً من لومى على عدم تحقيق انتصار دينى.. على الورق!".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.