بالتزامن مع الأجازات التى تشهدها مصر والعالم بمناسبة عيد القيامة وشم النسيم، والتى تصل إلى 6 أيام تقريباً، تشهد مدينة شرم الشيخ حالة من الجدل والكساد السياحى حول السياحة الشاطئية، بينما بدأت المدينة المقدسة سانت كاترين حالة أخرى من الانتعاش السياحى التدريجى للسياحة البيئية ورحلات السفارى والسياحة الدينية للأماكن الأثرية المقدسة، وزيادة فى نسبة الإشغالات بالفنادق، وإجراءات أمنية مكثفة من قبل رؤساء المدن، وتعاون مع البدو لزيادة عدد الوفود السياحية، لتفادى انعكاسات الأحداث الأخيرة التى شهدتها المنطقة من حدوث حالات خطف لبعض السياح، وفى المقابل تتصاعد مطالب العاملين فى السياحة والبدو للرئيس مرسى بعقد مؤتمر لتنشيط السياحة، أسوة بمؤتمرات الاستثمار، فى الوقت الذى لا يستطيع أحد تحديد موقف النظام الحاكم من السياحة، وهى مورد رئيسى من موارد الدخل القومى. رصد "اليوم السابع" أوضاع السياحة فى شرم الشيخ وسانت كاترين على مدار ثلاثة أيام، وحالة الطريق من وإلى هناك وحركة البيع والشراء وتأثيرها على العاملين بالسياحة من بدو ومصرين، ومطالبهم بإعادة انتعاش السياحة مرة أخرى، والاستعدادات بالمدينة المقدسة لاستقبال أعياد الأقباط والأفواج السياحية التى تقصد المدينة والسياحة الدينية والسفارى. بعد خروجك مباشرة من مطار القاهرة شرم الشيخ سترى جبل القعيد فى واجهة المطار، وستأخذ المسار يمينا وعند أول يسار ستقابلك نقطة التفتيش الأمنى الخاصة بطريق دهب شرم الشيخ، ومنها ستتجه حتى تصل جبل "الخناسير" قبل دهب ب75 كم متر مربع، وهناك ستأخذ إجبارى طريق وادى "مندور" لتقابلك لوحة حجرية ضخمة منحوت عليها سانت كاترين على يسار الطريق. ومن بعد وادى "مندور" يأخذ السائقون طريق عكسى لحوالى 15 كم متر مربع مرورا بوادى "يهمد"، حيث لا يقابلك وأنت تسير سوى أعمدة الضغط العالى الخاصة بالكهرباء، ومنطقة المحاجر بمنطقة التلعة حتى وادى الكيد، وعلى بعد 13 كم متر مربع نبع الكيد، الذى تتمتع بجواره المنطقة بالسياحة الجبلية والسفارى. الطريق من شرم الشيخ لسانت كاترين له اتجاهان "شرم - نويبع – دهب"، و"شرم - وادى فيران- سانت" والطريقان لهما بعض الملامح الرئيسية، فالأول أطول ومستقيم تقريبا، والثانى متعرج وتكثر فيه الوديان والمنحدرات. وفى سياق متصل، أكد أحد سائقى الطريق، وهو صباح صالح أحد أبناء قبيلة الجبالية، أنه تم إغلاق كل الوديان عقب تفجيرات شرم الشيخ فى العصر البائد، وهو ما تسبب فى انخفاض أعداد السياح الوافدين الذين يقصدون سياحة السفارى، والسياحة الجبلية بنسبة من 50 إلى 40 %، وأن أخطر ما فى الطريق هو الملفات والمنحدرات، وخاصة ملفات "ملحجة" أنه بطول 15 كيلو تقريبا نضطر للسير بشكل عكسى لعمل إصلاحات بالطريق المقابل للبعد عن الطريق الرئيسى الأطول بوادى فيران. ويخبرك صباح عن الطريق الذى تكثر فيه حوادث الخطف وانقلاب السيارات، وهو طريق الشمال، نظرا للمطالب المتكررة من البدو للشرطة والحكومة، وهم من يستخدمون حوادث الخطف للضغط على الحكومة فى تنفيذ طلباتهم. لم ينه صباح حديثه حتى وصلنا لمطلع اليهودى، قبل مدينة دهب ب25 كيلو، وهو مكان أشبه بمقام على شكل هرمى كتبت عليه قصة المهندس اليهودى الذى شق طريق فى المنطقة وخرج لتجريبه فانفجر به أحد الألغام ومات، ومن يومها يطلقون على المطلع أنه مطلع مقتل اليهودى، وتتعجب أن هذا هو المكان الوحيد بطول طريق شرم دهب كاترين الذى توجد فيه استراحة ومرفوع عليه علم مصرى، وسارى بجوار المشهد لليهودى قبل محمية نبق الطبيعية، وملف "قنى ومجرح"، ولن يقابلك بالطريق سوى بعض محطات الكهرباء والمياه. بطول الطريق من شرم الشيخ لسانت كاترين تحاصرك الجبال بارتفاعاتها وطرقها المتعرجة الملتوية وجفائها ومنحدراتها، وعند مدخل مدينة دهب بجوار البنزينة الوحيدة التى تقابلها، وينتشر فيها قوات حفظ السلام ليحصلوا على بعض مستلزماتهم منها مصطحبين معهم كلاب الحراسة الخاصة. يمكنك أن تلاحظ خلو الطريق بالكامل من أى خدمات أو منشآت حيوية، فلا توجد أعمدة للإنارة، أو أى إشارات للطريق باستثناء الأسهم الفسفورية التى تسبب بعض الحوادث الليلية، وتختفى من بداية محمية وادى زعرة ومدق المحمية ووادى رأس كندى، وعين حوضرة ووادى نماويس وعرادة والسعال والشجيرات والفرنجة، ثم سانت كاترين. وفى سانت كاترين المدينة المقدسة تشعر بالحياة والحركة تدب فى كل مكان، رغم كل ما يشاع عن أوضاع السياحة وقلة عدد السياح، الغريب هو أن الكمائن الموجودة بالطريق لسانت كاترين ويصل عددها إلى 4 كماين بعد الساعة 12 ليلا لا تجد بها أحدا، ويكون المرور سهلا وسريعا بعكس السنوات الماضية على حد تعبير أحد بدو سيناء، ويسمى صالح الجبالى قائلاً: "إن النملة لم تكن تستطيع المرور بدون أذن الكمين لكن الآن الوضع مختلف". شاهد "اليوم السابع" بنفسه كيف خلا الكمين المباشر لدخول سانت كاترين بوادى السعال قبل النبى صالح، حين ذهبنا للخيمة العريشية بمخيم مورجن لاند، حين بدا الكمين خاليا، وخرجنا من سانت وعدنا فى الثانية مساءً، ولم يوقفنا أحد أو يسألنا إلى أين؟. وبدوره، يؤكد اللواء عبد العال صقر رئيس مدينة سانت كاترين أن حجم الوافدين للمدينة فى تزايد تدريجى، حيث تستقبل يوميا من 30 إلى 40 أتوبيسا كل أتوبيس به من 40 إلى 45 سائحا من جنسيات مختلفة تتقدمها اليونانية والروسية. وأشار صقر إلى أن السياحة فى سانت كاترين تعتمد على سياحة السفارى، والسياحة البيئة القائمة على رحلات السفارى والمخيمات، وأن رحلات شركات السياحة تحرص على أن تكون الرحلات ليوم واحد يأتون 12 ليلا لصعود جبل موسى، ويغادرون فى الصباح، وفى السابق كان السياح يبيتون ليلتين، أو ثلاثة، مشيرا إلى أن نسبة الإشغالات فى الفنادق بدأت هى الأخرى فى الزيادة التدريجية، وتصاعدت من 10 و12% إلى 30 و35%، وبدأت الفنادق فى رفع درجات استعدادها لتقديم خدمات مميزة وجيدة، وزيادة عدد العمالة، فهناك 7 فنادق تقريبا وأكثر من 5 مخيمات بسانت كاترين وحدها. وعن استعدادات المدينة لاستقبال أعياد الأقباط والأجازات وشم النسيم، أكد صقر أنه يتم اتخاذ مجموعة من الإجراءات التأمينية بشكل مكثف، وتوفير زيادة فى المعروض من مطالب الوافدين من مأكل ومشرب ومستلزمات للرحلات، وبدأت الأمور تتحسن، مشيدا بدور البدو فى معاونتهم فى كافة إجراءات التأمين ومرافقة السياح كدليل، واستقبال فى المخيمات، بالإضافة لمعاونتنا إذا حدثت أى إصابات فى الجبل أثناء الصعود وتأمين الجبل. ونوه صقر، أن هناك وحدة إسعاف فى المدينة مجهزة ب7 عربات إسعاف حديقة مؤهلة لتقديم المساعدة للسياح، وهناك نقالة احتياطى مجهزة للجبل لإنزال السياح فى حال حدوث أى شىء، حيث إن الجمال تصعد لمسافة محدودة حتى بداية سلالم جبل موسى وبعد ذلك تقوم على الترجل، مؤكدا أن دور البدو أساسى فى سانت كاترين وطريق شرم دهب نويبع، لا يوجد فيه أى مشاكل أمنية، وكثافة المرور تكون عالية لأنه يستخدم فى الحضور للدير، والرجوع بعكس طريق وادى فيران، والذى يستخدمه السياح القادمين من القاهرة لنويبع. ويعيد صقر السبب فى الرحلات اليومية إلى شركات السياحة، حيث إنها تحدد مدة الزيارة وفترة الإقامة بالمدينة، وأنه لابد من عمل مؤتمرات سياحية تنشيطية لإعادة إنعاش السياحة مرة أخرى، مشيرا إلى أن المدينة بصدد إعداد وتنظيم مؤتمر عالٍ، لتنشيط السياحة فى سانت كاترين، وتقديم الدعوة للصحافة المتخصصة والعالمية وشركات السياحة، مؤكدا أن هناك أكثر من 4 آلاف عامل فى السياحة من البدو، وأبناء المحافظات متأثرين بشكل مباشر بوضع السياحة، والأمور بدأت تهدى وتستقر، ونحن تحملنا من قبل نصف تكاليف المؤتمر السابق فى مارس لتنشيط السياحة، وسندعو شخصيات عامة، وسيكون التنظيم على مستوى عالى، وسيكون فيه أشياء كثيرة مبهرة تعيد السمعة الطيبة للمنطقة، وتشج السياحة مطالبا فى نهاية كلامه بزيادة هذه النوعية من المؤتمرات. وأضاف رئيس مدينة كاترين، أن السياحة الدينية والبيئية ستشهد إقبالا كثيفة فى المرحلة المقبلة، لأنه ليس عليها أى جدل، وفى كاترين يلتزم السياح بارتداء إيشارب لدخول الأماكن المقدسة وممنوع دخول السياح رجال ونساء، بشرط فهم يرتدون شال حول الوسط، لحين انتهاء الزيارة داخل الدير، مؤكدا على وجود علاقة طيبة بين البدو ومجلس المدينة والدير والعاملين فيه. فيما طالب بدو كاترين، ومنهم الشيخ سلامة صفيران شيخ قبيلة المزينية، بالاهتمام بقطاع السياحة، لأنه هو مصدر الدخل الأول للبدو، أسوة باهتمام الحكومة بمؤتمرات السياسة والاستثمار، قائلا "إن السبيل الأول لتأمين الطرق هو عمل منشآت خدمية على مسافات متقاربة بطول الطريق لسانت كاترين، كالاستراحات بحيث يتحرك السائح من وإلى المنطقة، وكل استراحة تسلمه للآخر لضمان وصوله بسلام من خلال مندوبين، وهذا يفتح باب رزق للجميع، ونحن على استعداد للتعاقد مع الحكومة، وتولى بناء الاستراحات بالطريقة التى تناسبهم سواء بالتأجير، أو حق الانتفاع أو التمليك". وفى سياق متصل، أكد وليد زهران أحد الشباب العاملين فى السياحة بشرم الشيخ، أن الحكومة ضد السياحة الشاطئية وهناك تعليمات غير معلنة لتحجيمها، وهى بالتأكيد تؤثر على السياحة البيئية والدينية التى ليس عليها أى تحفظات، والسائح يأتى لشرم الشيخ قاصدا سياحة الشاطئ، ويضع فى برنامجه يوم أو اثنين للسياحة الدينية، وإذا تم تحجيم السياحة الشاطئية ستؤثر على الكل لأنها الأساس فى شرم الشيخ، وطالب زهران بضرورة المؤتمرات السياحية والحفلات التى تعيد السياحة لأصلها بعيدا عن السياسية لأن السائح يأتى ليستمتع فقط، لا ليرشح نفسه فى الانتخابات، والسياحة مصدر الدخل الأول لنا.