لكل لون مفهوم ارتبط بشعور ما عند الناس، فالأبيض راحة وإشراق، والأسود حزن وكآبة، والأصفر غيرة، والأحمر تفتح ونضارة. مَن صاحب هذه المفاهيم؟! وما سر اختياره لهذه الألوان لتدل على هذا الشعور؟! ولماذا لا نرى الألوان بمنظور آخر؟! لماذا لا نعتبر أن اللون الأسود مثلاً معبر عن الفرحة أو الراحة؟! أولا ترى أن الليل إذا أقبل بظلمته السوداء نشر فى الكون سكونا وراحة؟! وأكثر من ذلك أننا إذا قرنا لونين أظهر كل منهما الآخر، فإذا رأيت صفحة ناصعة البياض لم تضف إليك شعوراً، ولكنك إذا أضفت إليها المداد الأسود كانت أكثر تعبيراً، وتحول اللا شىء إلى شىء. فإذا كان الأبيض مثالاً للوضوح والراحة، فلماذا لا نكتب فى الصفحة البيضاء بقلم أبيض لنزيدها وضوحاً؟! وإذا كان اللون الأبيض يضيف إلى النفس البهجة والسرور، فلماذا نجعله لون الأكفان التى نودع فيها موتانا فى حزن وألم؟! وإذا كان اللون الأسود هو الذى يبعث فى النفس مشاعر الحزن والكآبة، فلماذا كان هو لون ستار الكعبة المشرفة التى إذا زارها الإنسان لم يجد بجوارها إلا كل الراحة والطمأنينة؟! إذا تأملنا فيما حولنا نرى أن العُرف هو الذى وضع أوله، وخط طريقه، وحدد له قوانينه . إنه العُرف الذى جرى على ألسنة الناس، وأخذه عنهم مَن تلوهم. إنه العُرف الذى فرض علينا مفاهيم ومدلولات. فبأيدينا وضعنا.. وبأيدينا نغيّر.. ونحن قادرون على ذلك أن أردنا.. فلم لا؟!