سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الإخوان تدشن فقه "التمكين" بفتاوى متناقضة.. مفتى الجماعة فى عام 2012 يؤكد: تهنئة الأقباط بأعيادهم "بر" و"إقساط" وفتاوى ابن تيمية وابن القيم تصلح لعصرهما.. وفى 2013 يتراجع ويؤكد: تهنئة الأقباط حرام
كشفت الفتاوى الأخيرة التى صدرت عن قيادات دعوية بجماعة الإخوان المسلمين حول تحريم تهنئة الأقباط بأعيادهم عن انقلاب "فقهى" داخل صفوف الجماعة بعد تولى الدكتور محمد مرسى منصب رئيس الجمهورية، حيث تتناقض الفتوى الأخيرة للدكتور عبد الرحمن البر عضو مكتب الإرشاد والملقب ب"مفتى الإخوان" فضلا عن كونه عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر فى المنصورة مع دراسات سابقة أصدرها قبل تولى الدكتور محمد مرسى، منصب رئيس الجمهورية وأجاز فيها التهنئة وعقب فيها على فتاوى لكبار الأئمة مثل ابن تيمية وابن القيم، كانوا قد ذهبوا فيها إلى تحريم تهنئة الأقباط بأعيادهم. وفى 2013 وتحديدا أمس الأحد 28 أبريل 2013، أصدر فتوى يمكن اعتبارها تدشينا لفقه "التمكين" حيث أكد فى تصريحات خاصة ل"اليوم السابع" أنه لا يجوز شرعاً تهنئة الأقباط بالمناسبات الدينية المخالفة لعقائدنا، مشدداً على أنه لا يجوز تهنئة الأقباط بعيد القيامة. وقال البر فى حيثيات فتواه: "إنه من الممكن أن يتم تهنئتهم فى المناسبات العامة، لكن فى الأمور الدينية لا يجوز شرعا، قائلاً، "وبعدين تهنئتهم على إيه دى شعيرة دينية خاصة بهم ما دخلنا نحن كمسلمين بها". إما قبل "التمكين" فإن البر أفتى فى تصريحات خاصة ل"اليوم السابع" أيضا بجواز تهنئة المسلمين للأقباط بأعيادهم، واعتبر أن التهنئة بهذه المناسبات من جملة البر والإقساط الذى أمر الله به المسلمين تجاه الأقباط عملا بقول الله تعالى: "لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ". واستطرد البر فى التصريحات التى أدلى بها يوم 30 ديسمبر 2011، بالتزامن مع الانتخابات البرلمانية آنذاك قائلا: "ليس معنى أن يقول المسلمون للأقباط فى مناسبة الاحتفال بعيد الميلاد كل عام وأنتم بخير، أنهم يقبلون بعقائدهم لأننا لو كنا نقبل بعقائدهم لتحولنا إلى المسيحية، ولو كانوا هم يقبلون بعقائدنا لتحولوا إلى الإسلام". وأشار البر إلى أن الشريعة الإسلامية سمحت للمسلمين بما هو أكثر من ذلك، حيث أجازت للرجل المسلم الزواج من المرأة المسيحية وطرحت جملة أسئلة للتدليل على صحة موقفه منها "هل يعقل أن يرفض الرجل المسلم تهنئة زوجته المسيحية فى مثل هذه المناسبات؟.. وهل مثلا سيرفض الرجل أن يوصلها بنفسه إلى دار عبادتها رغم أنه مأمور شرعا بحمايتها؟.. وكيف يتصور أن تسمح لنا شريعتنا بالزواج من المسيحيين ثم يأتى من يقول إن تهنئتهم بأعيادهم حرام؟". لم يكتف البر بهذه الفتوى وإنما أصدر بحثا فقهيا نشره على موقع "إخوان أون لاين" الناطق الرسمى باسم الجماعة بعد حضوره مراسم تنصيب البابا تواضروس فى الكاتدرائية، حيث أشار البر فى دراسته التى نشرها بتاريخ 20 نوفمبر 2012 إلى أننا لدينا آيتان حاكمتان لطبيعة العلاقة مع غير المسلمين؛ هما قول الله تعالى فى سورة الممتحنة ﴿لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (9)﴾، وفى ضوء هاتين الآيتين تُفهم بقية الآيات التى تتناول العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين. وأوضح البر فى دراسته أنه من هذا المنطلق لم يجد حرجًا فى الاستجابة للدعوة التى تلقاها من الكنيسة لحضور حفل التنصيب، واعتبر أن الحضور فى حفل تنصيب أو تجليس البابا مثله مثل التهنئة بأعيادهم التى يرى أنها من البر الذى لم ينهنا الله عنه، طالما لم تكن هذه التهنئة على حساب ديننا، ولم يشتمل الحضور - شفاهةً أو كتابةً- على التلفظ بشعارات أو عبارات دينية تتعارض مع مبادئ الإسلام، ولا على أى إقرارٍ لهم على دينهم، أو رضا بذلك، أو مشاركة فى صلواتهم. ووصف البر القول بأن الحضور فى حفل التنصيب أو التهنئة بأعياد المسيحيين ومناسباتهم حرام؛ باعتبارها ذات عَلاقة بعقيدتِهم فى ألوهيّة عيسى عليه السلام أو بنوَّته لله هو محض خطأ، وأضاف: "عقيدتنا هى عقيدتنا التى نتعبَّد الله بها، ولا نغيّر ولا نبدّل بفضل الله فى شىء منها"، مشددا على أن الحضور والتهنئة لا تعنى اعتناق عقيدتهم أو الرضا بها، أو الدخول فى دينهم، وإنما هى نوع من البر. وحرص البر على أن يرد على كبار الأئمة الذين قالوا بتحريم تهنئة الأقباط حيث اعتبر أن المنقول عن الإمامين ابن تيمية وابن القيم من ادعاء الاتفاق على تحريم تهنئة غير المسلمين أمر محل نظر، ووصفها بأنها فتوى فقهية، قد تصلح لعصرهما الذى كان مليئًا بالحروب الصليبية والغزو التتارى؛ حيث كان أى تهاون يعنى الرضا بالمحتل، وتابع: "ربما كان اختيارهما الفقهى هو الذى يحفظ للمسلمين عقيدتهم أمام الأعداء، أما فى هذا العصر- وفى مصر بالذات حيث العيش المشترك فى وطن واحد يجمعنا- فالأمر مختلف". وأعاد البر فى دراسته جملة التساؤلات التى طرحها من قبل للتدليل على صحة موقفه حيث تساءل قائلا: "أَلَسْنا نتزوج منهم فنسمح للمرأة أن تمارس عقيدتها وعبادتها فى بيتها وأمام أولادها، ويصحبها زوجها أو أبناؤها إلى الكنيسة لتمارس عقيدتها وعبادتها؟ أَلَسْنا نسمح لهم ببناء الكنائس التى اعتبر الليث بن سعد بناءها من عمارة البلاد؟ فهل الاستجابة لدعوتهم لحضور حفل تنصيب البابا أو المبادرة بتهنئتهم بعيد الميلاد هى أعظم من الزواج بنسائهم، ومن السماح بإنشاء مكان تقام فيه مراسيم الاحتفال، ويقام فيه العيد، ويمارسون فيه شعائرهم؟". ولم يفت البر فى هذه الدراسة التعريض بموقف السلفيين الذين قالوا بتحريم التهنئة وحضور القداس، حيث أكد أنه من العجيب حقًّا أن ترى بعض القائلين بالمنع من الحضور أو التهنئة يدعون إلى حماية الكنائس، ويعلنون استعدادهم للقيام بذلك.. وتساءل: "أيهما أظهر فى إفادة الرضا؟ الحماية أم التهنئة؟". الأمر لم يختلف كثيرا بالنسبة للشيخ عبد الخالق الشريف رئيس قسم نشر الدعوة بجماعة الإخوان المسلمين حيث أصدر دراسة فقهية بتاريخ 5 يناير 2012 بعنوان "تهنئة غير المسلمين بأعيادهم" أكد فيها أنه لا يوجد نص واضح قاطع فى المسألة وأن من ذهب إلى التحريم فعلى اعتبار الرضا القلبى بأفعالهم ومن ذهب إلى الجواز، من باب المجاملة وحسن الجوار. واللافت أن الشريف حشد فى دراسته فتاوى لعدد كبير من العلماء المعاصرين وأغلبهم محسوبون على جماعة الإخوان المسلمين والتى تذهب إلى جواز تهنئة الأقباط بأعيادهم ومنها فتاوى لكل من الدكتور عبد الستار فتح الله سعيد والدكتور يوسف القرضاوى، الدكتور محمد السيد دسوقى، عضو مجلس الشورى السعودى والشيخ حاتم الشريف، والدكتور شرف القضاة، والدكتور محمد رشيد رضا، والشيخ مصطفى الزرقا، والشيخ أحمد الشرباجى، والدكتور بن بيه. موضوعات متعلقة : مفتى الإخوان: تهنئة الأقباط بأعيادهم "بر" و"إقساط"