هى امرأة أمية لا تجيد القراءة والكتابة لكنها تجيد الأمومة ورعاية البيت، عاشت عشرين عاما ترتدى ثوب الحداد على زوجها. ظلت فى بيته ترعى ولده بكل قناعة، ولم تبرحه إلا للحاجة القصوى، عافت الدنيا بكل ما فيها من زينة وحياة. ورغم ضيق العيش وبساطة الحال تحدت الطبيعة وكل الأعراف والتقاليد. تغلبت على قسوة الترمل ومرارة الحرمان. ضاربة المثل الأعلى فى العفة والزهد، رغم أن الأقدار لم تمهلها الاقتران بزوجها كثيرا، إلا أن وفاءها له نظير بعض اللحظات القليلة والجميلة التى عاشتها فى كنفة بكل حب وسعادة كانت كافية لرد الجميل، فكان من عظمتها أن جعلت من الوفاء قيمة أجلَ وأسمى من العطاء. جاهدت وناضلت حتى وصلت بوليدها إلى بر الأمان بكل عزة وشموخ. ولما تحقق ما تمنت تحللت من نذرها ثم بدلت ثوبها الأسود لترتدى مكانه ثوبا "جديدا" ناصع البياض، كى تحيا به فى الجنة، راحلة عنا وهى تملأها سعادة الدنيا والآخرة.