عجباً لك أيها الإنسان !! تبدأ بلسان دون أسنان، وتنتهى بلسان دون أسنان !! فعندما تولد طفلاً تكون بلسان برئ لا يعلم عن أطوار الدنيا شيئاً، تنتظر مصيراً غامضاً، ومستقبلاً لا تستطيع أن تمسك به . وسرعان ما ينطلق لسانك، وتتكون أسنانك، وتستقل سفينتك فى بحر الحياة ، تجذبك أمواج، وتدفعك أمواج، تعصف بك الريح حيناً، وتقبلك النسمات حيناً. تنطلق إلى معترك الحياة معبراً عن متطلباتك بأسنانك ولسانك، فقد تصبح ملاكاً بريئاً، تمتلك المحيطين بلسان عذب، تعيش وتتعايش، وتروق وتتذوق، تتبسم بثغر مشرق وأسنان مضيئة. وقد تصير وحشاً شرساً، قوى الناب، تفترس الحياة وتفترسك. ولكن سرعان ما تنقضى الليالى وتمر الأيام، وتعود من حيث بدأت، بلسان دون أسنان، فتهرم وتتساقط أسنانك واحدة تلو الأخرى، حتى تصير طفلاً ذا شعر أبيض ووجه يابس، تنتظر مصيراً لا تملك منه شيئاً، هذا المصير تراه، لكنك لا تتمناه. ولكن شتان بين طفولة الإنسان وهرمه ! ففى طفولته يتمنى المحيطون له السعادة والهناء ، أما فى هرمه فيصير هماً وعبئاً ثقيلاً، حتى يتمنى المحيطون له الفناء، ويظل فى طفولته وهرمه ذا صفة واحدة (لسان بلا أسنان).