أراد أن يري ملك الله, فأغمض عينيه, فلما رأي أدرك, فلما أدرك, شهد أنه بعد أن يسكن, سيصير ترابا. }}} من ترابه, تطلع شجرة وتكبر, حتي تصير لها ذكريات,وتملك سرا أقدم منها, وتحت ظلها يجيئ لص,ليستريح من مطاردة أهل مدينة رأوه يسرق الحنين. }}} من أجل السر الأقدم, تبوح الشجرة بشذي من رأوا ملك الله,فيتذكر اللص طفولة أمه,يتذكر ويتذكر,فيقوم ليعود إلي المدينة, يرد لأهلها ما سرق من حنين, وفي هذه اللحظة تولد حبيبتي. }}} رائع حقا,أن يقبل المرء حبيبته في فضاء لانهائي, دون أن يخافا العابرين من الناس في الشارع العادي, فلأن كثير الناس كانوا مجرد عابرين,فأنهم لم يلحظوا قبلتنا, إلا امرأة كانت تبيع الخبز عند الناصية...امرأة حزنها أقدم من حياتها, وحياتها أكبر من وجودها, ووجودها أقرب لابنها الذي كان في المدينة يرد الحنين,فلما رد تخلي, فلما تخلي, دخل الفناء, فلم يلحق به أحد,لكن أمه راحت تمضي وراء فنائه,تمضي وتمضي,ولما تتعب, تجلس لتستريح عند إحدي النواصي, وتبيع الخبز. }}} لما رأتنا في قبلتنا,عرف الذي أغمض عينيه,ليري ملك الله,مكان ابنها في الفناء, فخايلته مسرة.... وإن الفؤاد لتكفيه بعض المسرة, ولمسرات كثيرة تاتي وتطرق الأفئدة, لكنها ترتد, ذلك أن الأفئدة تمتلئ بالرغبات بالهواجس بالعناصر بالمعادن.. تمتلئ بأشياء كثيرة,... حتي أن المسرات لم تعد تجد لها مكانا في القلوب }}} لكن الذي له حنين, يترك في الفؤاد مكانا لمسرته, فإذا امتلأ بالأشياء, فأنه يستطيع أن يتخلص منها,فإذا كان قريبا من البحر, فإنه يرميها في العمق, وإذا كان في الصحراء, فإنه يلقيها في الاتساع.فلهذا خلق العمق والاتساع,أما إذا كان تحت شجرة, تملك سراأقدم منها, فإنه يعود إلي المدينة, ليرد للناس حنينهم... وهكذا أوقفني المتخلص,وهو يلقي آخر المعادن في الميدان,وفي هذه اللحظة قابلت حبيبتي, وبأنوثة عارفة همست:هذا لص يستعد لمسرته.. }}} ثم أنها أعطتني قلبا كالظل.. كالسر,لكن الإنسان في غرائبه,يفكر أن حبيبته, قد تتخلي عنه, يفكر أنها قد تتركه,رغم أن امرأة تبيع الخبز لما تستريح, تبسمت لهما... يفكر ويفكر فيشعر بالوهن, ثم تأتي حبيبته, ولأنها جاوزت الفضاء اللانهائي من شارع عادي, فأنها تقرأ ما فيه, فتقبله, فلما تقبله يسترد القبلة, ولا يعرف ما يفعل وهي تهمس له: لو لم يكن لصا يستعد لمسرته,لما كان تخلي... فيغمض عينيه, ولأنه واهن جدا, فأنه لا يري ملك الله. }}} لما كانت طفلة, رأت دروبا بعيدة تبحث عن صحراء,تمسك عنها المجهول, لترشد النبلاء إلي الحقيقة.. لكنها لما كانت طفلة, ولها ضفيرتان سودوان, وأيام صغيرة, فإنها لم تغادر, ومن أجل ذلك ولد ابنها لصا يسرق الحنين.. }}} هي التي كانت تبيع الخبز عند ناصية الشارع العادي, هي التي رأتنا في قبلتنا وتبسمت,فلما انصرفنا تذكرت ضفيرتين سوداوين وأياما صغيرة ودروبا بعيدة, وصحراء تستطيع أن تمسك المجهول.. فشعرت أنها وجدت مكان ابنها في الفناء, فأغمض الذي رأي ملك الله عينيه, بينما كانت حبيبتي تقبل في لصا فانيا.