الكويت (ا ف ب) - تعتبر سيارة فورمولا واحد رمزا للسرعة الفائقة في القطاع الرياضي الميكانيكي، الا انها تتجاوز نطاق الالة الجامدة لتتحول بفضل مكوناتها الى حقل اختبار معقد قابل للتطوير ضمن اطار ضمان سلامة السائق بالقدر المستطاع. تشكل أدق التفاصيل اليوم مفترقا لحسم اللقب العالمي، لذا تنكب الفرق المشاركة في البطولة على دراسة دقيقة لما عاشته طوال موسم كامل من المنافسات الحامية بهدف وضع استراتيجية مناسبة للموسم التالي. يعتقد البعض ان قيادة سيارة فئة اولى لا تمثل مهمة صعبة، مثل الالماني نيكو روزبرغ، سائق فريق "مرسيدس جي بي" الذي يفسر المسألة بسهولة وببساطة. يقول روزبرغ: "ليس عليك الضغط دون طائل للانطلاق بقوة عندما تكون جالسا خلف مقود سيارة فورمولا واحد. ما عليك سوى الاستمتاع بالهدير الناعم للمحرك عند خط الانطلاق قبل ان تضغط على مقبس ال"كلاتش" المزروع خلف المقود من الناحية اليسرى، وتختار بعدها السرعة الاولى على المقبس المتواجد على الناحية اليمنى من المقود. حرر ال"كلاتش" شيئا فشيئا وانطلق". تبدو العملية سهلة للغاية بالنسبة الى روزبرغ مقارنة بما كان عليه الحال قبل 25 عاما عندما لم تكن هذه التكنولوجيا "العادية" متوافرة في سيارة السباق، وهي تقنية قد تفرض نفسها اسهل حتى من الانطلاق بسيارة تجارية مزودة بعلبة تبديل سرعات عادية. سيارة فورمولا واحد تستوعب اليوم اكثر من 150 مجسا مزروعة في اماكن مختلفة من عمق الهيكل والمحرك، ويتلخص دورها في نقل كل البيانات الخاصة بسلوك المركبة. ومن خلال جمع وتحليل تلك البيانات، تصبح الفرق التقنية قادرة على تطوير اداء ومردود السيارة تمهيدا لوضع الاستراتيجية التي ستعتمد في السباق التالي، او حتى لتطوير الهيكل ليصبح قادرا على تحقيق نتائج افضل على المدى البعيد. في فريق "فيرجن ريسينغ" مثلا، تقع مسؤولية تقنية المعلومات على شركة "سي أس سي" التي اكتسبت شهرتها عبر عقود من الزمن في قطاع المعلوماتية وذلك في قطاعات الصناعة، التمويل والصحة. احدى مهام هذه الشركة يتلخص في مراقبة وتسجيل البيانات المرصودة من قبل المجسات المترابطة من خلال نظام اسلاك معقد يهيمن على المحرك، على اسفل هيكل السيارة والاجزاء الاخرى، وتلك المزروعة داخل مقصورة السائق. الجدير ذكره ان هذه المجسات مصممة ومصنوعة للصمود امام القوة الكبرى للاهتزاز والحرارة. تقوم المجسات بتسجيل البيانات التي يبرز منها بشكل خاص حرارة المحرك، عمل علبة تبديل السرعات، ضغط الوقود والاطارات، اداء قضيب التعشيق، وغيرها. هذه البيانات المشفرة تتحول مباشرة الى ارقام وصور بيانية على شاشات الحاسوب لدى اعضاء الفريق خلال السباق. ولدى "فيرجن"، تقوم شاحنتان مزودتان بهوائيين بجمع تلك البيانات القادمة من سيارتي الفريق خلال السباق قبل تحويلها الى معلومات مقروؤة امام افراد الحظيرة الموكل اليهم امر مراقبة الاداء وتوجيه التعليمات للسائقين. البيانات تسجل كل التفاصيل ذي الصلة بتحركات السائقين الالماني تيمو غلوك والبرازيلي لوكاس دي غراسي بما في ذلك زاوية التوجيه، عدد دورات المحرك، التبديلات، السرعة، واستخدام المقود. يقول جو بيركيت، مدير قسم تقنية المعلومات في "فيرجن": "البيانات التي تصلنا خلال ايام السباق الثلاثة تعادل حجما 100 جيغابايت وتحتاج بالتالي الى 250 قرص "دي في دي" مدمجا لاستيعابها. اما سنويا، فهي تعادل 2 تيرابايت وتحتاج عندها الى حوالى 5 الاف "دي في دي". وبالاضافة الى ذلك، نستحصل على كل اللقطات التلفزيونية للتجارب تمهيدا لتحليلها من خلال اجهزة سمعية تساعدنا على معرفة اي نسبة تبديل يستخدمها خصومنا في كل جزء من اجزاء الحلبة". ينتهي سباق الفئة الاولى لتعود بعدها السيارات الى مراكز الصيانة، ويضغط السائق على زر الاطفاء. لا شك في انها عملية سهلة للغاية وبإمكان اي كان القيام بها. من الجلوس في مقعد سيارة فورمولا واحد، مرورا ببث الحياة في محركها، وانتهاء بإطفائها، يبدو كل شيء في متناول الجميع الا ان رصد مدى اهمية 150 مجسا كامنة في مختلف اجزاء تلك المركبة الخارقة يؤكد ان المسألة ليست بتلك السهولة التي تعكسها قشور سباقات الفئة الاولى.