هو الفيلسوف ومؤرخ الثقافة والناقد الفكرى والأدبى الكبير، رائد مشروع بناء فلسفة مصرية جديدة، تقوم على أساس نقد التراث الفلسفى والفقهى عن طريق التحليل العقلانى. يرى د. زكى نجيب محمود أن المنطق الوصفى التحليلى هو نفسه القانون الذى يحكم عمل العقل المجرد، ولذلك اختلف محمود مع التيارات الفكرية المتطرفة فى الفكر المصرى الحديث، مثل الماركسيين والسلفيين والإخوان، وهاجمه الجميع بنفس الدرجة. ودعا إلى تنقية التراث من الشوائب والأباطيل، وأهمية أن نعيش العصر بإنجازاته العلمية الكبيرة، وكان يقول: إن هناك من التراث جوانب تغذى حياتنا الحاضرة، وهنا جوانب أخرى يجب أن تقتصر على الدارسين وحدهم؛ لأنها لا تمس مشكلاتنا الفعلية فى شىء. كما آمن بأهمية الروح، فكانت مقولته الشهيرة: حضارة بلا روح هى حضارة عرجاء.. وأسماه عباس محمود العقاد بفيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة. ولد زكى نجيب محمود فى إحدى قرى محافظة دمياط عام 1905، وفى عام 1914 سافر مع أسرته إلى السودان ليعمل والده فى حكومة السودان، وهناك وفى المرحلة الثانوية تعمقت دراسته للفلسفة، وتأثر بالثقافة الأنجلو سكورية. وعاد إلى القاهرة ليلتحق بمدرسة المعلمين العليا، ومنها إلى بعثة إلى إنجلترا، ليعمل بعد ذلك مدرسًا بمدرسة المعلمين العليا، نال جائزة التفوق الأولى من وزارة المعارف، ثم انتقل إلى إدارة الثقافة التى كانت النواة الأولى لهيئة الكتاب التى أنشأها طه حسين، وحصل على الدكتوراه عام 1947 من إنجلترا، ليعين أستاذًا للفلسفة بجامعة فؤاد الأول «القاهرة حاليا». توصل من خلال دراساته إلى أن المعرفة وكيفية تصميمها بشكل منهجى منضبط هى المهمة النهائية للفلسفة، وأن التحليل المنطقى للغة هو أساس تحقيق المعرفة. وضع زكى نجيب محمود كتبًا عديدة منها: "الفكر العربى" و"فلسفة العلم" و"المعقول واللامعقول" و"فلسفة النقد"، و"بذور وجذور"، أما كتابه "نحو فلسفة علمية" فقد نال عنه جائزة الدولة التشجيعية. كما أسس مجلة "الفكر المعاصر" فى وزارة الثقافة، ومنها قدم الجيل الثانى من الفلاسفة: فؤاد زكريا وحسن حنفى، وغيرهم. عين فى آخر سنواته كاتبًا فى جريدة الأهرام، وعضوًا بالمجلس الأعلى للثقافة، وحصل على جائزة الدولة التقديرية عام 1975، ومنحته الجامعة العربية جائزة الثقافة العربية عام 1984، ثم توفى فى ستمبر 1992.