يجد تجار المخدرات في بحيرة المنزلة ضالتهم المنشودة، فهي تكاد تكون مثالية في قدرتها على إخفاء من فيها عن عيون السكان، حيث لا يمكن الوصول إلى أماكن تجارة الحشيش إلا عبر قوارب صيد يمكنها أن تتحرك داخل مناطق وعرة، حيث تم تجفيف أجزاء من البحيرة لصالح عدد من التجار، على طريقة نور الشريف في فيلم «العار» حيث وقف الفنان محمود عبد العزيز مفزوعا من ضياع المخدرات والثروة كلها في المياه المالحة، حين أطلق ضحكته الشهيرة قائلا: «بيفيش الهوامش».. و«بحيرة المنزلة»، أحد أهم وأكبر أوكار تجارة وزراعة المخدرات في مصر، ويساعد على ذلك موقعها الحدودى المتميز شمال مصر حيث تتبع إداريا 3 محافظات هي الدقهلية عند قرية المطرية ثم بورسعيد ودمياط.. كانت مساحتها تزيد على 750 ألف فدان تقلصت إلى 100 ألف فدان نتيجة التعديات عليها السنوات الأخيرة. .. يسيطر عليها البلطجية والمسجلون خطر وتجار المخدرات والخارجون على القانون ويعيشون فيها داخل جزر منعزلة عن البر وأقاموا بها بيوتا تتراوح بين طابق و5 طوابق وبالخرسانة، وهى أشبه بقلاع محصنة ممنوع الاقتراب أو التصوير فيها حتى من قبل الصيادين العاملين بها خاصة في المناطق الخاصة لأصحاب النفوذ وتجار المخدرات. .. من الصعب على أي صحفى اختراق تلك القلعة خاصة أنه لا يعلم دروبها ومداخلها ومخارجها لأنها مقسمة بين قنوات مائية تشبه الشوارع تمر بها اللانشات السريعة التي يستخدمها المتعدون وأصحاب النفوذ بالبحيرة للتنقل بها إلى أي مكان تابع للمحافظات الثلاث. البحيرة تمثل بيئة خصبة لتجارة المخدرات بكافة أنواعه من الحشيش والبانجو والأفيون حيث تفتقد لسيطرة الأمن عليها منذ سنوات طويلة وزاد ذلك بعد ثورة 25 يناير بسبب انعدام الأمن تماما، حيث يتطلب القضاء على هذه التجارة تنسيقا تاما بين مديريات أمن الدقهلية وبورسعيد ودمياط إضافة إلى الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بوزارة الداخلية لشن حملات مكثفة على البحيرة للقبض على تجار المخدرات. داخل مسطح البحيرة تم تجفيف مساحات كبيرة تتراوح بين 5و300 فدان مملوكة لكبار أصحاب النفوذ الذين يقومون بزراعتها وعمل المزارع السمكية فيها ويستغلها الخفراء أو حراس تلك المساحات لزراعة المخدرات خاصة وسط المساحات البعيدة عن أعين المارة داخل القنوات المائية المفتوحة.. ويستخدمون في حماية هذه المناطق أنواعا مختلفة من الأسلحة البيضاء من السنج والسيوف أو النارية من الأسلحة الآلية والرشاشات الحاملة وغيرها. حتى إنه تقع هناك العديد من المجازر بين أصحاب النفوذ والبلطجية والمسجلين خطر وتجار المخدرات على مناطق النفوذ الخاضعة لهم، ولا يستطيع أحد التدخل لإنهاء الخلافات بينهم لأن مصيره قد يكون القتل في النهاية، وقد تم حصر عدد من حوادث القتل للصيادين والمتعدين وسجلت بشأنها محاضر في أقسام الشرطة، بينما تشن المحافظات حملات لإزالة التعديات داخل البحيرة على فترات متباعدة، ثم تعود مرة أخرى إلى ما كانت عليه فور انصراف فريق الإزالة من المحليات والشرطة. أكثر المناطق خطورة داخل بحيرة المنزلة والخاضعة لكبار المتعدين وأصحاب النفوذ يطلق عليها أسماء العجايبة والسمريات ونجيلة والقنال والجمعية والبشتير والقرعة والجميل ولجان وقعر البحر ومقطع قاسم وغيرها، وهى المناطق التي تشهد أكبر عمليات لزراعة وتجارة المخدرات. الصيادون يعيشون في ذعر مستمر كل يوم خاصة أن من بينهم من قتل أو أصيب أو أهدرت كرامته في اشتباكات مع تجار المخدرات أو أتباعهم من البلطجية والمسجلين خطر والهاربين من الأحكام الذين يقومون بدور الحراسة والحماية للقلاع المحصنة وتوزيع المخدرات على العملاء.. ويمتد الذعر أيضا إلى أسر الصيادين الذين ينشدون المعيشة في سلام، وهدوء، ويظلون في قلق وخوف على أولادهم الذين يخرجون للصيد في البحيرة كل صباح ويستمر ذلك حتى عودتهم وذلك بسبب احتكاكهم بتجار المخدرات المسيطرين على البحيرة واحتمال تعرضهم لمكروه... ويمتد نشاط البلطجة من تجارة وزراعة المخدرات إلى اغتصاب حقوق الصيادين وإجبارهم على دفع الإتاوة بما يعادل نصف الإنتاج اليومى ويحصلون عليه من الصيادين في مراكبهم أثناء العودة حيث يحيطونهم باللانشات السريعة والأسلحة الآلية مما يضطر الصياد إلى منحهم المطلوب بدلا من قتله أو قتل أفراد طاقم مركبه.