بعد نقاش دام لسنوات، ستقرر حكومات الاتحاد الأوربي عما قريب إذا ما كانت ستوافق على اقتراح يسمح للمزارعين الأوربيين باستخدام صنف جديد من الذرة معدل وراثيًا أم لا، ويلاقي هذا الاقتراح رفض حماة البيئة داخل أوربا. قدمت المفوضية الأوربية، اليوم الأربعاء، اقتراحًا لحكومات دول الاتحاد الأوربي يخص زراعة نوع جديد من الذرة المعدلة وراثيًا. ومن المفترض أن يُسمح بزراعة هذا النوع من الذرة المعروف باسم "ذرة 1507" خلال هذا العام، ما لم يجد هذا الاقتراح رفضًا من جانب أغلبية حكومات دول الاتحاد. وتم تطوير هذه الذرة من قبل الشركة الأمريكية "بيونير دوبونت" (Pioneer DuPont) التي تقدمت بطلب للمفوضية الأوربية عام 2001 بهدف السماح بزرع هذا المنتج في دول الاتحاد الأوربي. لكن المفوضية الأوربية كانت تدفع طلب الشركة الأمريكية من لجنة لأخرى دون أن يتم اتخاذ أي قرار بهذا الشأن، وهو ما دفع شركة "بيونير دوبونت" إلى رفع دعوى قضائية أمام ثاني أعلى محكمة أوربية. ورأت المحكمة في سبتمبر الماضي أن المفوضية الأوربية خرقت قانون الاتحاد الأوربي بعدم اتخاذها لأي قرار بخصوص إمكانية السماح بزرع هذه الذرة المقاومة للحشرات. ذرة متعددة المواهب وليست مقاومة الحشرات فقط هي الخاصية التي تميز "ذرة 1507"، بل بإمكانها أيضا إنتاج مبيد حشري يمكن رشه مع مادة مقاومة للأعشاب الضارة تسمى "غلوفوسينات أمونيوم" (Glufosinat Ammonium). وبحسب المتحدث باسم شركة "دوبونت" جوزيف ماته، فإن هذه الذرة هي مفتاح نجاح وفرة المحاصيل. ويعتبر جوزيف ماته أن هذا المنتج بمثابة "الحل الأمثل بالنسبة للبلدان التي تعاني من وجود حشرات تؤثر على محاصيلها الزراعية مثل إسبانيا". ويقول ماته في حديثه إلى DW: "المزارعون معرضون لخسائر فادحة لأن هناك حقول كثيرة تُدمر بشكل تام بسبب حشرة حفار الذرة". وعلاوة على ذلك، فقد خضعت هذه الذرة المعدلة وراثيا لسبعة اختبارات من قبل الهيئة الأوربية لسلامة الأغذية (EFSA)، وكانت "كلها إيجابية"، يؤكد جوزيف ماته الذي يقول: "إن هذا المنتج آمن ولا يتسبب في أي مشاكل للإنسان والحيوان والبيئة". غياب الإجماع العلمي في المقابل يرى حماة البيئة لمنظمة السلام الأخضر (Green Peace) أن اختبارات الهيئة الأوربية لسلامة الأغذية "ليست كافية". ففي حوار مع DW، قال ماركو كونتيرو، الخبير الزراعي في منظمة السلام الأخضر، إنه "لا يوجد أي توافق علمي بخصوص سلامة الأغذية المعدلة وراثيًا". وتابع كونتيرو قائلا: "يمكن أن تكون للتكنولوجيا عواقب غير مقصودة لا يمكن التنبؤ بها"، واصفًا في ذات الوقت ذرة 1507' "بالتقنية غير المكتملة". واستطرد الخبير الزراعي شارحًا لموقفه: "نعرف بشكل من الأشكال كيف يمكن حقن أربع جينات في تركيب الكروموزوم، لكننا لا نعرف كيفية تأثير ذلك على هذا التركيب". ولفت كونتيرو أيضًا إلى أن "التعديل الوراثي يقود إلى تطور أجزاء من الحمض النووي تكون معالمها غير واضحة". كما أشار أيضًا إلى أنه "لا توجد معلومات كافية عن مدى تأثير أجزاء تركيب الكروموزوم على النباتات والإنسان". وينبه كونتيرو إلى أنه لا توجد حتى الآن أي دراسات حول تأثير الأغذية المعدلة وراثيًا على صحة الإنسان". اختلاف آراء المزارعين وتواجه "ذرة 1507" رفضًا حاداًّ في دول مثل فرنسا والنمسا وبولندا، فيما تجد ترحيبًا في بريطانيا وإسبانيا والسويد. وأظهر استطلاع لمجلة "فارمرز ويكلي" البريطانية أن ستين في المائة من المزارعين البريطانيين مستعدين لزرع منتجات معدلة وراثيًا إذا كان ذلك قانونيًا. وينتقد جوزيف ماته المتحدث باسم شركة "دوبونت" أن يتم استيراد المواد الغذائية المعدلة وراثيًا الممنوع زرعها في أوربا من مناطق أخرى من العالم. ويعتبر ماته أن ذلك لا يمت للمنطق أو العقلانية بأية صلة. بالإضافة إلى أنه يفسد القدرة على المنافسة على حد قوله. ويشار إلى أن حكومات الاتحاد الأوربي ستقرر خلال شهر ديسمبر المقبل بخصوص اقتراح السماح للمزارعين باستخدام الذرة المعدلة وراثيًا. هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل