معرض القاهرة المسجل عالميًّا ثانى أكبر معرض دولى للكتاب، والذى يعد أكبر وأهم ملتقى ثقافى للمبدعين والكتاب من كل محافظات مصر، أصبح من المعتاد أن تسير فى أروقته دون أن تلحظ هذا الزخم، بل أصبح من الغريب أن تجد ندوة أو حفلًا ثقافيًّا، وقد سجل عدد حضور يجاوز أصابع اليد الواحدة، تفاوتت الأسباب بين دعوات للمقاطعة من قبل المثقفين، وبين اتهام بأخونة المعرض دفعت المثقفين للدعوة لمسيرات ترفض الأخونة يوم الأحد 27 يناير داخل معرض الكتاب، وبين تبريرات ترجع الأمر لتأثر المعرض بأحداث ذكرى ثورة يناير. قال الشاعر شعبان يوسف، المسئول عن مخيم المقهى الثقافى بمعرض القاهرة الدولى للكتاب: إن المعرض لن يتم أخونته بأى شكل من الأشكال كما يدعى بعض المثقفين. وأكد يوسف أن المعرض يسير على درب الأعوام الماضية، والفارق الوحيد هو قيام الدكتور مرسى بافتتاحه، وهى مسألة شكلية لا تعنى شيئًا ولا تضفى أى اعتبارات للفعاليات التى تقام داخله. وأكد يوسف أن فعاليات المعرض ودور النشر المشاركة هى من تحدد لونه وتوجهاته، وحتى الآن المعرض يستضيف أسماء تثير قضايا وطنية لا خلاف عليها من أمثال عمرو حمزاوى، الدكتور جابر نصار، أمير سالم، وجمال بخيت. وأشار شعبان إلى أنه لم يتم إلغاء أى فعاليات داخل معرض القاهرة للكتاب بسبب أحداث التحرير الأخيرة، ولكن ربما يقل الإقبال من جانب الجمهور، مؤكدا على أنه لا توجد أى تعزيزات أمنية داخل المعرض الآن لمواجهة دعوات التظاهر غدا. على الجانب الآخر كتب الدكتور أحمد مجاهد، رئيس الهيئة العامة المصرية للكتاب، على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك"، تعليقًا على ما تردد حول أخونة المعرض، قائلًا فى إشارة منه إلى أن المعرض ما زال ملكًا للمثقفين: "عندما يستضيف المعرض الدكتور ثروت الخرباوى ويقيم ندوة عن كتابه، ويعقد مناظرة بمشاركة جورج إسحاق ومصطفى النجار، ولقاء مع العم بهاء طاهر حول الثورة ومستقبلها، وندوة خاصة للشاعر جمال بخيت وديوانه (دين أبوهم)، على سبيل المثال لا الحصر.. يبقى المعرض ملك مين؟ ومن جانبه أكد الشاعر والمسرحى "إبراهيم السيد"، أن سبب الدعوات التى أطلقها بعض المثقفين لمقاطعة المعرض هى فى الأصل بسبب ارتفاع سعر الكتاب والحالة السياسية. وأشار "السيد" إلى أن تلك الدعوات أطلقت أيضًا فى العام الماضى أثناء فعاليات معرض الكتاب، وتظاهر على إثرها بعض المثقفين والزوار. وأضاف: إن الجماعة التى تتبنى تلك الدعوة هم أعضاء المدرسة "الطبيعية"، وهى تعنى أن أى إنسان من الممكن أن يكتب الأدب، ويتحدث فى الأدب، مستبعدًا أن تكون تلك الدعوات بسبب عدم مقابلة الرئيس للمثقفين. وأكد الشاعر "بهى الدين محمد"، أنه لا يملك معلومات عن دعوات مقاطعة معرض الكتاب هذا العام، مشيرا إلى أنها نافذة المعارضة الأهم للمبدعين منذ عهد مبارك. ورفض "محمد" مصطلح إحياء ذكرى 25 يناير قائلا: "ما فيش حاجة اسمها هنحيى شىء.. إحنا ما علينا إلا شرف المحاولة ومكافحة القهر والظلم". وأشار الشاعر إلى أن المعرض تحول لوسيلة استثمار، مؤكدا أن القائمين على أمور الثقافة موظفون لا يعرفون شيئًا عن الثقافة والإبداع. ومن جانبه أكد الشاعر أحمد السندباد، أنه ضد السلبية التى تمثَّلت فى دعوات مقاطعة المعرض، وطالب المثقفين بالمواجهة وعدم الهروب فى شكل مقاطعة المعرض، قائلًا: "لما يكون لىَّ قضية لازم أواجه ماهربش" . وأشار السندباد إلى أن تنظيم المعرض هذا العام هو أسوأ تنظيم فى تاريخ المعرض، مضيفًا أنه كانت هناك سلبيات فى الأعوام الماضية، لكنها هذا العام فاقت كل حد، وأضاف السندباد: إن الفعاليات الثقافية أصبحت للمعارف والشللية، وأرجع ذلك إلى أن مسئولى الإبداع فى مصر الآن هم أشباه مبدعين. وأبدى استياءه من التنظيم، موضحًا أنه حضر فى موعد ندوته التى كان مقررًا لها الجمعة 25 يناير بمخيم الإبداع، ليجد الندوة انتهت، واكتشف أنها لم تستمر سوى نصف ساعة، على الرغم أنه مقدر لها ساعة ونصف الساعة فى جدول أعمال المخيَّم. وعلى الوجه الآخر أطلق الكاتب والقاص سيد الوكيل حملة بعنوان "المعرض لنا"، وقال: إنها تدافع عن حق المثقفين فى فعاليات معرض الكتاب وتنظيمه، واصفًا دعوة بعض المثقفين لمقاطعة المعرض بأنها دعوة ساذجة، وتأكيدًا للأخطاء التى تقع فيها النخب الثقافية، وأضاف: "المناخ المتطرف الآن مهيئ للخلاص من المثقف.. ذلك الكائن المزعج لكل أشكال التطرف والهيمنة والقمع" . وناشد الوكيل جموع المثقفين قائلًا: "احضروا جميع الفعاليات، وشاركوا بقوة، قولوا رأيكم فى كل المنتديات، ادخلوا بكتبكم وارفعوها فى وقفات احتجاجية حضارية ليعرف العالم من أنتم، ولا تسمحوا لهذا الطرف أن ينفيكم إلى الظل، فلو حدث لن تخرجوا منه ولو بعد حين".