لم أتخيل يوما أن أكن مع امرأة بجسدي، وروحي مع امرأة أخرى.. ها أنا ذا ملقى الجسد بجانب امرأة، طالما أحبتني، طالما حلمت برضائي، لكني لم أرضَ يومًا عنها، لم أصل يومًا إلى ذروة الانتشاء وأنا بداخلها، لم أطرق بابها يومًا، هى من ألقت بروحها وجسدها بين يديّ. حاولت مرارًا أن أوضح لها أن الحياة ليست فقط في إشباع الجسد، وإنما في الروح، لكنها لم تنصت يومًا لي، طالما طالبتها بأن تكون أنثى بكامل صفاتها، وألا يكون سلاحها الوحيد الجسد، لكنها لم تنصت يومًا لي. دائما ما أسمعها تردًد، وهى نائمة بجوارى " طول ما أنتى ماليا عين الراجل مش هيبص لبره"، هكذا فلسفتها التي تربت عليها، لم تكن يوما تهتم بإشباع روحي بقدر جسدى، وقد استسلمت أنا لهوايتها المفضلة، حتى ضربني الملل، وصرت أمارس الحب معها بفتورٍ واضح، صرنا مثالًا حيّا لمعاشرة "الميّت للتَعبان". أغفو للحظات وأعاود النظر إلى جسدها العاري وأشعر بسحائب الضجر والملل والتباعد الروحي، أتفحص ثناياه، أرى بوضوح تلك "الحسنة" السمراء تتلألأ في جسده البض، أسفل نهدها الأيسر المنسدل بشكلٍ بيضاوي على أحد جانبيها، أشفق عليها بضحكة خجولة أرسمها على شفتي تبادلنى هي الابتسامة وتغفو مرة أخرى. عقلي الحائر يعوقني ويجذبني جذبا تجاه "امرأتي" الأخرى، والتي في الغالب عارية، الآن، في حضن أحدهم. أهزّ رأسي حتى أبعد تلك الصورة، التي طبعتها مخيلتي بعيني، أحاول أن أتخيلها في حضنى أنا، بين يديّ، في الواقع ليس جسدها هو الشيء المميز بها فقط، هى مختلفة لكونها تملك روحا رغم مرور سنوات على لقائنا الوحيد، إلا أنها تجلس بذاكرتي وتتحرك بمنتهى الحرية، لم أستحضرها يوما من ذاكرتي، اعتادت أن تداهمنى وقتما تشاء. أحاول أن أبعدها عن تفكيرى وأنتفض من مضجعي لأبدأ يومي الجديد، أذهب إلى دورة المياه وأفتح الصنبور وأسمع المياه وهى تتدفق عبر مساراتها، حتى تنطلق دفعة بغتة لتسحبني من عالمي الخيالي لواقعي الباهت، فأبدأ بتململ بوضع يديّ تحت المياه المندفعة، وآخذ بعضا منها وأضعه على وجهي لأتخلص من أحمر الشفاه المطبوع على قسماته، وما إن نظرت للمرآة، حتى رأيتها، رأيت وجهها. رأيت بسمتها، عينيها الزائغتين كل شيء عنها، أصبحت المرآة خريطة لذاكرتي، حاولت أن أبتعد عن تلك المآسي، وسحبت المنشفة ووضعتها على وجهى، فاشتممت رائحتها، هى تحاصرني في كل تفصيلة في يومي، لم أكن أعتقد يومًا أنها ملكتني إلى هذا الحد. كيف حدث؟ لماذا حدث؟ وما النتيجة وراء هذا كله؟. لم أصل بعد إلى إجابة ترضيني، جميعها واهنة لا تقنع عقل رضيع. وضعت قدمي خارج دورة المياه، وحاولت أن أطرد كل الأفكار البائسة عنى، حاولت أن أشعر بشيء من السعادة، وارتديت ملابسي ونظرت إليها، فوجدتها ما زالت عارية ومنكشفة الصدر، أشحت بنظري بعيدا عنها وهربت خارج عش الزوجية.