طرحت في الأسبوع الماضي غرق الإنسان طوال حياته في الأسئلة منها ما هو وجودي ومنها ما هو نفسي ومنه ما هو حياتي، والإنسان مثل الأمم لن يتطور إلا بأسئلة متتالية ورحلة البحث عن الإجابة هى سر تطور الأمم والبشرية وفي قلبها الإنسان. وقلت إن هناك بعض الأسئلة الكبرى التي في حقيقتها ليست مجرد تساؤلات عابرة، بل هي قنابل موقوتة في عالمنا الداخلي، تسرق من صاحبها السلام وتجعله يغرق ونغرق معه في بحر من الأفكار التي لا تنتهي، خاصة ما يتعلق بالهوية والوجود، والصراع بين الواقع وما نتمناه أو ما نخشاه من عينة ما هو هدفي في الحياة؟ هل أنا هنا لسبب معين أم أن وجودي مجرد صدفة؟ وينشأ التساؤل من مقارنة الحياة الشخصية بحياة الآخرين، فقد يرى الشخص نجاحات وأحلامًا محققة لدى من حوله، ويشعر أن مساره بطيء أو غير صحيح، مما يسبب له قلقًا مستمرًا وشعورًا بالضياع. نستكمل الأسئلة أم كفي؟ أطرح هذا السؤال الذي قد يؤرق الكثيرين ولا يسألونه: هل اتخذت القرار الصحيح بالزواج من هذا الشخص؟ وهذا السؤال قد يظهر بعد سنوات من الزواج، وخاصة عند مواجهة المشاكل.. يبدأ الشخص في التفكير في المسارات الأخرى التي كان يمكن أن يسلكها، مما يجعله يندم على قراراته ويخلق فجوة في علاقته.. ويكون السؤال الأخير هنا: هل يجب أن أترك عملي وأبدأ مشروعي الخاص؟ وهذا السؤال يطارد الأشخاص الذين يشعرون بالملل في وظائفهم، لكنهم يخشون المجازفة.. والتفكير المستمر في هذا القرار يستهلك طاقة كبيرة، ويجعلهم غير قادرين على التركيز في الحاضر، لا هم استمتعوا بعملهم الحالي ولا هم امتلكوا الشجاعة لاتخاذ الخطوة. من أنا؟ في زمن العولمة، وحرب طمس الهوية هى المقصود بلا شك، تستمر الرحلة على سفينة الأسئلة الصعبة وفي عالم يموج بالضجيج والسرعة التي تجعل إخبار أبعد مسافة منك تأتيك في أقل من "فيمتو ثانية" عن طريق الإنترنت أو وكالات الأنباء أو الفضائيات، حيث تتلاشى الحدود وتختلط الهويات، وهنا يبرز سؤالان قديمان قدم التاريخ، يثقلان كاهل الفكر الإنساني ولكن بطرح جديد: من أنا؟ ومن أنت؟ وتزداد حدة السؤالين في زمن العولمة، ومع ذلك، هذان ليسا مجرد سؤالين عابرين، بل هما بوابة إلى أعماق الذات والآخر، ومرآة تعكس أزمة الوجود المعاصرة. إنها رحلة فلسفية لا تنتهي، بحث دائم عن المعنى في عالم يفتقر إليه. رحلة البحث عن المعنى ويشكل السؤال الأول، من أنا؟ نقطة الانطلاق، إنه صرخة الفيلسوف الإغريقي القديم الذي حث على اعرف نفسك، والمعرفة هنا ليست مجرد معرفة اسم أو جنس أو مهنة أو جنسية. إنها بحث عن الجوهر، عن المكنون والوعي الذي يجعلني أنا، وعن تلك الشعلة التي تميزني عن الآخرين.. وتتوالى الأسئلة: هل أنا مجرد مجموعة من الذكريات؟ أم أنني نتاج للظروف الاجتماعية والتربية؟ والتي لا تختلف حسب المكان فحسب ولكن يمتد نطاقها عبر الزمن، حتى في المكان الواحد، فهل أنا الجسد الذي أراه في المرآة، أم الروح التي تسكنه؟ وتتفاقم الأسئلة في زمن السيلفي ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث يتم بناء الهوية والمكانة على عدد الإعجابات -اللايكات- والمتابعين، يصبح هذا السؤال أكثر إلحاحًا، فالهوية لم تعد شيئًا داخليًا أصيلًا، بل أصبحت سلعة قابلة للتعديل والبيع، قناعًا يرتديه الإنسان ليناسب الصورة التي يريد أن يراها العالم. ولأن العملة لها وجهان، لا يمكن أن يفهم وجه منها بمعزل عن الآخر، يكون السؤال الثانى هو الوجه الثانى للعملة.. أقصد من أنت؟! فلا يمكن فهم الذات بمعزل عن الآخر، فوجود الآخر هو الذي يحدد هويتي، ويعطيني مرآة أرى فيها نفسي. من خلال التفاعل مع الآخر، نتعرف على حدودنا وقيمنا.. وهكذا لا يفسر لنا فيلسوف الوجودية جان بول سارتر هذه المعضلة فحسب ولكنه يلقى بنا الى جحيم آخر بقوله: إن الآخر هو الجحيم، مشيرًا إلى أن نظرة الآخر قد تقيد حريتنا وتفرض علينا تعريفًا لا نريده. لكن في الوقت نفسه، يمكن أن يكون الآخر هو الجنة، فهو مصدر التعاطف والتفاهم والنمو.. ويكون السؤال ماذا لو انعكس السؤال في عصرنا الحالي، حيث تتزايد الانقسامات وتتعمق الخنادق بين الشعوب وتطرف الأفكار وتتنوع، يصبح السؤال عن الآخر أكثر تعقيدًا. فمن هو هذا الآخر؟ هل هو المختلف عني في الدين أو العرق أو الرأي؟ وماذا أشكل له أنا، باعتباري أنا هو الآخر بالنسبة له؟ يعني في نهاية المطاف، يظل السؤالان متشابكين، كخيطين ينسجان نسيج الوجود الإنساني. ففهم الذات لا يكتمل إلا بفهم الآخر والعكس صحيح، والآراء والنظريات الفلسفية هنا ليس لتقديم إجابات نهائية، بل لتحفيز التفكير، وإشعال شرارة التساؤل.. نعم قد لا نجد أبدًا إجابة قاطعة على من أنا؟ ومن أنت؟ لكن الرحلة بحد ذاتها، رحلة البحث والتأمل، هي ما يعطي للحياة معنى وقيمة. وفي رحلة البحث، نتعلم أن نكون أكثر تواضعًا، وأكثر فهمًا لذواتنا وللآخرين، وربما ندرك أننا جميعًا، في نهاية المطاف، إننا جميعا جزء من كل واحد. وللحديث بقية.. [email protected] ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا