حين كرّمت تايلاند الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، واعتبرته أفضل شخصية إسلامية في العالم، شعرتُ بالفخر كمصري أولًا، وكعربي مسلم ثانيًا. هذا رجلٌ يحمل راية الإسلام المستنير في زمنٍ كثر فيه الضجيج وقلّ فيه النور، رجلٌ يتحدث باسم الأزهر لا بوصفه مؤسسة دينية فحسب، بل كحارس للوسطية والعقل والتوازن. لكن سرعان ما تسلل إلى هذا الشعور بالفخر شيء من الغصّة. فإعلامنا، الذي لا يترك مناسبة للرقص أو كرة القدم إلا واحتفى بها، تجاهل هذا التكريم الرفيع بصمتٍ يُثير الأسئلة. لا عمرو أديب أشار، ولا أحمد موسى تناول، ولا لميس الحديدي خصصت فقرة، وكأن الإمام الطيب نال الجائزة من كوكب آخر، لا من دولةٍ تُقدّر الفكر وتحتفي بالعلماء. لماذا غاب الإعلام عن مثل هذا الحدث الرفيع لرجل في مقام شيخ الأزهر إمام المسلمين ذي الباع الطويل في تكريس قيم الإخوة الإنسانية وترسيخ الحوار بين الأديان وهل أصبحت القيمة الحقيقية بلا قيمة إذا لم ترافقها كاميرا وهاشتاغ؟ هذا الغياب ليس خطأً مهنيًا عابرًا، بل مؤشر على أزمة أعمق، الإعلام المصري في كثير من وجوهه، لم يعد يعبّر عن ضمير الناس، بل عن إيقاع السوق. اختلطت لديه الأولويات، فضاعت القضايا الكبرى بين زحام التفاهة. لا أقول هذا كجلدٍ للذات، بل كصرخة محبة: أعيدوا البوصلة. فحين يُكرَّم الإمام ويصمت الإعلام، فاعلم أن هناك خللًا في المنظومة لا في الحدث. أين إعلامنا وقنواتنا من هذا الحدث الذي يشرف كل مصري وكل مسلم؟ لماذا لا نراهم يخصصون دقائق قليلة من برامجهم المليئة بالصراخ أو الاستعراض لتسليط الضوء على هذا الرجل الوقور، الذي يمثل صورة الإسلام المستنير، وينافح عن وسطية الدين في محافل العالم؟ الإجابة المؤلمة أن إعلامنا لم يعد يقوم بدوره التنويري والوطني كما ينبغي. بل إن كثيرًا من الوجوه التي تتصدر المشهد باتت أبواقًا لا همّ لها إلا صناعة الإثارة الرخيصة، أو الترويج لوجهة نظر الحكومة بلا موضوعية، أو تلميع التفاهة على حساب القيم، وكأنها في خصومة مع العقل والضمير معًا. إن السؤال الحقيقي الذي يطرحه هذا الغياب الفج عن تكريم الإمام الطيب: هل ما زالت هذه الوجوه تجد صدى لدى الناس؟ وهل فعلًا ما تقدمه من رسائل يصب في مصلحة الوطن، أم أنها باتت عبئًا على النظام نفسه، تخسر كل يومٍ احترام الناس وثقتهم، وتفقد تأثيرها أمام إعلام بديل يولد من رحم السوشيال ميديا، ويأخذ على عاتقه ما تخلّى عنه التقليديون؟ إن أزمة الإعلام المصري اليوم ليست أزمة أشخاص، بل أزمة توجه ومصداقية. والمطلوب هو مراجعة شاملة تعيد ترتيب الأولويات: إعلام يضع الوطن في قلبه، لا الحفلات؛ يضع العقل في صدره، لا الشائعات؛ ويضع رموزه الكبار في مقدمة شاشاته، لا عناوين الإثارة العابرة. وإذا كان الإعلام التقليدي قد فشل في أداء هذا الدور، فإن البديل بدأ يتشكل، جمهورٌ ذكيّ، ينتقي مصادره، ويبحث عن المضمون الحقيقي، ويستعيد بصمته زمام المبادرة في زمن الضجيج. ولن نستعيد ثقة الناس في الإعلام إلا إذا عادت الرسالة إلى معناها الأصيل: أن يكون حارسًا على الوعي، لا تابعًا للهوى؛ أن يقدّم منارات الفكر، لا واجهات الملهى؛ وأن يُنصف من يستحق، ولو بكلمة صدق واحدة.. ولو على استحياء. بين زويل وغنيم وفجوات البحث العلمي! أوهام ضيعت الأعمار! فلكَ يا شيخ الأزهر، يا إمام التسامح والاعتدال، كل التحية والتقدير، وللصامتين عن إنجازك كل الأسف.. فقد خانوا المنبر، وتراجعوا أمام التريند. كل التحية للإمام الطيب.. وكل الأسف على إعلامٍ خذل الكبار.. والأكثر إيلاما أنه خذل الوطن والرسالة النبيلة لحملة مشاعل التنوير في زمن التريند وتفاهة المشاهير! ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا