في صباح 8 يونيو 1992، رحل الدكتور فرج فودة، الكاتب والمفكر والناقد الجريء، الذي نذر حياته لمواجهة الاستبداد الفكري والديني، وناصر حرية الفكر والإنسان، وفي مؤلفاته قدم نقدًا تحليليًا لمشروع الإسلام السياسي، معتمدًا على الفهم الدقيق للنصوص الدينية في سياقها التاريخي، وكشف ما اعتبره تناقضات وأخطاء في فهم وتأويل الدين، ودفع الثمن غاليًا. من هو فرج فودة؟ ولد فرج فودة في محافظة الدقهليةعام 1946، وتخرج في كلية الزراعة، لكن شغفه الحقيقي كان بالكتابة والفكر، ونقد الفكر الديني المتشدد ومشروع الإسلام السياسي. حمل فودة راية قيم الحداثة والعقلانية، ومع الوقت أصبح واحدًا من أكثر الأصوات التي تتحدى الخطاب الديني السائد، وتتشدد في رفض استغلال الدين في السياسة. كتابات وأفكار فرج فودة لم يكن فودة عدوًا للدين كما أشيع عنه، بل كان يرفض ما أسماه التشويه السياسي للدين، واستغلاله كأداة للقمع والهيمنة، حيث تأثر فرج فودة بفكر الحداثة الأوروبية، خاصة الليبرالية والتنوير، وكان يحذر من تصادم الأديان والفكر. ووقفت كتابات فودة في وجه التيارات الإسلامية المتشددة التي كانت تزداد نفوذًا في مصر خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين، كما كان فودة صريحًا في انتقاده لجماعة الإخوان المسلمين والتنظيمات الجهادية، التي رأى أنها تغذي العنف، وتحد من الحرية، وكان من أوائل الذين حذروا من التطرف وقدموا قراءة نقدية لفكر العنف الديني. هذا الموقف الجريء وضعه في مرمى نيران المتشددين، حيث لم تكن معركته فقط فكرية، بل كانت معركة وجود في ظل مناخ سياسي مضطرب، شهد آنذاك تصاعدًا للعنف بين الدولة والجماعات الإسلامية. كتابات فرج فودة في مواجهة الإسلام السياسي أصدر الدكتور فرج فودة عدة كتب نارية أغلبها ضد مشروع الإسلام السياسي، لكن كتابه «الحقيقة الغائبة» كان أخطرها على الإطلاق في الهجوم على التيار الإسلامي، إذ اعتبر فودة أن فكر الإسلام السياسي ليس مشروعًا دينيًا بقدر ما هو مشروع سياسي يستخدم الدين كغطاء لتحقيق أهداف سلطوية تحرم الإنسان من حريته وكرامته. وأعلن فودة في هذا الكتاب الذي أثار الكثير من الجدل، رفضه لاستغلال الدين كأداة سياسية، واعتبر مشروع الإسلام السياسي أهم عائق أمام الحداثة والتحرر، كما حذر فودة في نفس الكتاب من الاستبداد الفكري الذي يراه لا يقل خطرًا عن الاستبداد السياسي، لأنه يقتل العقل، ويغلق الباب أمام أي نقاش حر. اتهامات الإسلاميين ل فرج فودة تعرض فودة لاتهامات صعبة سواء من الإسلاميين أو حتى رجال دين زعموا أنه ضد الإسلام في المطلق، وهناك من هاجم مشروعه واتهمه بالحدة البالغة التي لا تصلح لحساسية الواقع المصري، مما جعله هدفًا سهلًا للحملات المعادية. بحسب محمد عابد الجابري في كتابه نقد العقل العربي، هناك حتمية للانفصال عن التراث المتصلب الذي يشكل عقبة أمام النهضة الفكرية، فالعقل العربي يحتاج إلى نقد داخلي حاسم حتى يخلص من التناقضات التي تحاصره بين التراث والحداثة، وهذا يتقاطع مع رؤى فودة الذي لم يكن ينتقد الإسلام كدين، بل الأساليب التي تفسره وتجعل منه أداة للهيمنة. مناظرة معرض الكتاب، كلمة النهاية في مشروع فرج فودة في يناير 1992، وبين أروقة معرض القاهرة الدولي للكتاب، حدثت واحدة من أبرز لحظات المواجهة الفكرية في مصر الحديثة، حين تحدى فرج فودة التيار الإسلامي ليس فقط بنقده المكتوب، بل بوقوفه وجهًا لوجه أمام منظريه. كانت تلك المناظرة بمثابة شرارة اشتعلت في الساحة الفكرية، حيث تصدى فودة لأفكار كان يروج لها الإسلاميون بكل حدة وجرأة، والمعركة لم تكن كلامية فقط، بل تضمنت اتهامات متبادلة، حيث واجه فودة اتهامات من الإسلاميين بأنه «يلغي الدين» و«يشوه صورة الإسلام»، بينما أكد هو أن نقده يستهدف الاستغلال السياسي للدين وليس الدين نفسه. استمرت المناظرة 3 ساعات متواصلة، وحضرها أكثر من 30 ألف شخص أغلبهم من أتباع تيارات الإسلام السياسي، وانقسم المحاضرون في المناظرة إلى فريقين، الأول، يمثل "الدولة الدينية"، والآخر يمثل الدولة المدنية، ويضم الدكتور فرج فودة ومعه محمد خلف الله من حزب التجمع اليساري. وأصبحت المناظرة نقطة تحوّل درامية في حياة فودة، حيث زادت من عزلته وخطره، وحفزت تيارات متطرفة على التصعيد ضده، لتصل في النهاية إلى جريمة اغتياله بعد أشهر قليلة من ذلك الحدث على يد متطرفين إسلاميين من الجماعة الإسلامية، بعد أن أثارت كتاباته وأفكاره غضب جماعات الإخوان والتنظيمات الجهادية، الذين اعتبروا فودة خصمًا فكريًا يستهدف وجودهم السياسي والديني. إرث فرج فودة حتى اليوم يراه كثيرون حتى اليوم رمزا للمثقف الشجاع الذي رفض الخضوع للإسلاميين، وترك إرثًا فكريًا عميقًا يُدرس في الجامعات، ويقتبس منه الباحثون العرب والأجانب، بينما يرى البعض الآخر أن نقده كان قاسيًا ولم يراع حساسيات الحالة المصرية. رحل فوده وتبقي النقاشات التي فجرها حية حتى اليوم حول ضوابط العلاقة بين الدين والسياسة وحرية الإنسان. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا