وكيل الأوقاف ببني سويف يوجه بضبط استخدام مكبرات الصوت لعدم إزعاج المواطنين    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر    5 قرارات جمهورية مهمة وتكليفات قوية من السيسي للحكومة وكبار رجال الدولة    الموجة 26.. استرداد 41 فدانًا من أراضي الدولة غرب الإسكندرية- صور    وصول 132 حاجًا بعد أداء المناسك بالأراضي المقدسة    صور لعملاء الموساد داخل إيران تظهر تركيب أسلحة هجومية    خامنئى: النظام الصهيونى حكم على نفسه بمصير مرير ومؤلم    بالمواعيد.. جدول مباريات الترجي في كأس العالم للأندية 2025    "سأُطرد".. جوارديولا يفضل تدريب السيتي عن ريال مدريد وبرشلونة    مطلوب في ليفربول.. باريس سان جيرمان يغلق باب الرحيل أمام باركولا    مالك سيراميكا كليوباترا: الأهلي لو طلب عيني أقدمها له.. وأتمنى توسيع دائرة المنافسة    بعثة حج الجمعيات الأهلية تنظم زيارات للروضة الشريفة    تصادم مروع بين أتوبيس وتريلا على الطريق الإقليمي وسقوط عدد من المصابين    ضبط أسلحة ومخدرات وتنفيذ مئات الأحكام في حملات أمنية بأسوان    قطار الموت يدهس شابين بقنا.. أحلام "ولاد العم" انتهت في لحظة    حقيقة عودة المطرب الشعبي إسماعيل الليثي لزوجته بعد إعلان طلاقهما    حنان مطاوع تشارك مع السقا في "هيروشيما"    أحمد السقا يتحدث عن إمكانية زواجه للمرة الثانية    طريقة عمل كباب الحلة بمكونات بسيطة ومذاق لا يقاوم    ضبط 137 مخالفة لمحلات خالفت قرار ترشيد الكهرباء    ميناء دمياط يستقبل 5 أوناش رصيف عملاقة من أوناش «STS»    سعر الدواجن البيضاء في الأسواق والمحلات المصرية اليوم 13-6-2025    أسعار السمك اليوم الجمعة 13-6-2025 في الدقهلية    رسالة سلام من الباليه الوطني الروسي للعالم بالأوبرا    بمشاركة 326 فنانًا| انطلاق فعاليات الدورة 45 للمعرض العام.. الأحد    روسيا تشعر بالقلق وتدين التصعيد الحاد في التوترات بين إسرائيل وإيران.    خط إنتاج تفحم بالكامل.. حريق هائل بمصنع مكرونة في أوسيم    "المستشفيات التعليمية": تقديم 2 مليون خدمة علاجية في الوحدات التابعة خلال 5 أشهر    مستعدون لأي تضحية.. بيان من الاتحاد الإيراني لكرة القدم بشأن هجوم إسرائيل    ارتفاع أسعار الحديد وانخفاض الأسمنت اليوم بالأسواق (موقع رسمي)    محمد هاني: "لم يخطر على بالي انضمام زيزو إلى الأهلي"    المقاولون العرب يهنئ سيراميكا كليوباترا بلقب كأس عاصمة مصر    إخلاء سبيل والد عريس الشرقية المصاب بمتلازمة داون ووالد عروسه    «الأَوْطَانُ لَيْسَتْ حَفْنَةً مِنْ تُرَابٍ» موضوع خطبة الجمعة اليوم    من صمت الصخور إلى دموع الزوار.. جبل أحد يحكي قصة الإسلام الأولى    «الأرصاد» تعلن حالة الطقس غدًا السبت 14 يونيو| إنفوجراف    رئيس بعثة الحج ل"اليوم السابع": تفويج الحجاج بسلاسة ومتابعة دقيقة    بعد استهداف إيران.. رئيس الأركان الإسرائيلي: «كل من يحاول تحدينا سيدفع ثمنا باهظا»    رئيس الوزراء: نتابع الموقف أولا بأول وتنسيق بين البنك المركزي والمالية لزيادة مخزون السلع    وزارة الطيران: المجال الجوي المصرى آمن ويعمل بشكل طبيعي    كوكا: "الفترة الماضية كانت صعبة.. واللعب بدلًا من معلول تحدٍ كبير"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 13-6-2025 في محافظة قنا    في ختام رحلة الوفاء.. أسر الشهداء يغادرون المدينة المنورة بقلوب ممتنة    بعد مقتله.. من هو الجنرال غلام علي رشيد نائب رئيس الأركان الإيراني؟    جعفر: الفوز بكأس مصر كان مهم قبل بداية الموسم المقبل    وكالة أنباء تسنيم الإيرانية: فرض قيود على حركة الطائرات في مطار العاصمة    الداخلية تكشف تفاصيل فيديو التحرش بالأطفال في بورسعيد    نتيناهو: نحن في لحظة حاسمة في تاريخ إسرائيل وبدأنا عملية «شعب كالأسد» لإحباط المشروع النووي الإيراني    «سهل أعمل لقطات والناس تحبني».. رد ناري من محمد هاني على منتقديه    "مستقبل وطن المنيا" ينفذ معسكرا للخدمة العامة والتشجير بمطاي    الاستماع لشكاوى المواطنين بقرى بئر العبد بشأن انتظام وصول المياه    وكيل وزارة الصحة بالشرقية يؤكد على دور الإعلام الحيوي في دعم المنظومة الصحية    100% ل 3 طلاب.. إعلان أوائل الابتدائية الأزهرية بأسيوط    3 أيام متتالية.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    تعرف على برامج الدراسة بجامعة السويس الأهلية    دينا عبد الكريم تلتقي بالسفير حبشي استعدادًا لجولة كبرى لبناء قواعد للجبهة الوطنية من المصريين بالخارج    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025.. عطلة رسمية للقطاعين العام والخاص    تعامل بحذر وحكمة فهناك حدود جديدة.. حظ برج الدلو اليوم 13 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فرج فودة سيرة رجل قتلته أفكاره

دعا إلى تأمين منابع النيل بعد صعود الإسلام السياسي.. وحذر من حمامات دم بسبب جمود الخطاب الدينى محاور مشروعه التنويري: نقد الإسلام السياسي والتاريخي وحتمية الاجتهاد والدفاع عن الدول المدنية
ربط بين الخطاب الدينى المتطرف والنازية في الاستعلاء والعنصرية واستخدام العنف
آمن أن الإرهاب ولد من رحم جماعة الإخوان في العشرينيات.. ونبه إلى خطورة الصراع السنى- الشيعى
في 8 يونيو 1992، اخترقت رصاصات الغدر التي انطلقت من أيادى الجماعات الإسلامية، كبد وأمعاء الدكتور فرج فودة، الذي قتلته أفكاره التي نادي فيها بضرورة فصل الدين عن السياسة والدولة لا المجتمع.
كان فودة- كما قال أندرو نادر الذي أعد العديد من الدراسات والأبحاث عن الراحل-«يمتلك نفس قدرة عيون زرقاء اليمامة» فقد استشرف العديد من الأحداث السياسية التي مازلنا نعيشها حتى الآن، ويرى تفاصيل خطورة وتمدد الفكر المتشدد والمتطرف، الذي يجتاح البلاد العربية،تحت راية الإسلام حتى يسهل التهامها ووقوعها فريسة واحدة تلو الأخرى في قبضة مستعمر قديم، جدد أفكاره وطور أدواته، ووجد أن أسهل طريقة لغزوها هو تدميرها ذاتيا من الداخل وباسم الدين، فقد دفع حياته ثمنا لذلك، وظلت أفكاره حية عصية على التوارى تحت التراب.
كانت الاضطرابات السياسية التي شهدتها المنطقة العربية في نهايات فترة السبعينيات وبداية الثمانينيات، بنمو الجماعات الإسلامية على المستوى الداخلى، والتي انتهت باغتيال الرئيس أنور السادات في 6 أكتوبر 1981، وانتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1989، على المستوى الخارجى، الدافع الأول لفرج فودة في احتراف الكتابة، واستشعار خطورة تمدد الأفكار المتطرفة، متوقعا أن الصراع العربى الإسرائيلى في طريقه للتآكل، بعد معاهدة السلام بين إسرائيل ومصر، وبأن صراع مصر في الشرق الأوسط سيتحول إلى الجمهورية الإيرانية الإسلامية، أما الصراع المسلح فسوف يتجه إلى الجنوب، حيث مصادر المياه، داعيا إلى تأمين منابع مياه النيل ومساره، منبها إلى أن صعود التيار الإسلامى في السودان في عام 1983، يمثل خطرا إستراتيجيا على أمن مصر القومي.
عصر التنوير الثانى
ينتمى فكر فودة إلى ما يسمى بالعصر الثانى للتنوير المصري، والذي يتميز عن عصر رواد التنوير مثل الطهطاوى وعلى مبارك وأحمد لطفى السيد وسعد زغلول وقاسم أمين وطه حسين وعلى عبد الرازق وأحمد أمين، بنشوئه في بيئة أكثر عداء وعنفا، وإلى جرأته في معالجة الكثير من القضايا الخلافية، حيث اعتبر أن الاتجاهات الإسلامية المتطرفة قد نجحت في إشاعة جو من الإرهاب الفكرى السياسي، ويعتمد التنوير المصرى في الأساس على معالجة قضية العلاقة بين الإسلام والحداثة، ويرى فودة أن الدين جزء من مكونات الشخصية المصرية" ومن ثم فإن أولى خطوات التنوير هي أن يدرك أنصار التيارات الإسلامية أنهم ليسوا وحدهم جماعة المسلمين، وأن معركة التنوير في مصر تقوم بين فريقين من المسلمين يبغى أحدهم تطبيق الشريعة على ما تركه السلف دون اجتهاد ومراجعة، بينما يبغى الفريق الآخر إقامة قواعد تنظم المجتمع على أسس لا تتناقض مع جوهر الدين في شيء، ولا تصطدم مع معطيات العصر في إطارها العام.
ويقوم مشروع فودة التنويرى على أربعة محاور رئيسية هي: نقد الإسلام السياسي المعاصر، نقد الإسلام السياسي التاريخي، حتمية الاجتهاد وإعمال العقل، والدفاع عن أسس الدولة المدنية الحديثة.
نقد الإسلام السياسي المعاصر
كان فودة عميقا في رؤيته عندما رفض اعتبار تيار الإسلام السياسي في مصر تيارا واحدا، حيث جاءت مؤلفاته كدراسات تفصيلية لهذا التيار الذي قسمه إلى ثلاث، فكتاب «حوار حول العلمانية»1987 هو نقد للتيار التقليدى، والذي يتمثل في جماعة الإخوان المسلمين التي نشأت في العشرينيات، ويشمل تاريخها في مصر، على اغتيال المعارضين في ظل الأنظمة الديمقراطية، أو قلب نظام الحكم في ظل الأنظمة الشمولية، وذلك على الرغم من رفض مؤسسها حسن البنا تحول الجماعة إلى حزب سياسي، إلا أنها الأكثر تنظيما ومشاركة في الحياة السياسية منذ دخولها مجلس الشعب لأول مرة عام 1984، ويكشف فودة أن العنف الموجه للمدنيين نشأ على يد التنظيم السرى لجماعة الإخوان في الأربعينيات، وذلك قبل عصر عبد الناصر ودون أي سابق تعذيب أو قمع لهم.
وكتاب «الإرهاب»1988 وهو نقد للتيار الثورى، والذي يتمثل في الجماعات الإسلامية المسلحة، التي نشأت في أواخر الستينيات، وهى تعتقد بجاهلية المجتمع وترفض الدستور والديمقراطية وتؤمن بالعنف كأسلوب وحيد للعمل السياسي.
وكتاب«الملعوب»1985 وهو نقد للتيار الثورى، والذي يتمثل في أصحاب الثروات المتضخمة التي تكونت نتيجة للعمل في المملكة العربية السعودية، أو في مصر بعد الانفتاح الاقتصادى في السبعينيات، حيث حذر فيه فودة من أثر بيوت توظيف الأموال الإسلامية على الاقتصاد المصري، وتدمير مدخرات المصريين وإضعاف السيولة اللازمة للاستثمار وإبخاس قيمة الجنيه المصري.
وفى عام 1989 ألف فودة كتابه «النذير» كدراسة لنمو التيار الإسلامى ما بين عامى 1982 و1987، بل تأريخا لتلك التيارات التي بدأت منفصلة شبه متناحرة في انتخابات البرلمان 1984، ثم متحالفة في انتخابات 1987، وخلص منها إلى أن التيار الإسلامى قد نجح بالفعل في تكوين دولة موازية، لها اقتصادها المتمثل في بيوت توظيف الأموال، وجيشها المتمثل في الجماعات الإسلامية المسلحة، وكيانها السياسي المتمثل في مكتب إرشاد الإخوان المسلمين رغم حظر الجماعة قانونيا، موضحا اختراق التيار الإسلامى المؤسسة الدينية الرسمية ر التنويرى أن تلك الحركات تنامت بشكل هائل في ظل الإعلان الدائم عن تصدى الدولة لهذه التيارات، وتحت شعارات مواجهة التطرف السياسي الديني، مشيرا إلى فشل الدولة المضاعف في التعامل معها ومواجهتها.
ووجد فودة تشابها بين التيار السياسي الدينى في مصر والنازية في ألمانيا من حيث نظرات الاستعلاء والعنصرية واستخدام العنف والعودة إلى الجذور، محذرا من أن ما يحدث في مصر الآن، وما اعتمدته التجربة النازية للوصول إلى الحكم بعد فشل المواجهة، يتمثل في التسلل إلى المؤسسات، واستخدام الديمقراطية، واستغلال ضعف هيبة الدولة، واستثمار المعاناة من الأزمة الاقتصادية، لإسقاط الدولة في النهاية.
الثورة الإسلامية
اعتبر فودة أن نمو الإسلام السياسي في مصر هو جزء من اتجاه عام في جميع البلاد الإسلامية، يمكن أن يطلق عليه اسم «الثورة الإسلامية» وأن هذا الاتجاه العام، بنجاحه في إيران1979، قد أحدث انقلابا جوهريا في أساليب ووسائل الأحزاب السياسية الإسلامية في العالم الإسلامي، حيث طرح منطق الثورة الشعبية، أو التغيير العنيف، كبديل لأسلوب التعايش مع النظم الديمقراطية، والعمل في ظلها، كما أنه أحيا الآمال في نفوس أنصار هذه الاتجاهات في جميع البلدان الإسلامية.
رأى فودة أنه باستثناء الاختلاف الفكرى بين الشيعة والسنة، فيما يتعلق بنظرية الإمامة ومدى اختلاط أمور السياسة بالدين، فإن الظروف الموضوعية الممهدة لإنشاء الدولة الدينية الإسلامية في كل من مصر وإيران تكاد أن تتطابق، والتي تتمثل في قيادة إيران للعالم الشيعى بسبب قادتها الفكرية وثقل كتلتها السكانية، والذي ينطبق على مصر في العالم السنى، نمو الكيان الاقتصادى الدينى المستقل، ووجود الأحياء الفقيرة التي تعد مرتعا خصبا للتطرف السياسي الدينى، الاعتماد على الميليشيات الشبابية، إجادة التيار الدينى لاعتلاء منابر المساجد من خلال الأئمة المسيسين، وميل الإدارة الأمريكية إلى احتواء تلك التيارات دون مواجهتها.
وفى عام 1984 ألف فودة كتابه «قبل السقوط» كدراسة على الآثار المترتبة على التطبيق الفورى للشريعة الإسلامية، بعد تحويل السودان إلى دولة إسلامية عام 1983 على يد الرئيس النميرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.