ينظر الخبراء والكتاب والمفكرين لموقف جماعة الإخوان فيما بعد السقوط إلى نتيجة واحدة مؤداها أن سقوط الجماعه أفقدها التوازن والرشد، وكشف عن خلل في التركيبة النفسية والذهنية لقادتها مما أجعلهم مالوا بالهذيان، وخاصة هذيان العظمة. والهذيان لمن لا يعرف هو اضطرابٌ عقليٌّ مؤقَّتٌ يتميز باختلاط أَحوال الوعي واضطرابها، وقد تكون هذه التحليلات من ناحية المقاييس العلمية صحيحة إذ أنها في النهاية تنطلق من معطيات صادرة عن أعضاء هذه الجماعة وقادتها تشي بما وصلت إليه هذه التحليلات من نتائج، إلا أن الخطورة في حالة الإخوان أن هذا الهذيان قد انتقل من مرحلة الكلام غير المعقول أو المفهوم بغير وعي والإسترسال فيه، إلى مرحلة هذيان الفعل والحركة. و اود أن اضرب مثالا لمرحلة الكلام وهو الحديث عن إمامة مرسي للرسول صلي الله عليه في الصلاة مرورًا بنزول جبريل عليه السلام إلى ميدان رابعة العدوية وكذا السيدة العذراء، وأن زوال الكعبة أهون عند الله من عزل مرسي.. إلى آخر صور الهذيان الفكري. أما مرحلة هذيان الفعل والحركة على الأرض تتمثل في احتلال الميادين وبناء المراحيض فيها، مرورًا بذبح الذبائح وإقامة الولائم وعمل المطابخ والأفران وصناعة الكعك والبسكويت، وانتهاءً بعمل المتاريس وبناء الحواجز الرملية والمصادات الخرسانية في عرض الشوارع المؤدية للميدان. فمن المفترض أن يتم التعامل هذه النوعية من البشر باعتبارها حالة مرضية تستوجب العلاج الفوري حتى يثوب المريض إلى رشده ويسترد وعيه وينضبط تفكيره ويستقيم فعله، وإلى أن يتم ذلك تكون مراقبة المريض رقابة لصيقة حتى لا يضر نفسه ولا يضر غيره، والمسألة ليست مسألة شيطنة للمريض بقدر ما هي تعامل معه بما هو أهله، لأن التعامل مع فاقد العقل باعتباره عاقلًا لا ريب أنه يفضي إلى كوارث. فالجماعة تعتبر نفسها ندًا للدولة تناطحها أخذًا وردًا إلى حد ذهاب أحد الصحفيين المحسوب على التيار المتأسلم إلى الدعوة إلى تشكيل مجلس لقيادة الثورة من رؤساء الأحزاب الإسلامية والوطنية على أن يتولى عماد عبد الغفور أو باكينام الشرقاوي رئاسة الجمهورية لحين عودة الرئيس مرسي. وقد رحبت الجماعة بالفكرة وهي مصدرها مشددة على ضرورة وجود كيانات موازية لحكومة الانقلاب. وقد واصل الصحفي طرحه بأن يقوم باسم عودة بتشكيل الحكومة على أن يواصل مجلس الشورى المنحل اجتماعاته برابعة العدوية، ويجري انتخاب محافظين وعمد وتشكل لجان شعبية أمنية في كل قرية وحي وقد أيدت قيادات من حزب الحرية والعدالة هذا الاقتراح فتلك الجماعة تريد أن تنشيء الدولة الموازية في نزاع مسلح يفضي في النهاية إلى تفتيت مصر إلى فسيفساء متنافرة حجمًا ولونًا ومعنى وهذا ما لا يقبله العشب ولا جيشه الحكيم.