عيد الفطر في تونس يضم العديد من الطقوس والعادات، تبدأ بليلة العيد حيث كانت النساء يستعددن للعيد وذلك بإحضار ملابس العيد وتهيئتها، والتزين بالحناء والحرقوس والمردومة والذهاب إلى الحمام مباشرة بعد الانتهاء من صنع حلويات العيد في المنزل. كما تعتني النساء بأطفالهن الصغار، ويساعدنهم على ترتيب ملابس العيد ووضعها في مكان بارز، حتى يتسنى لهم ارتداؤها بمجرد استيقاظهم من النوم صباح العيد. بالإضافة إلى ذلك تحرص ربة البيت على طبخ طعام الإفطار والغداء الذي تتناوله العائلة أول أيام العيد في الليل، ويتمثل هذا الطعام في بعض الأكلات وهي إما حلالم أو نواصر جارية أو كسكسي أو ملوخية، كل حسب رغبته وحسب العادة التي دأب عليها. وحرص النساء على الطبخ، ليلة العيد ينبع من رغبتهن في التفرغ للمعايدة واستقبال الضيوف أولا، ولضيق الوقت صباح العيد ثانيا؛ لأن الطعام الذي أعد للغرض يتم تناوله في الصباح الباكر بعد العودة من صلاة العيد مباشرة، ولذلك يكون من الصعب عليهن القيام باكرا والانهماك في الطبخ. ومن العادات أيضا في تونس توديع شهر رمضان بتناول السحور ليلة العيد، فتجتمع العائلات لتناول الطعام والاستماع إلى بعض الأحاديث الشيقة المتعلقة بشهر رمضان. ورغم أن استهلاك الحلويات يكاد يكون القاسم المشترك بين عموم التونسيين فإن لعدة جهات عادات خاصة في الطبخ في اليوم الأول لعيد الفطر، ففي صفاقس يتناول السكان صباح يوم العيد وقبل الانطلاق في المعايدة طبق الشرمولة الشهير الذي يستهلك مع السمك المملح وتتكون الشرمولة من البصل والزبيب. ولطبخ الشرمولة يتوجب قلي كميات وافرة من البصل المقطع في الزيت، يضاف إليها مربى أو عصير الزبيب المنقى وبعض التوابل مثل شوش الورد والقرفة والكبابة وتركها تطبخ على نار هادئة لساعات طويلة. وتختلف شرمولة صفاقس عن شرمولة قرقنة وجربة وجرجيس وتونس وبنزرت ويتم طهيها قبيل يوم العيد، ومع الشرمولة يتناول الحوت المملح الذي يكون عادة من الاسماك كبيرة الحجم مثل المناني والبوري والكرشو والغزال والتن. ويتم غالبا شراء هذه الاسماك طازجة وتشريحها وتمليحها خلال شهر رمضان، على أن يزال عنها الملح ليلة العيد لتطبخ في اليوم التالي مغلية في الماء. وتزدان المائدة الصفاقسية صباح العيد بأطباق الشرمولة ذات اللون البنى والأصفر والحوت المالح ذي البياض الناصع وأرغفة الخبز، وتمثل الشرمولة والسمك المقلي الأكلة الرئيسية لأغلب سكان جزيرة جربة يوم عيد الفطر. وشرمولة جربة وجرجيس عبارة عن مرق البصل والطماطم والفلفل الأحمر والزيت والملح. أما السمك فيقلى بالكركم والكمون والملح قبل العيد بيوم واحد، وتؤكل شرمولة جربة بخبز أصفر اللون يسمى كسرة يصنع من الفارينة بينما يأكلها متساكني جرجيس مع الخبز العادي. وتنفرد معتمدية بن قردان التابعة لولاية مدنين بإعداد عصيدة الفارينة بالمعقود، وهي مرق بالقرع الأحمر واللحم تجتمع العائلة الموسعة في منزل الأب أو الأخ الأكبر لتناوله مع أكلات أخرى أبرزها الكسكسي. وفي بنزرت دأبت نساء الجهة على إعداد الأسماك القاروص والوراطة والمرجان غداء لأول أيام العيد، والمدفونة مرق بسيقان أو رأس الضأن غداء لليوم الثاني وطبيخ الخضر الورقية والبقول غداء لليوم الثالث. وحسب الموروث الشعبي للجهة يساعد إتباع هذا النظام الغذائي طوال الأيام الثلاثة الأولى التي تلي شهر رمضان، على تطهير الأمعاء والمعدة من الغازات وتهيئتها تدريجيا لاستئناف نشاطها الهضمي بالكامل بعد شهر من الصيام.