عندما انتخب "محمد مرسي" رئيسا لمصر في يونيو 2012، كانت هذه هي المرة الأولى التي يصل فيها إسلامي إلى منصب تنفيذي عبر صناديق الاقتراع في العالم العربي. وخلافا لتوقعات النقاد المحافظين في الغرب، لم يذهب "مرسي" في طريق التشدد مثل طالبان في أفغانستان أو "آية الله" في إيران، لكن "مرسي" المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين أخطأ في أنه لم يضع مصر على طريق نظام ديمقراطي حقيقي شامل. أن الأوضاع كانت بالنسبة للإخوان المسلمين ستكون مختلفة إذا وضع الإصلاحيون داخل الجماعة أجندتهم، لاسيما بعد سقوط الحاكم المستبد "حسني مبارك" عام 2011؛ حيث أن الإصلاحيين يتبنون وجهات نظر متناقضة مع المتشددين، تتمثل في التفسير الناضج للإسلام الذي يركز على أفكار التعددية والتسامح وحقوق الإنسان، بالإضافة إلى أن الإصلاحيين يعتبرون الحركات العلمانية أنها شريك محتمل أكثر من كونها منافسة، لكن تم تهميش الإصلاحيين بشكل متزايد داخل صفوف جماعة الإخوان المسلمين على مدى العقد الماضي، حتى أن البعض تركوا الجماعة باختيارهم، وآخرين طُردوا منها. وعندما أصبح "محمد مرسي" رئيسا لمصر، اتبع هو وأعضاء مكتب الإرشاد نهجا مستبدا في الحكم قد لا تتطرق الجماعة إليه إذا بقى تأثير الجناح المحافظ داخل الجماعة أشد مما هو عليه حاليا؛ لأنه كان سيحاول -لو كان موجودا- إقناع "مرسي" على التخلي عن مثل هذا النهج المستبد قبل فوات الأوان. ولسوء الحظ، تلاشي أصوات الإصلاحيين داخل الجماعة يزيد من صعوبة حل الأزمة المتصاعدة بين الإخوان المسلمين والجيش المصري خاصة بعد صدور قرار باحتجاز "محمد مرسي" بتهمة التجسس والتآمر مع حركة حماس الفلسطينية. وفى الوقت ذاته، فإن حملة الجيش ضد الإخوان المسلمين تشدد من إرادة الجماعة للمقاومة، وأيضا تزيد مخاطر حدوث صراع طويل الأمد؛ إذ أن جماعة الإخوان المسلمين هي أكبر حركة مستقلة في مصر، ويؤدي تشويه صورتها فقط إلى زيادة فرص الفوضى والعنف، كما أن ذلك يقوي التشدد داخل الجماعة، ويقوض صدى الدعوات الداخلية للإصلاح. نقلًا عن صحيفة نيويورك تايمز