ذكرت صحيفة "نيو يورك تايمز" الأميركية ان جماعة الاخوان المسلمين ترسم نفسها كضحية لمؤامرة كبرى بدلا من أن تتحمل مسؤولية أخطائها . وأضافت الصحيفة في مقال للكاتبة كاري روزفسكاي ويكهام, أستاذ العلوم السياسية المساعد في جامعة إيموري إن الرئيس المعزول محمد مرسي تحول فجأة نتيجة لما وصفته بالانقلاب من زعيم غير فعال إلى بطل ورمز للقضية الإسلامية. وأضافت الكاتبة في مقال لها تحت عنوان "فرصة مصر الضائعة" نشرته صحيفة "نيويورك" تايمز إن جماعة الإخوان المسلمين ترسم نفسها كضحية لمؤامرة كبرى, بدلاً من أن تتحمل مسؤولية أخطائها، ومضى بعض الإصلاحيين داخل وخارج الجماعة ممن كانوا معارضين لسياسات مرسي عندما كان في منصبه إلى الانضمام لصفه ورفض الحكومة المؤقتة التي عينها الجيش.وأوضحت إن نجاح الرئيس المصري المعزول محمد مرسي في انتخابات يونيو 2012 كان أول صعود لسياسي إسلامي للسلطة في العالم العربي عبر صناديق الاقتراع. وخلافاً لتوقعات النقاد المتحفظين في الغرب, لم تسر حكومته على النهج المتطرف الذي اتبعته حكومة طالبان في أفغانستان أو آية الله علي خامنئي في إيران، ولكن الرئيس مرسي وجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها لم يعملوا أيضاً على وضع مصر على الطريق نحو نظام ديمقراطي شامل.وتقول الكاتبة إن الأمور ربما كانت لتختلف حال تولي الإصلاحيين من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين مهمة وضع أجندة الجماعة عقب سقوط الرئيس حسني مبارك عام 2011. على النقيض من الأعضاء المتشددين, يتبنى الإصلاحيون تأويلات أكثر حداثة للشريعة الإسلامية تعزز أفكاراً مثل الشمول والتسامح وحقوق الإنسان بينما يتعاملون مع الجماعات العلمانية على أنهم شركاء محتملين أكثر من خصوم. ومع ذلك, فقد واجه الإصلاحيون تهميشاً متزايداً داخل الجماعة دفع بعضهم للانسحاب طوعاً, في حين طُرد البعض الآخر. ومن شأن اختفاء هذه الأصوات الإصلاحية أن يجعل من الصعب حل الأزمة الراهنة المتصاعدة بين الإخوان والجيش, الذي أمر باحتجاز مرسي في إطار اتهامات تتعلق بالتجسس والتآمر مع حركة حماس الفلسطينية. وتشير الكاتبة إلى أن أعضاء جماعة الإخوان المسلمين لا يفكرون ويتحركون كشخص واحد, فإنها جماعة تضم مجموعة واسعة من أصحاب الآراء المتباينة، ففي الثمانينيات والتسعينيات, ظهر فصيل إصلاحي يتعارض مع الجيل القديم من قادة الجماعة الذين اهتموا بالتضحية والولاء والطاعة أكثر من الكفاءة. وتولى كثير منهم قيادة الجماعات الطلابية الإسلامية في السبعينيات والثمانينيات, وبدأوا تياراً جديداً داخل الجماعة، وسرعان ما لجأ الإصلاحيون إلى انتقاد قادتهم, حيث رأوا أن العقلية الصدامية لهؤلاء القادة وشكهم في الغرباء وازدرائهم لحقوق المرأة والمسيحيين تمنع الجماعة من الحصول على موطئ قدم مشروع في النظام السياسي وكسب تأييد اجتماعي أوسع نطاقاً. ونجح الإصلاحيون خلال منتصف التسعينيات في إقناع قادتهم بإصدار بيانات رسمية تؤيد التعددية الحزبية وحقوق المرأة, كما بدأوا يتفاعلون بصورة منتظمة مع المهنيين والصحافيين ونشطاء المجتمع المدني. وأدت هذه التفاعلات إلى تغيير قناعات الإخوان بأنهم هم الوحيدون المؤهلون لإدارة شؤون البلاد. ولكن الإصلاحيين لم يشغلوا أكثر من مقعد أو اثنين في مجلس إرشاد الجماعة, الذي ظل حكراً تقريباً على مجموعة متماسكة من قدامى الأعضاء. وفي نهاية المطاف, دفع الإحباط المتزايد من الأفكار الرجعية لقدامى الأعضاء وأسلوبهم الاستبدادي في الإدارة بعض القادة الأكثر كفاءة وقدرة داخل الجماعة للانسحاب منها والعمل بمفردهم خارجها.وتسارعت وتيرة انسحاب الإصلاحيين خلال ثورة عام 2011 والانفتاح السياسي الذي أعقبها, وشكلوا أحزاباً سياسية جديدة جذبت المزيد من شباب الإخوان. وتشير الكاتبة إلى أن مرسي وزملاءه في مكتب الإرشاد تبنوا نهجاً مستبداً في الحكم فور صعودهم إلى السلطة. وأهدر مرسي العديد من الفرص لتقاسم السلطة مع الطوائف السياسية الأخرى؛ حيث استبدل فلول نظام مبارك في المناصب الهامة بأعضاء من الجماعة دون بذل أي جهد لمعالجة سوء الإدارة أو الفساد النظامي. وسمح لحلفاء النظام القديم باستغلال خصومه وأخفق في ضمان أمن الأقباط والشيعة في مصر. ومن خلال المسارعة بالاستفتاء على دستور يفتقر إلى دعم وطني واسع النطاق, جعل مرسي نفسه عرضة لاتهامات بأنه يستخدم سلطته الديمقراطية لتحقيق غايات غير ديمقراطية. وترى الكاتبة أن مصر كانت ستسير على طريق مختلف تماماً إذا كان الإصلاحيون قد اكتسبوا بعض الزخم في عام 2011. ففي هذه الحالة, لم تكن الجماعة ستمضي للدفع بمرشح في انتخابات الرئاسة, أو ربما كانت ستختار شخصاً أكثر ميلاً للتسوية والتوافق من مرسي.وكان هذا الرئيس سيعمل على الأرجح على تعزيز العلاقات مع المعارضة العلمانية, بدلاً من اتخاذ الخطوات المثيرة للجدل التي قوضت الثقة في حكومة مرسي. وتختتم الكاتبة المقال بالإشارة إلى أن حملة القمع التي يشنها الجيش حالياً ضد جماعة الإخوان المسلمين بدعم من الأحزاب العلمانية وعشرات الملايين من المصريين لن تسفر إلا عن زيادة فرص العنف والفوضى وتعزيز المتشددين بالجماعة وتقويض الأصوات المنادية بالإصلاح داخلها.