القومي للمرأة يصدر تقريره لليوم الثاني لغرفة العمليات المركزية لمتابعة انتخابات مجلس النواب    بعد منع استيراد السكر المكرر.. هل يكفي المخزون حتى شهر رمضان؟ عضو شعبة المواد الغذائية يجيب    ألمانيا: وصول دفعة خامسة من لاجئين أفغان مدرجين على برنامج الإيواء الحكومي    تهديد ترامب بإقامة دعوى قضائية ضد بي بي سي يلقي بالظلال على مستقبلها    هل يشارك الجيش التركي ب«عمليات نوعية» في السودان؟    تقرير لجنة التحقيق في أحداث 7 أكتوبر يؤكد فشل المخابرات العسكرية الإسرائيلية    إدريس يهنئ بعثة مصر بعد التتويج ب27 ميدالية في دورة ألعاب التضامن الإسلامي    الزراعة: السيطرة على حريق محدود ب"مخلفات تقليم الأشجار" في المتحف الزراعي    جائزتان للفيلم اللبناني بعذران بمهرجان بيروت الدولي للأفلام القصيرة    الهيئة الوطنية للانتخابات: لا شكاوى رسمية حتى الآن وتوضيح حول الحبر الفسفوري    الأهلي يفوز على سبورتنج فى ذهاب نهائى دورى المرتبط لسيدات السلة    الجارديان: صلاح خطأ سلوت الأكبر في ليفربول هذا الموسم    رئيس مجلس الشيوخ يستقبل رئيس نادي قضاه الأسكندرية    ضبط أخصائي تربيه رياضية ينتحل صفة طبيب لعلاج المرضى ببنى سويف    هند الضاوي: أبو عمار ترك خيارين للشعب الفلسطيني.. غصن الزيتون أو البندقية    متحدث الصحة يوضح الحالة الصحية للفنان محمد صبحي (فيديو)    حسام الخولى ل كلمة أخيرة: مرشح الفردي يبذل مجهودا أكبر من مرشحى القائمة    بعد انفصال كريم محمود عبدالعزيز عن زوجته.. هل يجوز الطلاق «أونلاين»؟ (مفتي الجمهورية يوضح)    استجابة من محافظ القليوبية لتمهيد شارع القسم استعدادًا لتطوير مستشفى النيل    ديشامب يوضح موقفه من الانتقال إلى الدوري السعودي    المخرج عمرو عابدين: الفنان محمد صبحي بخير.. والرئيس السيسي وجّه وزير الصحة لمتابعة حالته الصحية    هؤلاء يشاركون أحمد السقا فى فيلم هيروشيما والتصوير قريبا    الجامعات المصرية تشارك في البطولة العالمية العاشرة للجامعات ببرشلونة    الصين تحث الاتحاد الأوروبي على توفير بيئة أعمال نزيهة للشركات الصينية    ضعي حدودًا واضحة ولا تتركيهما معًا لفترة طويلة.. 8 نصائح لحماية زوجك من «خطافة الرجالة»    إبداعات مصرية تضىء روما    الرئيس السيسي: مصر تؤكد رفضها القاطع للإضرار بمصالحها المائية    هل يجوز تنفيذ وصية أم بمنع أحد أبنائها من حضور جنازتها؟.. أمين الفتوى يجيب    الانتخابات.. وإرادة الشعب    انقطاع التيار الكهربائى عن 24 قرية وتوابعها فى 7 مراكز بكفر الشيخ غدا    تأجيل لقاء المصرى ودجلة بالدورى ومباراتي الأهلى والزمالك تحت الدراسة    نقل جثمان نجل مرشح مجلس النواب بدائرة حلايب وشلاتين ونجل شقيقته لمحافظة قنا    الزمالك يشكو زيزو رسميًا للجنة الانضباط بسبب تصرفه في نهائي السوبر    هل الحج أم تزويج الأبناء أولًا؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف نتغلب على الضيق والهم؟.. أمين الفتوى يجيب    الفريق ربيع عن استحداث بدائل لقناة السويس: «غير واقعية ومشروعات محكوم عليها بالفشل قبل أن تبدأ»    توافد الناخبين على لجنة الشهيد إيهاب مرسى بحدائق أكتوبر للإدلاء بأصواتهم    حادث مأساوي في البحر الأحمر يودي بحياة نجل المرشح علي نور وابن شقيقته    بعد أزمة صحية حادة.. محمد محمود عبد العزيز يدعم زوجته برسالة مؤثرة    الحكومة المصرية تطلق خطة وطنية للقضاء على الالتهاب الكبدي الفيروسي 2025-2030    «هيستدرجوك لحد ما يعرفوا سرك».. 4 أبراج فضولية بطبعها    عمرو دياب يطعن على حكم تغريمه 200 جنيه فى واقعة صفع الشاب سعد أسامة    تأجيل محاكمة 8 متهمين بخلية مدينة نصر    الكاف يعلن مواعيد أول مباراتين لبيراميدز في دور المجموعات بدوري أبطال أفريقيا    بعد قليل.. مؤتمر صحفى لرئيس الوزراء بمقر الحكومة فى العاصمة الإدارية    شباب بتحب مصر تُشارك في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP30    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك».. ندوة علمية حول "خطورة الرشوة" بجامعة أسيوط التكنولوجية    طقس الخميس سيء جدًا.. أمطار وانخفاض الحرارة وصفر درجات ببعض المناطق    إقبال على اختبارات مسابقة الأزهر لحفظ القرآن فى كفر الشيخ    التغيرات المناخية أبرز التحديات التى تواجه القطاع الزراعى وتعيد رسم خريطة الزراعة.. ارتفاع الحرارة وتداخل الفصول يؤثر على الإنتاجية.. ومنسوب سطح البحر يهدد بملوحة الدلتا.. والمراكز البحثية خط الدفاع الأول    وزير الصحة يؤكد على أهمية نقل تكنولوجيا تصنيع هذه الأدوية إلى مصر    «أنا مش العقلية دي».. ياسر إبراهيم يرفض الاعتراض على قرار حسام حسن    محافظ الإسكندرية: انتخابات النواب 2025 تسير بانضباط وتنظيم كامل في يومها الثاني    "البوابة نيوز" تهنئ الزميل محمد نبيل بمناسبة زفاف شقيقه.. صور    محافظ قنا وفريق البنك الدولي يتفقدون الحرف اليدوية وتكتل الفركة بمدينة نقادة    بنسبة استجابة 100%.. الصحة تعلن استقبال 5064 مكالمة خلال أكتوبر عبر الخط الساخن    إيديتا للصناعات الغذائية تعلن نتائج الفترة المالية المنتهية فى 30 سبتمبر 2025    مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تشريعًا لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ البلاد (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كراهية الشعوب لأمريكا.. لماذا؟
نشر في فيتو يوم 14 - 01 - 2013

زرت الولايات المتحدة منذ 1985 نحو أربعين مرة ... وغطت هذه الزيارات نحو نصف الولايات، كما غطت معظم الجهات، ويمكن أن أقول: إن محاور زياراتى كانت هى المدن الست التالية: نيويورك وواشنطون دى. سى وبوسطون وهيوستن ودالاس وسان فرانسيسكو ... فى هذه الزيارات تعاملت (إبان رئاستى لواحدة من أكبر شركات البترول متعددة الجنسيات) مع قيادات نفطية كبيرة عديدة فى ولاية تكساس، وزرت وتحدثت فى أكبر مراكز بحوث ( ) للدراسات السياسية والاقتصادية بكل من واشنطون دى. سى ونيويورك، كما حاضرت (أو تحدثت) بأكثر من عشرين جامعة مثل برينستون وكولومبيا وكاليفورنيا بيركلى (وغيرها) ... كما استقبلت فى وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومى ولجنة الحريات الدينية بالكونجرس ... وأيضا صدرت طبعات من بعض كتبى فى الولايات المتحدة (فى مدينة بورتلاند بولاية أوريجون)، وطالما فكرت مليًّا فى أحد الأسئلة التى ما أكثر ما سمعتها فى حياتى وهى: لماذا يكره كثيرون حول العالم الولايات المتحدة؟ ... وكنت أسمع هذا السؤال وبعقلى العديد من علامات الاستفهام، فمعظم الشباب فى أكثر المجتمعات بغضًا للولايات المتحدة يحلمون بالهجرة لها، ولأن يصبحوا أمريكيين! ودقائق من الحوار مع هؤلاء الكارهين لأمريكا تثبت أن معظمهم "شديد الإعجاب" بكل من "الحلم الأمريكى" و"الحريات العامة فى الولايات المتحدة"، وخضوع الكل للدستور والقوانين، وأيضا ب"قيمة المواطن الأمريكى" كإنسان ... كانت كل هذه الاعتبارات تمر أمام عينى عندما أسمع عبارات الكراهية والبغض للولايات المتحدة من الكثيرين فى شتى بقاع العالم، ومن أشخاص يمثلون كافة الأطياف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والمعرفية والثقافية... وكنت أيضا أذكر نفسى بأمرين: الأول هو ذلك البعد من ابعاد الطبيعة البشرية، والذى يجعل الأدنى يبالغ فى انتقاده للأكثر تقدما وثراء... والثانى ذلك الرصيد من "البغض اليسارى" لأمريكا ... وجدير بى أنا بالتحديد أن أعرف طبيعة وخامة ومصادر وأهداف هذا "البغض اليسارى"، أنا الذى كانت أول مؤلفاته هى ثلاثة كتب عن الماركسية! والحق أقول: إن شيئا من كل ما ذكرت لم ينجح فى حضى على أن أشارك هؤلاء الكارهين للولايات المتحدة مشاعرهم، فأكرهها كما هم يفعلون؛ إذ إن من العسير على ألا أرى أوجه التفوق الأمريكى فى عشرات المجالات أو أتجاهل العناصر التى تجعل جل من يكرهون أمريكا يحلمون بالهجرة لها، وبأن يصيروا هم أنفسهم من مواطنى الولايات المتحدة ... كما أنه من العسير على رجل يعرف دقائق تقنيات علوم الإدارة الحديثة ألا يكون معجبًا بآليات عمل وإبداع وتفوق الكيانات الاقتصادية الأمريكية، أو ألا يكون معجبًا بما تحدثه الجامعات الأمريكية من ارتقاء للعلم ولحياة البشر ... ومع ذلك فإننى لا أستطيع أن أنكر وجود وإلحاح وقوة السؤال الهام: لماذا تحظى الولايات المتحدة بكل هذه الكم من الكراهية تقريبا من معظم البشرية! وخلال سنوات العقد الأخير (2001 - 2010) بدأ (فيما أظن) السبب الحقيقى لهذه الكراهية يظهر أمامى بوضوح .. فأتتبعه وأتأمله وأفحصه، فيزداد يقينى بأنه هو بالفعل السبب الحقيقى لهذه الكراهية، وإن كان أحدا لم يعبر عنه بالوضوح الذى آمل أن أنجح فى توفيره فى هذا المقال.

أستطيع اليوم وبعد الخلفية التى صورتها فى القسم الأول من هذا المقال أن ألخص علة كراهية مليارات البشر للولايات المتحدة الأمريكية فى عجز قيادات المجتمع الأمريكى عن اعتبار "قيم المجتمع الأمريكى" جزءًا متكاملا عضويًّا من "المصالح الأمريكيةفالولايات المتحدة التى تخدم سياساتها الخارجية "المصالح الأمريكية" لم تدرك منذ صارت الولايات المتحدة الأمريكية أكبر قوة على سطح الأرض عشية استسلام اليابان فى أغسطس 1945 أن "قيم المجتمع الأمريكى" لا بد وأن تكون ضمن، بل وعلى رأس قائمة "المصالح الأمريكية"، وقد ساعد على استفحال هذا الفصام بين "القيم الأمريكية" كل من العوامل التالية: (1) البرجماتية (الطبيعة والروح العملية البحت)، التى يتسم بها العقل الأمريكى. (2) افتقار العقل الأمريكى النسبى للحس التاريخى وللحس الثقافى، لأسباب تاريخية وجغرافية لا تحتاج لتوضيح. (3) غلبة الدافع المالى على الثقافة الأمريكية.. ولكن وكما قال فولتير، فإن الحماقة تظل حماقة ولو كررها ألف ألف إنسان! وقد كانت حماقة السياسة والساسة الأمريكيين منذ أغسطس 1945 أن أحدا لم يقف ويصيح: يا سادة! قيمنا هى أهم مصالحنا... والانفصام الكائن بين قيم المجتمع الأمريكى ومصالحه ليس هو مصدر هذه الكراهية فقط، بل وسيجلب على الولايات الأمريكية من المضار ما سيضر أبلغ الضرر بمصالحها بالمعنى الضيق الذى لا يفهم الساسة الأمريكيون حتى اليوم غيره! فكيف نفسر لأى إنسان علاقة الإدارات الأمريكية لسنوات مع حكام جمهوريات الموز فى أمريكا اللاتينية؟ وكيف نفسر لأى عاقل الصمت الأمريكى المخزى تجاه انتهاكات حقوق الإنسان وحقوق المرأة وحقوق الأقليات فى المجتمعات الحليفة للإدارات الأمريكية؟ وكيف نفسر لأى إنسان معرفة الإدارات الأمريكية بقصص فساد مرعبة لشركاء لها حول العالم، وصمت هذه الإدارات لعقود عن هذا الحالات المذهلة من الفساد؟ وهل مما يتسق مع "القيم الأمريكية" التحالف التكتيكى منذ أكثر قليلا من ثلاثين سنة مع أسامة بن لادن لمحاربة الاتحاد السوفيتى فى أفغانستان؟ وهل مما تجيزه الأنساق القيمية للمجتمع الأمريكى مساعدة نظم ثيوقراطية شرق أوسطية مناهضة لكل قيم الحداثة للوصول للحكم فى بلدان مثل تونس ومصر؟ ... باختصار: كيف نبرر لمليارات البشر أن أمريكا ترضى لشعوب غير أمريكية بما لا تقبل 1% منه لمواطنيها!؟ من هنا تنبع الكراهية والتى هى بالقطع مبررة، والغريب أن الدوائر السياسية الأمريكية لا ترى هذه الهوة بين ما يقبل فى الخارج ولا يمكن قبوله فى الداخل، وأنها لا ترى أن هذا يفرز موجات عاتية من الكراهية للولايات المتحدة، وأنها لا ترى أن قيم المجتمع الأمريكى يجب أن تكون ركن الأساس للمصالح والسياسات الأمريكية، وأن إخراج قيم المجتمع الأمريكى من قائمة المصالح الأمريكية ستجلب مضار هائلة وخسائر بالغة الجسامة للمجتمع الأمريكى .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.