"أم ورقة الأنصارية" من نساء الأنصار، أسلمت مع السابقات، بايعت النبي صلى الله عليه وسلم، وروت عنه الحديث. نشأت على حب كتاب الله تعالى، حتى جمعت القرآن العظيم في صدرها، وكانت قارئة مجيدة للقرآن، اشتهرت بكثرة صلاتها وحسن عبادتها. كان لحفظها للقرآن وكثرة تلاوتها له، ولصوتها العذب الندي أثر على مَن تسمعها من النساء، فكان رسول الله، يجعل لها في بعض الأحيان- مؤذنا يؤذن لها. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرها بأداء الصلاة في بيتها. بلغ من حبها للجهاد ما قالته عن نفسها: إن النبي صلى الله عليه وسلم لما غزا بدرًا قلت له: يا رسول الله ائذن لي في الغزو معك، أمرض مرضاكم لعل الله أن يرزقني الشهادة، قال: ( قرّي في بيتك ؛ فإن الله تعالى يرزقك الشهادة ). أصبحت تعرف بالشهيدة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد زيارتها اصطحب معه ثلة من أصحابه وقال لهم: (انطلقوا بنا نزور الشهيدة). وفي عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يزورها اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم. وكانت أم ورقة تملك غلامًا وجارية، وكانت قد وعدتهما بالعتق بعد موتها، فسولت لهما نفساهما أن يقتلا أم ورقة، وذات ليلة قاما إليها فغمياها وقتلاها، وهربا، فلما أصبح عمر قال: والله ما سمعت قراءة خالتي أم ورقة البارحة، فدخل الدار فلم ير شيئًا، فدخل البيت فإذا هي ملفوفة في قطيفة في جانب البيت، فقال: صدق الله ورسوله. ثم صعد المنبر فذكر الخبر، وقال: علىّ بهما، فأتي بهما، فصلبهما، فكانا أول مصلوبين في المدينة.