فى 14 يناير 1977 توفى رئيس وزراء بريطانيا الأسبق "أنطونى إيدن"، وكان رئيسًا للوزراء أثناء العدوان الثلاثى على مصر عام 1956. وبرغم أنه كان يلقب ب" الدبلوماسى الأنيق والسياسى الداهية"، إلا أنه فقد مكانته السياسية بعد فشل العدوان الثلاثى على مصر، فاعتزل السياسة وفضل الفرار من الميدان على مواجهة العاصفة. وحاول "إيدن" طوال حياته أن ينفى عن نفسه تهمة التآمر مع فرنسا وإسرائيل على الهجوم على مصر فى أعقاب تأميم قناة السويس، ولكن كل الشواهد كذبت زعمه. بدأ "إيدن" حياته السياسية بانتخابه عضوا فى مجلس العموم البريطانى عن حزب المحافظين عام 1923، وتولى بعد ذلك عدة مناصب وزارية، إلى أن أصبح وزيرا للخارجية فى وزارة الحرب التى ألفها "ونستون تشرشل" عام 1940. وفى أبريل 1955 أصبح "إيدن" رئيسًا للوزراء خلفًا ل" تشرشل"، وفى تلك الفترة أجمع المراقبون على أن "إيدن" سيقوم بدور وزير الخارجية بنفسه، وأنه سيلعب دورًا هامًّا فى منطقة الشرق الأوسط. وجاءت أزمة السويس فى أكتوبر عام 1956 التى خطط لها "إيدن" مع فرنسا وإسرائيل لشن الحملة على مصر، والتى باءت بالفشل، ثم كشف "أنطونى ناتنج" وزير الدولة فى حكومة "إيدن" عن فضيحة التواطؤ بين "إيدن" وحكومتى فرنسا وإسرائيل فى تدبير العدوان العسكرى على مصر، فكانت حرب السويس هى بداية النهاية فى حياة "إيدن" السياسية. وفى الذكرى العشرين للعدوان الثلاثى على مصر هاجم المعلقون السياسيون "أنطونى إيدن" وبمنتهى العنف، ولم يغفر له عندهم أنه مريض أو أنه رجل قد انتهت حياته السياسية. وفى مقابلة تليفزيونية أجريت معه وقتئذ قال له أحد المعلقين السياسيين: "يا سيدى.. لقد كنت تحكم دولة عظمى، ولكن عندما تركتها كانت دولة فقط، فأنت صاحب فضل عظيم على تقلص الإمبراطورية البريطانية".. ولم يجد "أنطونى إيدن" ما يقوله.