شهدت الجلسة العامة لمجلس الشيوخ، برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، مناقشة طلب مقدم من النائب طارق نصير، عضو المجلس لموجه لوزير التموين عن استيضاح سياسة الحكومة بشأن الإجراءات التي اتخذتها لمواجهة أزمة الغذاء العالمية وتداعياتها على الدولة المصرية في نطاق وزارة التموين والتجارة الداخلية. وبدأت الجلسة بعرض تقرير النائب بشأن الطلب، ثم تبعه مداخلات لعدد من النواب، متسائلين عن الاحتياطي من السلع الاستراتيجية، وكذلك الموقف من الدعم، وتحديث البطاقات. وفي هذا الصدد أكد الدكتور على مصيلحى وزير التموين والتجارة الداخلية، أن قرار الوزارة بشأن تحديث بيانات بطاقات التموين وإضافة رقم تليفون، يأتى فى إطار استكمال البيانات وتحديث قاعدة البيانات باستمرار، لاسيما فى ظل خطوات الدولة نحو التحول الرقمى. ونفى الوزير مطالبة المواطنين بشراء خطوط تليفونات جديدة، موضحا أن الوزارة لم تطلب ذلك، قائلا: بل طالبنا أى رقم تليفون لأى من افراد الأسرة المقيدين على البطاقة، وذلك لتواصل معهم عبر ارسال الرسائل عبر الهاتف. وأعلن وزير التموين، أنه لن تلغى أى بطاقة تموين لعدم تسجيل رقم التليفون، وقال مصيلحى: إن الهدف من هذه الخطوات هو مواكبة التحول الرقمى، حيث أصبحت كل البيانات بمختلف الجهات مرتبطة برقم التليفون، وبالتالى حال حدوث تغيير فى البيانات سيتم إخطار المواطن بذلك التغيير بدلا من الحذف مباشرة او اتخاذ اجراءات بشأن البطاقة. وأضاف وزير التموين: رغم إجراءات حذف غير المستحقين للتموين، إلا أنه لن يتم الحذف من الخبز، وذلك نظرا لعدم وجود المخابز الحرة فى كل مناطق الجمهورية. وأكد الدكتور علي المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، أنه لن يسمح بزيادة سعر الأرز عن 13 جنيها بحد أقصى، بداية من 10 جنيهات و11 و12 جنيه للكيلو. وقال: في حالة زيادة الأرز عن 13 جنيها، سيكون هناك تدخل بالتسعير الجبري، متابعا: الأرز يجب أن يكون معروضا بأسعار معقولة. وأكد أن سعر الأرز الشعير في بداية الموسم كان يصل إلى نحو 5 آلاف جنيه أو أقل للطن، ليصل السعر إلى 9 آلاف جنيه، بالتالي فإن أفضل الأنواع يكون السعر ب10 جنيهات. وأعلن الدكتور علي المصيلحي، أن العام المقبل ستدخل الدولة في استلام الأرز من المزارعين مثل القمح. وعن السكر، كشف الوزير أن هناك احتياطي نحو 6 أشهر، قائلا: السكر لم يجن سعره، ولدينا من المخزون ما يكفينا. وأكد أن موسم القصب يبدأ في يناير والبنجر في فبراير، وتم استيراد 200 ألف طن بما يؤمن الاحتياجات لحين دخول المحصول المحلي، وبذلك لن تكون هناك أزمة. وقال الدكتور علي المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية: وضع تسعيرة جبرية، أمر فيه خطورة كبيرة. وتابع وزير التموين: لا يمكن وضع تسعيرة جبرية، إلا إذا كانت الحكومة لديها من 70 إلى 80% من السلع التي يحتاجها المواطن. وأكد المصيلحي، أن تحديد الأسعار بشكل "جبري" قد يؤدي لاختفاء بعض السلع، مشيرا إلى أن وضع تسعيرية جبرية يكون في ظروف محددة، ولفترة زمنية محددة، ويتم استخدامها بحساسية كبيرة. وقال الدكتور علي المصيلحي: الاقتصاد المصري وقواعد السوق ليست بالنضج والقوة مثل الدول التي نمت اقتصاديا، مؤكدا أن الحكومة لجأت إلى التسعيرية الجبرية في بعض الأحيان وبينها أزمة السكر في وقت سابق، ومؤخرا ما حدث فيما يتعلق بالخبز السياحي "الحر". وأكد الوزير، أن هناك أدوات تلجأ إلى الحكومة لضبط الأسعار من خلال الرقابة عن طريق التموين، جهاز حماية المستهلك، هيئة سلامة الغذاء، وغيرها من الأدوات والمؤسسات الرقابية لضبط الأسواق. وأشار وزير التموين والتجارة الداخلية، إلى أن هناك بالفعل إدارة للأزمة على مستوى مجلس الوزراء، للمتابعة أولا بأول بكل ما يتعلق بأزمة الغذاء، بالتزامن مع الأزمة الاقتصادية الناتجة عن الحرب الروسية - الأوكرانية. وأكد الدكتور علي المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، أن الحرب الروسية - الأوكرانية الأزمة أدت لارتفاع غير مسبوق في الأسعار على مستوى العالم، مشيرا إلى أن آخر شحنة قمح دخلت مصر في 17 فبراير، قبيل اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية التي بدأت في 24 فبراير. وأكد أن سعر طن القمح وصل ل480 دولار في الطن بفارق نحو 140 دولار في الطن الواحد منذ اندلاع الأزمة، مشيرا إلى أنه كان هناك احتياطي استراتيجي، مع اندلاع الأزمة، ثم تبعها دخول المحصول المحلي. وقال الدكتور علي المصيلحي: نحن نستورد نحو 50% من احتياجاتنا من القمح، مشيرا إلى أن متوسط الاستهلاك السنوي من القمح للمواطن أعلى بكثير عن المعدلات العالمية. وأشار الوزير، إلى أن أعلى معدل للاستهلاك العالمي من القمح 120 كيلو سنويا، وهناك بعض الدول 80 كيلو، بينما في مصر يصل لنحو 200 كيلو وهو معدل كبير، متابعا: إلا أن هذا يرجع بسبب طبيعة الغذاء المصري والذي يعتمد على العيش بشكل أكبر. ونفي وزير التموين، بيع أي أقماح بعيدا عن التوريد للوزارة، قائلا: "مفيش قمح محلي اتباع"، لافتا إلى أن الوزارة اتخذت العديد من الإجراءات بناء على توجيهات القيادة السياسية في تهيئة توريد القمح من المواطنين، فضلا عن استغلال الصوامع بشكل أفضل. ومن الجدير بالذكر أن النائب عبد السلام الجبلي، رئيس لجنة الزراعة والري بمجلس الشيوخ، أكد أن أزمة الغذاء ظهرت مع بداية الحرب الروسية - الأوكرانية، لاسيما وأن مصر تعتمد في استيراد القمح على كلا من روسيا وأوكرانيا. وأشار الجبلي، إلى أن استهلاك المصريين من القمح "غير منطقي"، مشيرا إلى أن متوسط استهلاك المواطن من القمح سنويا 200 كيلو، متابعا: وهو زيادة عن المعدل الطبيعي. وأكد النائب أن بيع رغيف العيش ب5 قروش، يؤدي لزيادة كبيرة في الفاقد، مشددا على أن الظروف الحالية تستوجب إعادة النظر في الدعم النقدي،لأنه سيؤدي لترشيد استحدام القمح والعيش. وقال رئيس لجنة الزراعة بالشيوخ: التحول للدعم النقدي يساهم في توفير رقم كبير من القمح، وتقليل الفاقد والحد من وجود فساد، قائلا: وفي نفس الوقت نخافظ على الدخول المنخفضة. وأكد النائب أن التحول للدعم النقدي يدفع المواطن إلى استخدام الدعم بطريقة مرشدة، قائلا: لكل فرد على سبيل المثال حوالي 400 أو 450 جنيه على بطاقة التموين، وفي هذه الحالة يشتري المواطن ما يحتاجه بشكل فعلي، لاسيما ونحن في ظروف استثنائية لا نعلم مداها. وشدد الجبلي، على ضرورة اتخاذ إجراءات أخرى غير المتبعة في مواجهة أزمة الغذاء، قائلا: الحمد لله بفضل دور وزارة التموين، لم نشعر بأي أزمة خلال الفترة الماضية، متابعا: والفترة المقبلة هناك مؤشرات جيدة مثل دخول القمح المحلي بما يقلل من تداعيات الأزمة. وقال النائب محمد حلاوة، رئيس لجنة الصناعة بمجلس الشيوخ: أن أزمة الغذاء عالمية وليست مرتبطة بالدولة المصرية وحدها، مشيرا إلى أن هذه الأزمة لها تبعات على زيادة الخامات ومدخلات الإنتاج وأسعار الشحن. وتابع: نحن أمام أزمة تضخم عالمية، وأزمة توافر المواد الخام والتعبئة والتغليف سواء في المنتجات الصناعية أو الزراعية، قائلا: وهو أساس المشكلة. واقترح النائب على وزاة التموين، التوسع في إقامة المعارض للتخفيف عن كاهل المستهلكين، لاسيما وأن المعارض تساعد في خلق منافسة بين التجار، بما يجعل المواطن يتمتنع بميزة تنافسية. ودعا عضو مجلس الشيوخ، وزارة التموين إلى ضرورة طمأنة المواطنين، على الأرصدة الاستراتيجية مثل الزيت والقمح والسكر في ظل ارتفاع الأسعار العالمية. وشدد محمد حلاوة، على ضرورة قيام وزارة التموين والتجارة الداخلية بضبط المواصفات الخاصة بالغذاء بالتنسيق مع هيئة سلامة الغذاء ووزارة الصناعة، بالإضافة إلى دورها في أهمية ضبط الأسعار في السوق لصالح المواطن. واستعرض النائب طارق نصير، طلب المناقشة العامة قائلا: الأمن الغذائي لأي دولة يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالأمن القومي لمجتمعها، لافتا إلى أن الصراع الروسي الأوكراني الذي بدأ 24 من فبراير الماضي، ضمن عوامل تمثل أكبر التهديدات للأمن الغذائي العالمي، ومثلت أكبر صدمة اقتصادية عالمية منذ عقد من الزمن. وأشار نصير، إلى أن رئيس برنامج الأغذية العالمي، حذر من الصراع الروسي الأوكراني سيؤثر على أسعار المواد الغذائية على مستوى العالم، وسيكون لذلك تأثير فادح على مواطني الدول الفقيرة، حيث تعد دولتي روسيا وأوكرانيا مصدرين رئيسيين للمواد الغذائية الأساسية، وقد أثر الصراع بالفعل على حجم إنتاج وتوريدات المحاصيل، ما أدى إلى ارتفاع أسعار المحاصيل على مستوى العالم، ما يهدد الكثير من سكان العالم بخطر المجامعة، خاصة وأن دولتي روسيا وأوكرانيا (سلة خبز وأوروبا تصدران نحو ربع إنتاج القمح والشعير العالمي، وما يقرب من نصف حجم الإنتاج العالمي من زيت وبذور عباد الشمس، إضافة إلى خمس الإنتاج العالمي من الذرة. وأوضح النائب زيادة عدد الأشخاص الذين يواجهون خطر المجاعة على مستوى العالم من 80 مليونًا إلى 267 مليون شخص في الأربع سنوات الأخيرة، بسبب تغيرات المناخ، وتفشي فيروس كورونا، حيث تستورد حوالي 50 دولة من روسيا وأوكرانيا أكثر من 30% من الحبوب، ويقع العديد من هذه البلدان في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأسيا، وهي مصنفة على أنها من الدول الأقل نموًا وانخفاضًا في الدخل. ومن ثم فإن نقص توريدات الغذاء في الدول النامية أو عجزها عن تدبير مواردها المالية اللازمة لاستيراده، قد يؤدي إلى حدوث اضطرابات اجتماعية، كما أن هناك عوامل أخرى ساهمت في تفاقم آثار أزمة الغذاء العالمي أبرزها يتمثل في: التغيرات المناخية الصعبة التي تشهدها دول العالم، تفشي فيروس كورونا، ارتفاع أسعار الأسمدة المصنعة من الغاز الطبيعي (سماد النترات، سماد اليوريا) نتيجة ارتفاع سعر الغاز الطبيعي، التضخم في أسعار المحاصيل الغذائية على مستوى العالم (بسبب ارتفاع أسعار الطاقة، الأسمدة، الأعلاف)، الحروب والنزاعات الجيوسياسية، العجز المائي لدى بعض الدول، تزايد معدلات السكان المحليين بنسب كبيرة في بعض الدول، إضافة إلى ارتفاع تكلفة النقل والشحن والتأمين على البضائع، وغلق موانئ دول البحر الأسود أمام حركة السفن والتصدير إلى السوق العالمية. وقال النائب: ونتيجة لذلك، فقد ارتفع مؤشر الأممالمتحدة لأسعار الغذاء بنسبة 4% تقريبًا في فبراير الماضي، وارتفعت التكاليف بأكثر من 50% منذ منتصف عام 2020، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار في متاجر التجزئة، فقد كان جزءًا كبيرًا من هذا الارتفاع مدعومًا بارتفاعات في أسعار الزيوت النباتية مثل زيت النخيل، وتجدر الإشارة إلى أن سلاسل الغذاء هي حلقة متصلة تؤثر في بعضها البعض، فالارتفاع في أسعار سلعة ما على العديد من السلع والصناعات الأخرى، فعلى سبيل المثال من المتوقع أن يؤثر الارتفاع في أسعار القمح على المستوى العالمي على أسعار وكميات منتجات أخرى مثل: الحلويات، المخبوزات، المكرونة، الأعلاف، مشروبات الشعير. وأشار النائب إلى أن أزمة الغذاء العالمي تستتبع بالضرورة إعادة النظر بشأن السياسة الزراعية الحالية، ودعم الفلاحين من خلال إتاحة التمويل وتوفير مستلزمات الإنتاج بسعر ميسر والاستشارات المجانية، وتبني سياسة إحلال الإنتاج المحلي بالواردات من القمح، وزيادة التوعية الصحية (لأن معدل استهلاك الفرد المصري يزيد على ضعف معدل استهلاك الفرد على مستوى العالم)، والتوسع الرأسي والأفقي في زراعة المحاصيل الاستراتيجية، وتحسين جودة البذور والتقاوي، وشراء المحاصيل من الفلاحين بسعر مشجع، وتعزيز جهود ضبط الأسواق، وتوفير السلع (ولاسيما السلع الاستراتيجية) بأسعار مناسبة، ودراسة سبل تنويع مصادر السلع الغذائية الأساسية.