سكان منطقة "رابعة العدوية" يصرخون من احتشاد آلاف الإسلاميين منذ الثالث من يوليو الجاري، رافضين المغادرة حتي عودة محمد مرسي للحكم، وهم يرددون "إسلامية..إسلامية"، متناسين 33 مليون مصري خرجوا في ميادين وشوارع مصر للمطالبة بجلاء الإخوان المسلمين عن الحكم. المعركة الآن ليست بين مؤيدي المعزول ومعارضيه فقط، ولكن هناك طرف آخر في المعادلة، وهم هؤلاء الذين لم يبدوا رأيهم في تلك القضية. يقول (أ. ص) أحد قاطني شارع مصطفي النحاس: تحولت المنطقة من المناطق الراقية التي كثيرا ما كنا نجد فيها الاستجمام بعيدا عن الازدحام في وسط القاهرة إلى منطقة تتصف بالتكدس المروري، وتلال القمامة التي أغلقت مداخل العمارات، وكذلك المعتصمين انفسهم الذين أعطوا لأنفسهم الحق في بناء دورات مياه على غير أرضهم علاوة على أنها غير مطابقة للمعايير الصحية. أما عن المرور فأصبحنا نجد صعوبة بالغة في التحرك بسياراتنا، حتي إننا نضطر إلى تركها بعيدا عن محل سكننا، والتخوف من سرقتها، خاصة لما تمر به البلاد من انفلات أمني، فنتركها ونترجل، ومن هنا تبدأ رحلة العذاب حتي نصل إلى محل سكننا، ما بين لجان شعبية شكلتها جماعة الإخوان المسلمين، تسمح لنفسها بالكشف عن هويتنا وتفتيشنا تفتيشا ذاتيا مهينا لنا ولأولادنا ولنسائنا. (ع.ف) يقول: لا يوجد دين أنزله رب العزة يسمح بانتهاك حقوق أصحاب المكان لصالح هؤلاء لمجرد أنهم يتظاهرون، لا من أجل قضية وطن أو بلد ولكن لصالح شخيصات معينة وجماعة وجدت في السلطة الملاذ الوحيد لهم. والأزمة الثانية في عدم النظافة، فلا نقول إنهم لا يتركون القمامة ومخلفاتهم في أماكنها ولكنهم يجمعون القمامة ويتركونها في أماكن حتي تشكل تلالا تنبعث منها الروائح الكريهة والأمراض، خاصة ونحن في فصل الصيف. ويستكمل (ح. ع) معاناته مع الجماعة التي احتلت رابعة العدوية، قائلًا: "هم يبكي وهم يضحك"، فالجماعة من الواضح أنها اتخذت من المنطقة مسكنا دائما لهم، فأخذوا في بناء دورات المياه أسفل العمارات وما أدراك من تلك الدورات وما ينبعث منها من روائح وأمراض، فأصبحنا نعاني الويلات. كل هذا من الممكن تحمله، فقد عشنا سنوات عقب اندلاع الثورة في مثل تلك الأزمات إلا أن الأمر الذي لا يمكن احتماله هو أن نري أطفالنا يترسخ لديهم انطباع بأن أهل الدين ومن يتحدثون باسم الله هم سبب المعاناة والأزمة، فالأطفال يستيقظون مفزوعين في منتصف الليل، على أصوات الهتافات وعلي أصوات الألعاب النارية، وأحيانا يتطور الأمر إلى إطلاق الأعيرة النارية، والأزمة الأكبر حينما يري أبناؤنا متظاهري الجماعة يلقون القبض على معارضيهم ويقومون بالتعدي عليه فيري أطفالنا حرب الشوارع بين المصريين وبين الشيوخ ومن يلقبون أنفسهم بحماة الدين. وبعد تردد الأنباء بإصابة بعض معتصمى رابعة العدوية بالجرب نتيجة استمراراهم في الاعتصام فترة طويلة خاصة وأننا في فصل الصيف وارتفاع درجة الحرارة وقلة المياه وعدم النظافة الشخصية وتساعد التجمعات والازدحام الشديد على انتشار الأمراض الأمر الذي يؤدى إلى نقل هؤلاء المصابين للأمراض إلى ذويهم وأقاربهم وكل من يقترب منهم ويسهل انتشارها في المجتمع. وأكد عدد من الأطباء أن كثيرا من الأمراض منها الجرب والدرن والالتهاب الرئوى والتهاب الكبد الوبائي وانتشار الحشرات ومنها " البراغيث"، كلها أمراض من المحتمل أن يتعرض لها المعتصمون بنسبة كبيرة، وقال الدكتور عبد العاطى عبد العليم، رئيس الإدارة المركزية لشئون الطب الوقائي بوزارة الصحة، إن التجمعات البشرية خاصة في فصل الصيف خطيرة للغاية، وتؤدى للإصابة بأمراض الجهاز التنفسي والصدر، التي تنتج من الازدحام الشديد، والأمراض الناتجة عن عدم النظافة وعدم توافر دورات المياه بكمية كافية، مضيفا أنه أحيانا يحدث حالات تسمم غذائي والأمراض الجلدية كالجرب. وأوضح "عبد العاطى" أن إجراءات وزارة الصحة انحصرت فقط في الدفع بسيارات الإسعاف لنقل المصابين إلى المستشفيات، مستنكرا بشدة أن يستطيع الأطباء الدخول إلى أماكن الازدحام والاعتصامات لتوقيع الكشف الطبي على الناس ومعالجتهم واتخاذ الإجراءات الوقائية معهم. وتقول الدكتورة آيات عاطف، رئيس الإدارة المركزية للأمراض المتوطنة بوزارة الصحة، إن الأمراض الوبائية التي تنتشر بين الناس من خلال التجمعات شديدة الازدحام تنتقل من خلال الرذاذ، فضلا عن أمراض الفيروسات وانتشار الإنفلونزا والبرد. وأضافت أحيانا تكون أماكن التجمعات البشرية مكانا خصبا لتكاثر الحشرات مثل القمل والبراغيث التي تتنشر على جسم الإنسان مع عدم النظافة الشخصية وعدم الاغتسال باستمرار والأمراض الجلدية كالجرب والتينيا واستعمال أدوات الغير وملابسهم. وتقول الدكتورة سناء محمد، مدير عام الإدارة العامة للأمراض الصدرية بوزارة الصحة إن الاختلاط والازدحام بين البشر ينتج عنه أمراض صدرية، منها نزلات البرد والدرن المعدى الذي ينتقل من خلال الجهاز التنفسي وأمراض الجهاز الهضمى، ونتيجة عدم نظافة الطعام تساعد على الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي والتيفود والباراتيفود، وهي أمراض ناتجة عن التلامس واستخدام المكان الواحد. وتؤكد "سناء" أن الالتهاب الرئوى وأمراض الجهاز التنفسي كلها معدية تنتقل بين الناس بسرعة، وأن الإجراءات الوقائية هي التهوية الجيدة والنظافة المستمرة واتباع العادات الصحية السليمة وعدم التقبيل والأحضان والتلامس، والتقليل من الازدحام والبعد عن أماكن التجمعات البشرية خاصة في فصل الصيف. مشيرة إلى أنه في أماكن التجمعات "الناس تنام فوق بعضها على الأرض لعدة أيام متتالية"، فضلا عن الروائح الكريهة في ميادين الاعتصام والتجمعات وصعوبة التخلص من الفضلات وعدم تجديد الهواء ورائحة العرق، وأكدت الحرص على النظافة المستمرة لدورات المياه وغسيل الملابس حتى لا تنتشر الحشرات والفطريات والأمراض الجلدية.