فى خبر صغير على القناة الفضائية الهولندية المذاعة باللغة العربية: "إن سيارة الإسعاف التى يقودها أحد المسعفين وتحمل بداخلها مصابا لتحمله إلى أحد المشافى لعلاجه مما به انقلبت الأوضاع بداخلها عندما احتل المصاب مكان المسعف على عجلة القيادة، واحتل المسعف مكان المصاب، وذلك بعد أن اكتشف المصاب أن المسعف فى حالة مرضية خطيرة فقام بنقله إلى المستشفى لعلاجه مما أصابه". أعادنى هذا الخبر إلى المقارنة بما نحن فيه من حال فى مصر والتى تمضى بنا من سيئ إلى أسوأ مما كنا عليه قبل ثورة يناير التى قامت لإسقاط نظام مبارك فى ظل قيادة الدكتور محمد مرسى أحد رموز جماعة الإخوان والذى يشبه حاله حال المسعف الذى كان من المفروض عليه قيادة سيارة الإسعاف إلى المشفى فى أسرع وقت لعلاج المصاب وهو غالبية الشعب المصرى التى أعطته أصواتها فى انتخابات الرئاسة الأخيرة. ولكن فى الطريق إلى المستشفى اكتشف المصاب وهو ذلك الشعب الطيب أن المسعف والذى يجلس على عجلة القيادة داخل سيارة الإسعاف فى حالة مرضية أسوأ من التى كان عليها المصاب، ولذلك وبكل البراءة يحاول المصاب أن يستبدل مكانه مع المسعف فى محاولة لإنقاذ الموقف وتدارك المأزق الذى وقع فيه المصاب بالضبط كما حدث فى الخبر الصغير الذى أذاعته القناة القضائية الهولندية. المصيبة هنا وفى مصر المحروسة أن المسعف نفسه والذى تم اكتشاف أنه فى حالة مرضية خطيرة أسوأ من تلك التى يعانى منها المصاب الذى تحمله سيارة الإسعاف، يرفض أن يتخلى عن مكانه خلف عجلة القيادة للمصاب، ويصر على أنه فى خير حال ويطلب من المصاب أن يبقى مكانه حتى يتمكن من توصيله إلى المشفى لعلاجه فى الوقت المناسب. الشعب المصرى المصاب وهو يرى بعينيه حجم المصيبة التى يقوده إليها المسعف والذى يمكن أن يتخلى فجأة عن عجلة القيادة تحت تأثير إغماءة مفاجئة وسريعة، أو أن يدهس أحد المارة أو يدخل فى حادثة تصادم مع إحدى السيارات أو أكثر، أو أن يقفز بسيارة الإسعاف إلى داخل المحلات أو المنازل على الطريق أو أن يكسر الإشارة ويسقط من أعلى الكوبرى، أو أى شيء آخر يصر على إيقاف سيارة الإسعاف واستبدال الأماكن فى أسرع وقت. هنا يقوم المسعف بتوجيه مسدسه الذى كان يخفيه داخل كابينة السيارة ويطلب من المصاب الهدوء والبقاء فى مكانه وعدم التحرك وإلا فأنه -أى المسعف- سوف يطلق الرصاص على المصاب. السطور الثلاثة الأخيرة هى أفضل تعبير عما يحدث فى مصر فى الوقت الحالى، وتفسير الصراع الجارى بين الدكتور مرسى الرئيس المسعف والقيادى الإخوانى وبين الشعب المصرى المصاب والذى يرى أن مقتله على أيدى هذا المسعف المريض حتمى. سؤال إلى كل الاتجاهات الإسلامية والعلمانية ماذا تفعل لو كنت مكانى؟